أكد الفنان العراقي إياد الطائي أن التسويق هو ما ينقص الدراما العراقية لكي يتخطى نجومها حاجز المحلية إلى العربية، مؤكدًا أن مشاركة اربعة فنانين عرب في مسلسل (حفيظ) كان من اجل تسويقه عربيًا.


بغداد: أعرب الفنان اياد الطائي أن تجسيده شخصية (الشيخ راضي) في مسلسل (حفيظ)، كان متعبًا للغاية، لاسباب عديدة منها شخصية الشيخ (البركان الهادئ)، فضلًا عن حرارة الجو الصيفي وصعوبة اللهجة الجنوبية.

إلا انه استطاع أن يعطي للشخصية الكثير، مؤكدًا لـquot;إيلافquot; أن هذا العمل هو الوحيد الذي اشتغله هذا العام بسبب قلة الاعمال، بعد أن توقفت القنوات الفضائية العراقية عن انتاج الاعمال الدرامية بسبب توقف الدعم الاميركي الذي كان يقدم لها من اجل الانتاج الدرامي. واشار الطائي إلى أن احتجاجات الطائفة المندائية على المسلسل غير صحيحة، وأن العمل لم يسئ اليها مطلقًا بقدر ما أوضح علاقات اجتماعية عادية قائمة في مكان وزمان محددين.

في ما يأتي متن الحوار:

ما كان لديك على شاشة رمضان؟

ظهرت في مسلسلين، هما علي الوردي وحفيظ. قدمت في الاول شخصية علي الوردي في آخر خمس حلقات، يعني المرحلة الاخيرة من حياته، ثم مر العمل بمشاكل كثيرة، وكان من المفروض أن يعرض السنة الماضية، لكنه تأجل إلى هذه السنة بسبب الظروف.

وقد واجهت صعوبة في تجسيد الشخصية، لانك إن اخذت شخصية مقروءة ومعروفة وما زالت حاضرة عند الناس، وهناك عدد من اصدقائه ما زالوا على قيد الحياة، قد تخشى من مفردة كان يقولها ولم تقلها. والبعض يتصور أن التمثيل لا بد أن يأتي نسخة مطابقة للشخصية الممثلة، وهذا لا يمكن. لا بد للممثل أن يضفي عليها بعض الاشياء وبعض اللمسات. وانا حين قرأت بعض المصادر عنه لم تخبرنا كيف كان يتحرك، ولا كيف يتصرف في حياته. فتبقى كل المعلومات لديك ناقصة، الا اداءك للشخصية. وبما انني لم اشاهد الرجل عيانًا فقد اجتهدت في ادائي.

ما اعجبك في شخصية علي الوردي؟

هدوؤه وفهمه للمجتمع العراقي فهمًا اخر. فعندما يتعرض لمشكلة يحلها بطريقته وليس بالطريقة العراقية المعهودة التي هي سريعة جدًا واحيانًا تأتي من دون تفكير. اعجبني ايضا عمقه في تناول الاشياء، وبصراحة اعجبتني فيه اشياء كثيرة، فهو العلامة علي الوردي، وانا معجب به قبل أن أمثل شخصيته. وكانت المساحة الموكلة إلي قليلة، فعطائي كان في الحلقات الخمس الاخيرة، واحسست أن ما عندي اعطيته حقيقة، وبقي تقييم الجمهور والنقاد.

هدوء الدكتاتور

وماذا عن حفيظ؟

مسلسل حفيظ كتبه سعد هدابي واخرجه سامي جنادي، وكانت فيه مشاركة عربية لطيفة، وهو من الاعمال التي من المهم أن تأخذ حيزًا جيدًا، حالها حال الاعمال العربية. شخصيتي فيه كانت الشيخ راضي، شيخ عشيرة، هو ترميز لحفيظ الذي هو يشان، او مكان اثري فيه اثار سومرية وكنوز.

