كان العام 2010 من أكثر الأعوام مأساوية بسبب الكوارث الكثيرة والهائلة التي أصابت عدداً كبيراً من الدول في العالم.وقدر عدد القتلى نتيجة الكوارث الطبيعية بربع مليون شخص، بينما كانت الخسائر المادية تقارب 1.5 مليار دولار.


إعداد عبير جابر:يمكن إعتبار العام المنصرم 2010 من أكثر الأعوام دموية قياساً للكوارث الطبيعية والحوادث المأساوية ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الأشخاص حول العالم. فقدعمت الزلازل والبراكين والفيضانات والحرائق مناطق مختلفة من العالم مخلفة القتلى والمصابين والمتضررين، إضافة للخسائر المادية الهائلة.

وأعلنت شركة إعادة التأمين الألمانية quot;ميونيخ ريquot;، الإثنين لوكالة الصحافة الفرنسية أن الكوارث الطبيعية التي ضربت العالم في العام 2010 كانت مدمرة بشكل غير معهود، كما أنها تسببت بوقوع 295 ألف قتيل وكان نتيجتها خسائر مادية بقيمة 130 مليار دولار.

وأحصت quot;ميونيخ ريquot; لتي تعد أكبر شركة عالمية لإعادة التأمين وقوع 950 كارثة طبيعية في 2010 وهو رقم أكبر بكثير من معدلات الكوارث في السنوات الأخيرة الذي يبلغ 615 سنوياً. أما عدد الضحايا فكان أكبر بأربع مرات من معدل القتلى السنوي منذ 1980، الذي يبلغ 66 ألفاً في المعدل. أما خسائر هذه الكوارث فبلغت 130 مليار دولار مقابل 95 ملياراً كمعدل خسائر سنوي.

في المقابل، أشار تقرير لوكالة الأنباء الألمانية أن اقتصاد العالم تكبد خلال العام 2010 ما يعادل 222 مليار دولار نتيجة للكوارث التي تعرض لها العالم سواء كانت طبيعية أو من صنع البشر وهو ما يزيد على ثلاثة أمثال خسائر الكوارث في 2009 والتي كانت 63 مليار دولار. ووفقاً للأرقام التي رصدتها شركة إعادة التأمين السويسرية العملاقة quot;سويس ريquot; فإن صناعة التأمين في العالم دفعت تعويضات خلال العام 2010 قدرها 36 مليار دولار بزيادة نسبتها 34% عن تعويضات العام 2009.

وبحسب الشركة فإن حجم الخسائر البشرية نتيجة كوارث 2010 كان الأعلى منذ 1976 حيث بلغ 260 ألف قتيل مقابل 15 ألف قتيل فقط في كوارث 2009.

ويقول توماس هيس المحلل الاقتصادي في توماس ري أنه quot;في حين أن أكبر الحوادث تكلفة الناتجة عن الزلازل في تشيلي ونيوزيلندا والعواصف الشتوية في غرب أوروبا كانت مغطاة تأمينياً، فإن أحداث مثل زلزال هاييتي وفيضانات آسيا لم تكن تحظى بأي تغطية تقريباً. وكانت أكبر كارثة بالنسبة لشركات التأمين زلزال الصين الذي وقع في فبراير الماضي وكبد شركات التأمين حوالي 8 مليارات دولار وفقا للتقديرات الأوليةquot;. كما أن الخسائر الناجمة عن بعض الأحداث الأخرى كانت صعبة الحصر مثل الخسائر الناجمة عن سحابة الغبار البركاني الناتج عن ثورة بركان أيسلندا في أبريل الماضي وأدت إلى شلل حركة الطيران في غرب وشمال أوروبا لعدة أسابيع.


زلازل مدمرة

كان عام الماضي من أكثر الأعوام التي شهدت زلازل مدمرة، حيث إنطلق العام 2010 بكارثة طبيعية هائلة في 12 كانون الثاني يناير عندما ضرب زلزال مدمر بقوة 7 درجات على مقياس ريختر، تلاه آخر بقوة خمس درجات، جزيرة هايتي التي تعد من أفقر دول العالم، مما أدى إلى وقوع قرابة 250 ألف قتيل في بور أو برنس ومحيطها وتشريد أكثر من 1.3 ملايين هاييتي، وتضرر أكثر من 3 ملايين.

وحصد زلزال هاييتي النسبة الأكبر من الخسائر البشرية خلال العام 2010.

ولم يكد يمر شهر ونصف حتى ضرب زلزال أشد دولة تشيلي في 27 شباط فبراير، وبلغت قوته 8.8 درجات، وقد أدى إلى مقتل 520 شخصاً وتشريد مليونين وإحداث خسائر مادية كبيرة بقيمة 30 مليار دولار.

