لفت نظري كثيرا ماقد أعرب عنه وزير خارجية العراق عن إستعداد بلده للعب دور الوسيط للمساعدة في إيجاد حل للحرب في اليمن، خصوصا وإن هذا الامر يأتي بعد وساطات أخرى بين إيران والسعودية وكذلك مع مصر، ناهيك عن مساع أخرى من أجل تقريب وجهات النظر بين الولايات المتحدة الامريكية وإيران، ومن دون شك فإن من لا يعرف شيئا عن الاوضاع "المتهالكة" في العراق والذي صار كما يقول العراقيون "مكفخة" لبلدان المنطقة والعالم، فإنه يتصور بأن العراق قد أصبح آمنا ومستقرا وصفّر مشاكله وأزماته ليتجه لحل مشاكل بلدان المنطقة والعالم وذلك بعرض وساطاته الدبلوماسية المحنكة التي قد تبعث على الحسرة والالم عندما نتذكر الدبلوماسية العراقية الحدقة في العهد الملكي وبشكل خاص في عهد طيب الذكر نوري السعيد.

عروض الوساطة العراقية بمجملها وفي خطها العام لها قاسم مشترك وهي مصالح نظام الملالي في إيران، وهذا ليس بأمر غريب أو مثير للدهشة، فالعراق ومنذ إستفحال هيمنة ونفوذ جار السوء، صار بمثابة "باشكاتب" لدى بلاط الولي الفقيه ومهمته الاساسية القيام بالمهام التي يكلف بها بطرق مباشرة أو غير مباشرة من جانب هذا البلاط.

لست في صدد الدخول في تفاصيل ما جرى في السويد على يد ميليشياوي عراقي سابق "ومن يدري قد يكون لا يزال في الخدمة بطريقة وسلوب مختلف، ولاتنسوا التقية" وما تداعى عنه من آثار ونتائج، لكن فقط أريد أن أقول إنه لا توجد فتنة على خلفية دينية أو طائفية مثارة إلا وكان حصة الاسد فيها لجار السوء، وهذه الفتنة التي جعلت من السويد قاعدة لإنطلاقها لا يمكن أبدا عزلها عن قضية ذلك المسٶول الايراني السابق المحكوم في سجونها بتهمة مشاركته في مجزرة السجناء السياسيين في صيف عام 1988، خصوصا إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار إن ملالي إيران أكدوا عزمهم على التصدي لقضية هذا المحكوم بعد أن يحسموا قضية الارهابي الدبلوماسي أسدالله أسدي وقد حسم فعلا فجاء الدور على محكومهم الآخر في السويد.

لم يشهد العراق منذ تأسيسه كدولة حديثة في عام 1921، هجوما على سفارة بلد آخر وحرقه كما حدث مع السفارة السويدية، والتي نجم عنها قطع العلاقات مع السويد، علما بأن نظام الملالي الذي يعتبر مرشده الاعلى خامنئي بمثابة "ولي أمر المسلمين"، لم يقدم على هكذا إجراء "ولن يقدم أبدا" بل وحتى لمجرد التذكير إنه قد تم سحب فتوى قتل سلمان رشدي، لكن وكما نرى فإن "ولد الملحة" الذين جعلوا كل همهم في الدفاع المستميت عن كل ما يصب في مصلحة نظام الفتن والمصائب في طهران، يعرضون أنفسهم ومصالح بلدهم في خدمة ذلك القابع في جماران.

حقا إن ما يجري الان في العراق بمثابة تراجيكوميديا يبعث على السخرية والتهكم الى أبعد حد ممكن، خصوصا وإن الطبقة السياسية الحاكمة في العراق بمختلف إتجاهاتها وأطيافها تعيش أزمة متجذرة من كل النواحي وحتى إن الاوضاع تبدو وكأنها تسير بإتجاه طريق مسدود، في ظل هكذا وضع أقل ما يقال عنه مزر، هل يمكن النظر لهذه الوساطات "الماسخة" بغير إنها تصب في مصلحة جار السوء من جهة، وكذلك كعامل لإلهاء الشعب العراقي عن مجمل الاوضاع السلبية عموما وعن فشل النخب الحاكمة في قيادة العراق بما يضمن مصالحه العليا المستباحة علنا وخصوصا في مجال الحقول النفطية؟!