إيلاف من برلين:ضمن الأفلام العربية التي عرضت في مهرجان برلين السينمائي الدولي الشهر الماضي الفيلم اليمني "المرهقون" للمخرج عمرو جمال، والذي فاز بجائزة "Amnesty International Film Award" والتي تمنح للفيلم الأكثر تأثيراً في الجانب الإنساني من بين جميع أقسام المهرجان.

كما حصل الفيلم على ثاني أعلى نسبة تصويت في "جائزة الجمهور"؛ حيث صوّت أكثر من 22 ألف شخص من جمهور مسابقة بانوراما لهذه الجائزة. وأصبح "المرهقون"، أول فيلم يمني يعرض في مهرجان برلين السينمائي.

العمل يتناول قصة حقيقية لمعاناة أسرة في عدن عام 2019، جراء الآثار الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي عاشتها المدينة في ظل الحرب التي تشهدها اليمن منذ 2015.

إيلاف التقته على هامش المهرجان في دردشة سريعة للحديث عن كواليس وتفاصيل "المرهقون":

الفيلم مستوحى من قصة حقيقية، ما الذي جذبك لها تحديداً؟

القصة لصديق مقرب وعشت معه الكثير من التفاصيل، خاصة مع الانهيار الاقتصادي بعد الربيع العربي، الذي دفعه للتفكير في التخلص من طفله الوليد لعدم القدرة على توفير احتياجاته الأساسية مع باقي أخوته، لكنه تراجع عن الفكرة بوازع ديني ومجتمعي، إنما الهلع الذي رأيته بعيونهم والوجع بسبب الظرف السياسي والاقتصادي الذي يدفعهم للتفكير في ذلك، هذا الألم من الخوف والفقر جعلني اتساءل عما يمكن أن يقف الإنسان أمامه من خيارات صعبة وما يمكن أن يصل إليه بداعي الهروب من الألم والهلع.

كيف وصلت بآداء الأبطال بهذا الشكل الاحترافي، خاصة وأن كثير منهم يمثل للمرة الأولى ؟

بالفعل أغلبية الأبطال يمثلون لأول مرة أو شاركوا في أدوار بسيط في أعمال سابقة، لكن حاولت أن أخرج عن التقليدية، وقمت بعمل تجارب أداء واسعة وبروفات لشهور، للوصول إلى فريق العمل المناسب، وتم تصويره بالكامل في اليمن بمدينة عدن، وهذا كان تحد كبير وسط الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، واعتماد كثير من المشاهد على اسلوب الـ "long shots"، وهذا ما أدى إلى أن يأخذ التصوير فترة طويلة، خاصة بعد توقف الفيلم وتأجيله لعدة مرات بسبب المواجهات العسكرية بالبلاد أو اندلاع المظاهرات.

ما هي المراجع الفيلمية التي استندت إليها فيه؟

يحركنا دائما الشعور، فأنا دائما اتساءل كيف يجب أن يكون إيقاع العمل؟ وفي هذا الفيلم والذي يعد فيلمي الثاني، قررت أن أصنع السينما التي أحب أن أشاهدها، بعيدا عن إرضاء أحد أو أضع في بالي حدود أو نمط معين، وأنا محب لأفلام كثير من المخرجين مثل أعمال الياباني "كوريدا" والأميركي "وودي آلن"، وعربياً يوسف شاهين، الذي مهما اختلفت أو اتفقت معه، إلا أنه صاحب طموح كبير، وأقرب افلامه لقلبي هو "اسكندرية ليه"، كذلك شادي عبد السلام، الذي أعتقد أنه لو عاش أطول لكان أحد أهم مخرجي السينما العربية، فضلا عن داوود عبد السيد ومحمد خان.

هل كانت لديك تخوفات من أن يكون الفيلم يمني وأن يكون الإنتاج مشترك مع منتج سعودي، وأن يتم ربط ذلك سياسياً؟

هناك مشكلة في فهم طبيعة اليمن، فالبلد بها طبقات سياسية مختلفة، وهناك توجه إعلامي عالمي لترويج صورة معينة عنها، لكنني أرى أنه من الصعب تحجيم اليمن في تيار سياسي أو تحالف واحد، ومقياسي للأمور فني بحت، فأنا أتعامل مع فنانين في المقام الأول، وأنا قلت ذلك لو اتخذت الأمور من منظور سياسي فسيكون من الصعب تواجدي في مهرجان برلين لأن الغرب مثلا له دور فيما يحدث في اليمن وفي المنطقة بوجه عام، لكنني اتعامل مع الفن كفن بعيداً عن أي حيثيات أخرى.

ومن يركز في الفيلم سيجد السياسة في كل كادر لكن بطريقة غير مباشرة وبدون إقحام فج، فالفيلم يتناول الحياة الاجتماعية والظروف الاقتصادية وهما بالتبعية يتأثران بالظروف السياسية المحيطة، لذا فالسياسة تراها بعينك ضمن أحداث القصة الاجتماعية لكن دون التعرض لفصيل أو توجه سياسي معين.

ما هي خططك المستقبلية؟

هناك أكثر من فكرة أمامي لكن لا يزال هناك وقت للاختيار والتنفيذ، والتركيز بالأساس حالياً على الفيلم الحالي وسبل عرضه سواء في محافظات يمنية مختلفة أو خارج اليمن سواء في معارض عربية أو دولية.