هذا الشيخ قام بتنصيب نفسه كوكيل على هذا المكان وبمثابة المشرف عليه، ومن خلال الاحداث يكتشف المشاهد أن حفيظ هو الشيخ راضي لأنه الذي يقوم بكل الاعمال التي تحدث هناك مثل اختفاء منقبين اثاريين، كما تحدث اختفاءات في القرية ولا احد يعرف سببها، فهو يتحكم بأمور كثيرة. والشيخ راضي يمثل نوعًا من الدكتاتورية المصغرة على تلك القرية، بمعنى انه رمز من رموز الدكتاتورية وعنده اساليبه المختلفة في التعاطي مع القرية.

كيف تعاملت مع قسوة الشيخ؟

الله سبحانه اعطاني موهبة التمثيل، فمن الممكن أن اريك شيئا من القسوة ومن الممكن أن اريك حنانا ورأفة. وعمومًا، الشخصية فيها قسوة ولكنني سميته البركان الهادئ، بمعنى أن قسوته ليست مفضوحة. فلا تسمع منه صوتًا عاليًا ولا ترى انفعالا شديدًا بل انفعاله محسوب، فتحس قسوته بهدوئه.

كانت اللهجة جنوبية، فكيف استطعت التمكن منها؟

كانت اللهجة مشكلة كبيرة، خصوصا بالنسبة لنا اهل بغداد. كان معنا الشاعر الشعبي الشاب مظهر الزبيدي، وكان يتابعنا باللهجة. والرجل تعب معي كثيرًا، فكان يراقبني بكل صغيرة وكبيرة، واحيانا اقول له تجاوزها لأن المشهد لا يحتمل أن يعاد مرتين، أو المشهد فيه حوارات طويلة، وهذا التجاوز لم يكن الا قليلًا جدًا.

واعترف أن الزبيدي ساعدني كثيرًا وانا اشكره كثيرًا. على العموم اجهدني العمل من ناحيتين. الاولى أن الوقت لم يكن كافيًا لأقرأ بشكل جيد، لكنني استطعت أن اسيطر على الشخصية، والثانية أن اللهجة كانت مشكلة واتعبتني لكن مظهر الزبيدي كان شديدا معي في تطبيق اللهجة باعتباري اجسد الشخصية الرئيسة، فكنت احيانا اوقف التصوير بسبب حرف او كلمة، وتصبح هنالك صعوبة مزدوجة ما بين الاداء وبين الحوار، وهذه مشكلة حقيقية.

هل اثرت البيئة في ادائك للشخصية؟

تم التصوير في اهوار المشرح في محافظة ميسان. في الايام الاولى كان الجو مريحًا، لكن في ما بعد بدأت تظهر قسوة المكان مع اشتداد الحرارة، وراحت تظهر انواعا من الحشرات لم ارها في حياتي، حتى في ايام الجيش الذي خدمناه في اماكن بعيدة لم اشاهد هكذا حشرات. هناك حشرة بحجم الكف وكلها تطير، وهي بالملايين. وفي احد المشاهد التي عرضت على الشاشة في رمضان كان البق والفراشات وانواع كثيرة تقف على الفنان مهند هادي، وكان صبورًا كي ينهي المشهد.

التسويق عربيًا

قدمت عملين فقط، هل يرضي ذلك طموحك؟

الصحيح عمل واحد، كما قلت لك إن مسلسل علي الوردي كان جاهزا منذ السنة الماضية، ولم تكتمل بعض المشاهد لوجود مشاكل. لكن هذا الموسم لدي عمل واحد فقط هو حفيظ. والطموح ليس أن أؤدي شخصية صغيرة لمجرد أن تمثل، باعتبار انك قد وصلت إلى مكانة معينة، فلا بد أن تنال حقك وتنال شخصيتك وتأخذ اجرك، وهذا من حقك. فالمطروح لدينا قليل.

شارك في حفيظ نجوم عرب، كيف دعموا العمل؟

عندما تختار فنانًا عربيًا ونجمًا معروفًا فبالتأكيد عندك هدف آخر وهو التسويق. وانا اعتقد أن وجود ايمن زيدان ومرح جبر ونادين قدور وسامح الصريطي قدم اضافة واعطى رسالة امنية للعالم بأنه من الممكن العمل في العراق. من الممكن أن تكون لدينا حركة فنية على المستوى العربي والعالمي.