كما قتل 3000 شخص في الزلزال الذي ضرب إقليم شينغهاي في شمال غرب الصين في نيسان أبريل الماضي بقوة 7.1 درجة على مقياس ريختر، وأدى لمقتل حوالي ألفي شخص، وتسبب بتشرد حوالي 100 ألف، كما دمر أكثر من 15 ألف مبنى.

أما الزلزال الذي ضرب جزيرة مينتاواي أمام سواحل سومطرة بإندونيسيا في أكتوبر الماضي فتسبب بقتل أكثر من 500 شخص ناهيك عن الخسائر المادية.

براكين ورماد يغطي العالم

كان للبراكين أيضاً دورها في التسبب بالخسائر البشرية والمادية. ففي 14 نيسان أبريل من العام الماضي غطت سحابة هائلة من الرماد البركاني سماء أوروبا، بعد ثورة بركان ايافيول في أيسلندا. وقد تسبب الرماد البركاني بارتباك في حركة الملاحة الجوية، كما تعطلت حركة الطيران في مطارات فرنسا وبريطانيا وألمانيا، بسبب المخاطر التي مثلها الغبار البركاني، فتم إلغاء حوالي 100 ألف رحلة في أسبوع ما كبد القطاع خسائر بقيمة 1,8 ملايين دولار. واستمرت هذه السحابة حتى 24 أيار مايو. وقدر الإتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا) أن التعطل الناجم عن انبعاث الغبار البركاني يكبد شركات الطيران أكثر من 200 مليون دولار يومياً.

وفي نوفمبر الماضي تجددت ثورة بركان مونت ميرابي الذي يعد أنشط البراكين الأندونيسية في جزيرة جاوا.

وكان البركان دخل مرحلة جديدة من الثوران في 26 تشرين الاول اكتوبر، قبل أن يثور بشكل كبير مؤدياً لوقوع أكثر من مئة قتيل وقرابة المئتي مصاب بحروق وباختناق حيث غطت سحب الرماد التي وصل ارتفاعها الى اكثر من عشرة كيلومترات مدينة يوجياكارتا الكبيرة الواقعة على بعد 30 كلم من البركان.

حرائق وفيضانات وعواصف

وكان عام 2010 من الأعوام التي شهدت موجات حر في عدد من البلدان مثل روسيا حيث تسببت موجة الحر وحرائق الغابات التي ضربت روسيا في الصيف وخصوصاً شهري تموز يوليو وآب أغسطس، بوقوع 56 ألف قتيل، بينما أعلننت وكالة الأنباء الألمانية أن الرقم هو 15 ألف قتيل.

وفي مطلع كانون الأول ديسمبر، واجهت جبل الكرمل في إسرائيل، إضافة إلى جبال لبنان حرائق غابات اجتاحت مساحات واسعة من الأشجار والمزارع بالإضافة الى العديد من القرى والبلدات.

من جهة أخرى، وخلال الفترة من تموز يوليو إلى أيلول سبتمبر واجهت باكستان كارثة فيضانات تعتبر من أكثر الأحداث مأساوية في عام 2010. فقد غمرت الفيضانات خمس مساحة البلاد متسببة بمقتل أكثر من 1760 شخصاً وإلحاق الأضرار بنحو 20 مليون آخرين، بات أكثر من 8 ملايين منهم دون مأوى. وأدت الفيضانات إلى وقوع خسائر قدرت بحوالي 9,5 مليارات دولار.

بينما تسببت العاصفة سينتيا التي ضربت أوروبا الغربية في شباط فبراير إلى وقوع 65 قتيلا، بينما بلغت الخسائر 6,1 مليار دولار. كما كبدت الاعاصير الولايات المتحدة خسائر قيمتها 4,7 مليارات دولار.


الحل: الإنذار المبكر

في تقرير حديث شدد البنك الدولي والأمم المتحدة على أهمية الإجراءات الوقائية للحد من خسائر الكوارث الطبيعية التي سببت وفاة 3.3 مليون إنسان خلال الفترة من 1970 إلى 2008. وقال التقرير الذي يحمل عنوانquot; الأخطار الطبيعية والكوارث غير الطبيعية: اقتصاديات الوقاية الفعالةquot; إن الخسائر الناجمة عن الأخطار ذات الصلة بالطقس حتى بدون حساب تأثير التغييرات المناخية سوف تصل إلى 185 ملياردولار عام 2010. ويمكن أن تؤدي التغييرات المناخية إلى زيادة الخسائرالمتوقعة الناتجة عن الأعاصير فقط بمقدار 28 مليار دولار في حين أن الخسائر المقدرة حاليا تبلغ 68 مليار دولار. ويقول التقرير إن سبل الوقاية يمكن أن تكون فعالة حتى في الدول الفقيرة واستشهد بدولة بنغلاديش حيث ساهمت أنظمة الانذار المبكر والتقدم في مجال التنبؤ بالأحوال الجوية في الحد بدرجة كبيرة من حالات الوفيات الناجمة عن الأعاصير كل عام.


