يرى البروفيسور فرديناند دودنهوفر، مدير مركز ابحاث السيارات في المعهد العالي التخصصي في مدينة غيلزكيرشن أن السيارة الرفيقة بالبيئة مازالت حلما بعيدا.


اعتدال سلامه من برلين: اصرار المستهلك على وجوب حماية البيئة هو احد الاسباب التي تدفع مصانع السيارات في العالم للتوجه في انتاجها الى صنع محركات رفيقة بالبيئة وبجيب المستهلك ايضا. فالاعباء الناجمة عن نمو حركة النقل والمواصلات عبر الطرقات في مختلف انحاء العالم تزيد من نسبة التلوث الى درجة مقلقة. فنسبة الغازات العادمة المنبعثة من السيارات الشخصية والشاحنات تصل اليوم الى 14 في المائة من مجمل الغازات العادمة. ولا شك فان الانسان لن يتنازل على تحركه بشكل حر ايضا في المستقبل، فكيف ستتصرف مصانع السيارات لمواجهة هذا التحدي.

اسئلة كثيرة رد عليها البروفسور فرديناند دودنهوفر، مدير مركز ابحاث السيارات في المعهد العالي التخصصي في مدينة غيلزكيرشن، وذلك خلال لقاء له مع عدد من الصحفيين في برلين.
يقول البروفسور دودنهوفر سيبقى محرك الاحتراق حتى في عام 2020 هو التقنية المسيطرة على محركات السيارات، ولكنه سيكون مدعوما بتقنية انظمة quot; هوبرايدquot;. وسوف تواصل محركات البنزين والمازوت(الديزل) تمتعها بمستقبل باهر، ولكن هذا الفصل التام بين البنزين والمازوت لن يبقى على حاله. حيث يعكف مصممو المحركات في مصانع السيارات المختلفة اليوم على تصميم محركات تعمل بكلا المادتين، وتجمع بالتالي بين نظافة احتراق محركات البنزين والاستهلاك المنخفض لمحركات المازوت.

وعن تقنية دفع هوبرايد التي يعتبر الحل المثالي بالنسبة للمطالبين بحماية البيئة، قال البروفسور الالماني ما يجعل هذه التقنية مرغوبة انها قبل كل شيء الاقتصادية ولها قدرة على التوفير في الاستهلاك خلال التنقل داخل المدينة. حيث يمكن لمحركات هوبرايد تحقيق التوفير من خلال طاقة المكابح التي تستخدم لاعادة شحن البطاريات كهربائيا، وتتم تغذية المحرك الكهربائي من هذه الطاقة المكتسبة، الامر الذي يؤدي الى تخفيض كبير في استهلاك الوقود، وبالتالي الى تخفيض كبير في كميات كافة انواع الغازات العادمة الناجمة عن حركة النقل في شوارع المدن.

ولكن مع الاخذ باعتبار حركة النقل خارج المدن وعلى الطرقات السريعة، فان المازوت يبقى تقريبا الوسيلة الافضل بلا منازع. كما وان مشكلة محركات هوبرايد تكمن في التكلفة والوزن الكبير للسيارة الذي يشكل عبئا على المحرك. فالى جانب المحرك الكهربائي تحتاج السيارة الى مجموعة من البطاريات العالية التكلفة، وهذه هي الاسباب التي تعرقل حاليا الانفراج الكبير على هذا الصعيد، وارقام المبيعات تعبر عن ذلك، ففي الوقت الذي بيع فيه العام الماضي ما يقارب من 75 مليون سيارة في كل انحاء العالم، لم يتجاوز عدد السيارات المباعة المزودة بتقينات هوبرايد ال480 الف سيارة.

مع ذلك فان دودنهوفر على ثقة في ان تشهد محركات هوبرايد تطورا كبيرا في المستقبل، فشركة بي ام دبليو تنتج حاليا سيارة مزودة بتقنية هوبرايد صغيرة، وبهذه الطريقة يمكن اكتساب الطاقة مجددا من خلال عملية الدفع بحد ذاتها وما يعرف بسلسلة الانطلاق والتوقف. فبمجرد الوقوف عند اشارة مرور والضغط على دواسة التغيير ينطفئ المحرك، وعند الضغط مجددا عليها يدور المحرك تلقائيا، وهذه الطريقة تقود الى تقليص انبعاثات ثاني اكسيد الكربون الضار بالبيئة بمعدل 5 في المائة، وذلك باستخدام تقنيات بسيطة وغير مكلفة الى حد ما.

