طلال سلامة من روما: اكتشف فريق من العلماء، بقيادة مجموعة من الباحثين الإيطاليين، من معهد (Ifom) للأنكولوجيا(دراسة علم الأورام) الجزيئية وجامعة ميلانو شمال ايطاليا، بروتين يحمي الحمض النووي من التغيرات التي تولٌد السرطان، ما يبعد تراكم التأثيرات الشاذة على الشيفرة الجينية، أثناء انقسام الخلية quot;الأمquot; الى عدة خلايا quot;أولادquot;، التي قد تمهد الطريق لنمو الأورام الخبيثة.

ويعمل البروتين الجديد، الذي يحمل اسم quot;سوموquot; (Sumo) أو (Small Ubiquitin-like Modifier) ، كما العامل الميكانيكي. وكل يوم، يتكدس في كل خلية من خلايا الجسم، عن طريق الخطأ، ما بين ألف ومليون عطب على المستوى الجزيئي. وإذا طالت هذه التغيرات الجزيئية أي جين متورط في تطوير السرطان عندئذ لا بد من الجسم أن يتوقع لاحقاً مفاجآت غير سارة ومفعولات صحية سلبية في غاية الخطورة. هنا، تدخل في الحلبة، لاستباق الخطر، بروتينات quot;سوموquot; الحارسة التي ترافق الحمض النووي (Dna) بحثاً عن الأضرار والتغيرات لتصليحها.

وبمساعدة مجموعة من الإنزيمات، ينجح البروتين quot;سوموquot; في منع الخلايا التي تحوي الحمض النووي quot;المتضررquot; من التكاثر. وإلا فإن هذه الخلايا ستسبب أمراضاً خطرة، كما الأورام والانبثاث(انتقال علة الداء أو العامل المسبب له من مقره الأساسي الى جزء آخر من الجسم كما في السرطان). وأطلق على ظاهرة تصليح الحمض النووي اسم (Sumolation). وقد يؤول الاكتشاف الجديد الى تطبيقات مثيرة في البيئة العلاجية. فاليوم، حدد العلماء هدفاً علاجياً جديداً يمكن تسخيره مستقبلاً لمكافحة الأورام.

هذا ويحدث في الخلايا السرطانية إفراط في ظاهرة تدعى quot;إعادة تركيبquot; الحمض النووي. فعند انشطار خلية ما(الخلية quot;الأمquot;) لتكوين خليتين جديدتين، تختلط الجينات بعضها ببعض ثم تنتقل إلى الحمض النووي للخليتين الجديدتين مشكلةً تركيبات وراثية تختلف عن الخلية quot;الأمquot;. وعملية quot;إعادة التركيبquot; هذه طبيعية بحد ذاتها، وهي التي تسمح للأولاد بأن يكونوا مختلفين عن الآباء. لكن إذا ما أفرطت الخلايا في إعادة تركيبها على نحو quot;شاذquot; فقد يؤدي ذلك إلى تكوين حمض نووي quot;مضطربquot; داخل خلايا تالفة تتكاثر لتغذية الورم.

إن التغيرات في الجينات المرتبطة بالبروتين quot;سوموquot; وإنزيماته تؤدي إلى تراكم طبقات كروموسومية غير طبيعية على الحمض النووي، ما يمنع عملية التكاثر الطبيعية للشيفرة الجينية. على سبيل المثال، دعونا نفكر بطريق مغلق بسبب سيارة معطلة. إن لم يعد المرور إلى انسيابيته بسرعة، ستتراكم بقية السيارات مختلقة حاجزاً يعرقل السير بأكمله. وهذا تماماً ما يحدث للخلايا عند توقف عملية إعادة تصليح الحمض النووي حيث يتراكم الضرر وينتشر.

وسيعطي الاكتشاف أملاً جديداً في تطوير طرائق علاجية ذكية. فالتغيرات الجزيئية هي الأهداف التي ستوجه ضدها الأدوية المختبئة في فوهة العلاج المستقبلي لسحق السرطان من جذوره.