كوارث في الأجواء

كان العام المنصرم عاماً سيئاً في سجل الطيران المدني، حيث شهدت أشهره كافة حوادث مؤلمة. كما أن بعض أشهر النصف الأول من العام 2010، تخللته ثلاث حوادث مميتة دفعة واحدة.

واستهل العام بحادثة الطائرة الأثيوبية التي اعتبرت من بين أكثر كوارث الطائرات ضخامة التي شهدها لبنان في تاريخه. ففي 25 كانون الثاني يناير تحطمت طائرة الخطوط الجوية الاثيوبية بوينغ 737 بعد سقوطها في البحر بعيد اقلاعها من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت وعلى متنها 90 راكبا لقوا حتفهم جميعاً. وكانت الطائرة متجهة الى اديس ابابا حيث اختفت من على شاشات الرادار بعد حوالي خمس دقائق من اقلاعها.

وفي الفترة ذاتها من شهر يناير تحمطت طائرة ايرانية روسية الصنع من طراز تي يو 154 كانت تحمل 157 راكبا لدى هبوطها في مطار مشهد في شمال شرق ايران مما اسفر عن اصابة 20 شخصا على الاقل. وقد اشتعلت الطائرة التابعة لشركة تابان الخاصة للطيران لدى هبوطها في مطار مشهد. ولدى ايران نحو عشرة من هذه الطائرات التي صنعت في عهد الاتحاد السوفيتي من طراز توبوليف. وأعاقت العقوبات الامريكية المفروضة على ايران قدرتها على تحديث طائراتها الامريكية البالغة من العمر أكثر من 30 عاما، كما جعلت من الصعب حصول طهران على قطع الغيار الأوروبية أو الطائرات. وتعتمد ايران على الطائرات الروسية، وكثير منها طائرات ينتمي إلى الحقبة السوفيتية، التي أصبح من الصعب الحصول على قطع الغيار اللازمة لها منذ سقوط الاتحاد السوفيتي.

كما جرت بعد ذلك حادثة ارتطام الايرباص 330 التابعة لشركة طيران الأفريقية والمملوكة لليبيا، في أيار مايو والتي أيضا لم ينج أحد من ركابها الـ 103.

في حين كانت كارثة تحطم طائرة الرئيس البولندي ليخ كاتشينسكي الروسية الصنع فوق روسيا أكثر الحوادث الجوية غرابة وصدماً للأوساط الدولية، فيفترض أن تكون الطائرات الرئاسية أقل عرضة لمثل تلك الحوادث، بسبب ما يفترض أن تحتويه من تجهيزات قياسية واحتياطية. ووقع الحادث في نيسان أبريل إثر تحطم طائرة توبوليف 154 تنقل الرئيس البولندي وزوجته ماريا كاتشينسكا وعددا من المسؤولين السياسيين والعسكريين البولنديين، حيث تحطمت الطائرة عند محاولتها الهبوط في سمولنسك (غرب روسيا)، وقتل 96 شخصاً كانوا على متنها. وكان الوفد البولندي متجها لاحياء الذكري السبعين لمجزرة نفذت بأمر من ستالين بحق آلاف الضباط البولنديين الذين تمت تصفيتهم في كاتين.

وكانت كارثة الطائرة الهندية من أقسى الحوادث خلال العام الماضي، ففي 22 أيار أيار مايوتحطمت طائرة تابعة لشركة الطيران الهندية اير انديا وافدة من دبي عند هبوطها في مانغالور مما أدى لمقتل 158 شخصاً ونجاة ثمانية في أكثر حوادث الطائرات دموية خلال العام.

وفي تشرين الثاني نوفمبر، هبطت اضطراريا طائرة من طراز ايرباص آي380 تابعة لشركة الخطوط الجوية الاسترالية دون أن يلحق أي أذى بالركاب. وقد قررت شركة كانتاس الاسترالية إحدى شركات الطيران الخمس التي تستخدم طائرات ايه 380 وقف عمل الطائرات الست التي تملكها من هذا النوع لعطل في محركات إحدى طائراتها.

وبعد ساعات على هذا الحادث، أعلن عن تحطم طائرتين كوبية وباكستانية. كما قعت حوادث أقل خسارة في كل من فنزويلا والصين وتحمطت طائرتي شحن في دبي والرياض. إضافة إلى حوادث متفرقة في العالم.

إنتهى العام 2010 لكن ذكرياته الأليمة ستبقى في سجل التاريخ، لتذكر بأنه كان عاماً من أكثر الأعوام إيلاماً للبشرية.