يعرفه الملوك و الرؤساء، وحاور الوزراء و كبار الساسة والمفكرين والمبدعين، وفي السنوات الخمس الأخيرة عرفه الدبلوماسيون والسفراء المبتعثون من كافة دول العالم إلى ابوظبي.

ولكن بداياته كانت مختلفة، ربما بدأت بعدما ذهب إلى افغانستان وهو في العشرينات من عمره، وهو من ألح على الذهاب و لم يستطع محبيه ان يعدلوه عن رأيه.
ألف كتاب عن تجربته في افغانستان، تحدث عن المجاهدين الأفغان و العرب امثاله من الذين لبوا دعوة الجهاد، وبأي فكر عاد هؤلاء الى دولهم.

الصحافة والكتابة كانت وسائله الاولى ثم انتقل إلى الإذاعة من خلال قناة mbc في السعودية، فأحب السعوديون صوته، ثم تابع مشواره ليخاطب الجمهور العربي بأسره، وانتقل للعيش في الإمارات وانطلق مع قناة العربية ليقدم برنامجه الشهير " إضاءات"

هناك اكثر من 250 حلقة من إضاءات، ولكن العبرة ليست بعدد الحلقات بل بمحتواها، ولعل ابرز ما يميز إضاءات هو تنوع الضيوف واختلاف مجالات تخصصهم و أشكال إبداعهم.
هذا التنوع في حوار الحلقات كان بمثابة فرصة ذهبية لمضيفهم، وكان تركي قادرا على خلق حوار تفاعلي مع ضيوفه، ولك ان تتخيل حجم المعرفة التي كانت تنهال عليه من المسؤولين و الموهوبين.

لكل منا حلقته المفضلة من إضاءات، و بالنسبة لي حلقات حوارتركي مع غازي القصيبي رحمه الله هي الأروع، والدروس التي بثها القصيبي لا تتقادم مع الزمن بل تزداد قيمة.
في 2016 كرّمته منظمة اليونسكو مع 6 شخصيات عالمية وحاز على جائزة " تغيير المفاهيم والتصورات ".

وتستمر الرحلة، ويتم اختيار تركي الدخيل سفيرا للملكة العربية السعودية في دولة الإمارات 2019- 2023، وعند نهاية خدمته منحه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله وسام زايد الثاني من الطبقة الأولى تقديراً للجهود التي بذلها خلال فترة عمله في الدولة ما أسهم في تطوير وتعزيز العلاقات الأخوية والتاريخية الراسخة بين البلدين الشقيقين في العديد من المجالات.

في الفترة الدبلوماسية كنت أقول له و نحن سفراء لبلدينا " انت يا بو عبدالله عندك اسهل مهمة مقارنة بكل سفراء العالم "، ليسأل نبرة لا تحمل الرضا " ليش انشاء الله ؟"، وقبل ان أجيبه تتسع حدقات عيونه ليقول لي بثقة " صدقت. كل الأبواب مفتوحة لي كسفير للسعودية في الإمارات، وكذلك كل القلوب ".

زارني تركي في برلين و جاءنا صديقنا المشترك عثمان العمير من لندن، وخلال العشاء في مطعم إسباني معروف في احدى أمسيات برلين الخريفية، سألت تركي " كيف تشعر بعد انتقالك من الاعلام إلى السلك الدبلوماسي؟ " فرد قائلا " هي مسؤولية اكبر بكثير فنحن السفراء لا نمثل انفسنا بل شعوبنا ومواقف حكوماتنا ".

اما الكتب التي الفها تركي فهي كثيرة، وله كتاب بلغة " برايل" للمكفوفين عنوانه " إنما نحن جوقة العميان"، وعندما سألته من أين جاءت فكرة الكتاب و ما معنى العنوان ؟ "، كانت إجابته هي " ذهبت إلى مطعم في باريس والمطعم مظلم تماما، لكي يصلك شعور المكفوفين ، وعليك ان تتلمس الشوكة والسكين و تتناول عشاءك وانت في ظلام دامس، أما العنوان فهو شطر لبيت شعر لنزار قباني في رثائه لطه حسين:
إرم نظارتيك ما أنت أعمى
إنما نحن جوقة العميان

معرفتي بتركي بدات في ابوظبي قبل حوالي 20 سنة، واتذكر لقاءه في قناة الامارات بعد وفاة أمه رحمها الله، وعندما جاء الحديث عن أمه تناثرت دموعه أمام المشاهدين، ومن صدق ونقاء اللحظة انقسم مشاهديه إلى قسمين، قسم بكى وقسم واساه.

عندما اختبر تركي الدخيل مؤخرا بعد مخالفته نظام السوق المالي في السعودية، لم يختبئ وراء شهرة او منصب، بل اعتذر على الملأ، وجاء رده واضحا مكتملا، وبكل صراحة وشجاعة.