فسامح الصريطي كان يمثل شخصية اجنبية، فيما كان ايمن زيدان يجسد شخصية زميل سامح في الجامعة في لندن، وجاء إلى العراق ليبحث عن اسرار هناك. اما مرح جبر فكانت تمثل شخصية زوجة الصريطي، ونادين قدور مساعدة ايمن زيدان. ومشاركتهم كانت لفتة انتاجية لتغيير الخارطة. وهناك هدف نحو تسويق العمل لعدم وجود نجم لدينا من الممكن أن نسوقه إلى الخليج مثلا، لذا تم استخدام وجوه عربية.

هل كانت اجورهم مثل اجوركم؟

بالطبع لا، كان هناك فارق. الممثل العراقي يتقاضى اجرًا حسب اللوائح الموجودة في العراق، بينما القادمون لا يخضعون لهذه اللوائح. لذلك كان الفارق كبيرًا في الاجور لصالح الفنانين العرب طبعًا.

نال مسلسل (حفيظ) اعتراضا من الطائفية المندائية، ماذا تقول عن هذا؟

صار فهم خاطئ من بعض الاخوان، والمسلسل لم يكن قد انتهى بعد. فهم خاطئ بنوعية العلاقات الموجودة وشكلها، لكن عندما انتهى المسلسل كانت النهايات واضحة وكل شيء في محله. وانا اتساءل: ألا توجد علاقات حب بين المسلمين والمسيحيين والصابئة؟ الاعتراض كان في هذا الاتجاه ونوع العلاقات. وهناك من يقول لماذا لا يظهر الصابئي طبيبًا او مهندسًا، هذا ليس منطقًا، فأنا عندما اتناول شريحة معينة من المسلمين، ليس من الضرورة أن أهمش الآخرين.

أعمال قديمة

كيف وجدت الدراما العراقية خلال رمضان الماضي؟

فيها الجيد وفيها المتوسط وفيها الرديء. هناك تنوع ما بين الكوميدي والسيرة الذاتية، والمستوى نوعًا ما جيد. لكن قناة العراقية هذا الموسم كانت سيدة الشاشات باعتبارها حصلت على اعلى نسبة مشاهدة، لأن القنوات الاخرى توقف عنها التمويل الاميركي فابتعدت عن الانتاج الدرامي.

كانت كل قناة تأخذ خمسة ملايين دولار لكي تنتج اعمالًا درامية، لذلك قدمت كل قناة خلال هذا الموسم عملا قديما من الموسم الماضي. فنحن لا نعمل إن لم نتقدم حتى ولو نصف خطوة، وهناك خطى واضحة ولكن هناك اعمال يجب أن نؤشر عليها بأنها ليست بالمستوى اللائق لا تأليفًا ولا اخراجًا ولا تمثيلًا، ولا استطيع أن اسميها احتراما لزملاء عملوا فيها.

أريد منك أن تخبرني عن الملاحظة السلبية التي سجلتها على الدراما العراقية.

اتمنى أن لا يتم تناول المواضيع بشكل سطحي، وكأن الناس مغفلون وبسطاء ولا يفقهون شيئًا. وبالمناسبة، العراقي أكثر شخص ينتقد، واكثر انسان عينه مدربة على معرفة السيئ والجيد. فعندما لا يعجبه يقول ذلك بصراحة، واحيانًا يعاتبنا على سوء العمل وكأنني مسؤول عن الموضوع.

وفي الحقيقة انني غير مسؤول عن العمل الذي اشتغل فيه بقدر ما انا مسؤول عن دوري ومحيطي، والمسؤولية تتوزع على الممثل والمخرج والمساعد ومهندس الديكور والاضاءة وغير ذلك، فأحيانا الناس تقابلنا وتحاكمنا وكأننا مسؤولون عن كل شيء يظهر على الشاشة وهذه مشكلة. ومشكلتنا أيضًا عدم وجود تسويق. سعى المنتج نبيل طاهر في مسلسل (حفيظ) إلى تسويقه من خلال مشاركة النجوم العرب، وهذه حقيقة لا نخجل بها.