وعن التطورات التي يراها على المدى البعيد لصناعة السيارات يقول لا بد انه سيكون مثاليا ان تتمكن المصانع من تحقيق حلم السيارات العاملة بخلايا المواد العضوية، عندها يمكن حل كافة مشكلات البيئة في وقت واحد، ولكنه لا يرى حتى الان نجاحات كبيرة على هذا الصعيد وقد لا يتحقق ذلك قبل عام 2025.

فرغم ان المنتجين يعلنون منذ سنوات عن السيارة التي لا تنفث اية غازات عادمة، الا ان مثل هذا الطرازات من السيارات تحتاج الى الهيدروجين،وهو بدوره يمكن الحصول عليه من المصادر التقليدية للطاقة، لكن هذا امر غير جيد للبيئة. كما يمكن الحصول عليها من الطاقة الذرية او من مصادر الطاقة المتجددة، بالاضافة الى ذلك يجب تعديل البنية التحتية لمحطات الوقود بالكامل، وهي كلها خطوات مازالت تتطلب الكثير من الوقت، لذا لا بد من الانتظار بعض الوقت، ولهذا فانه من غير المنطقي القيام اليوم بانتاج اية سلسلة او موديلات من السيارات التي تسير بالوقود العضوي، فالعالم يحتاج الى فترة طويلة لتحقيق هذه الخطوات. لكن ربما قد يسهم الاهتمام العالمي بمسألة البيئة وحماية المناخ بتسريع هذه العملية الانتقالية. ففي اوربا تتزايد اليوم الضغوط السياسية على منتجي السيارات.وحسب خطط الاتحاد الاوروبي سيتوجب على كل سيارة سيتم الترخيص لها لدى المنتج اعتبارا من عام 2012 ان لا تتسبب في نفث اكثر من 130 غرام من غاز ثاني اكسيد الكربون لكل كلم واحد تسيره.

وبرأي البروفسور دودنهوفر هذا هدف يمكن تحقيقه، فالفارق المطلوب ليس كبيرا، فاليوم يقدر متوسط النفث من هذا الغاز ب160 غرام لكل كلم، ولكن السيارة ستصبح اغلى بسبب هذه التقنيات المتطورة والمعقدة، والزبائن ليسوا على استعداد لدفع المزيد، وقد اثبت ذلك فشل سيارات quot; 3 ليترquot; التي صنعتها شركة فولغسفاغن. لهذا يتوجب توفر حافز ما، يشجع على شراء السيارات الاقتصادية التي توفر في استهلاك الوقود،كفرض ضريبة على غاز ثاني اكسيد الكربون على سبيل المثال، فلماذا لا يتوجب على الذين يتسببون في ارتفاع نسبة الغازات العادمة عدم دفع اكثر؟ ان افضل نظام يمكن العمل به هو المتاجرة بغاز ثاني اكسيد الكربون، اي على كل منتج سيارة تحقيق الهدف في عدم تجاوز كمية هذا الغاز بمعدل 130 غرام لكل كلم، والمنتج الذي يحقق الهدف بشكل افضل، يمكنه بيع حصص كميات ثاني اكسيد الكربون التي يوفرها لمنتج سيارات اخرى ويمكنه خفض سعر سيارته. فهذه الطريقة يمكنها ان تخفض سعر السيارة الصغيرة مثل سيارة سمارت بمقدار 680 يورو تقريبا، بينما يرتفع سعر سيارات اخرى كسيارة بورش مثلا بمقدار 8000 يورو كحد متوسط. فسيارة سمارت من حيث النظافة هي الافضل وتصل كمية غاز ثاني اكسيد الكربون في كل كلم الى 88 غراما، كما وان محركها يعمل على المازوت.