أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: إذا كانت بعض الأمراض، كارتفاع ضغط الدم والسكري، يطلق عليهما الآن quot;أمراض العصرquot;، فإن quot;النفسquot; البشرية هي الأكثر رقة في التأثير بما يكتنف الإنسان في حياته من متاعب تحت تأثيرات ضغوط العصر. وتبقى الحقيقية الكبرى أن الأمراض النفسية هي الأوسع انتشارا في المجتمع الإنساني، وهي الأخطر أيضا، لأن معرفتها والإقرار بوجودها يتصل بثقافة الفرد والمجتمع وارتباطها ببيئة الإنسان وواقعة الاقتصادي وعلائقه الاجتماعية والعاطفية.
ففي المغرب، كشفت دراسة أنجزتها وزارة الصحة، بدعم من المنظمة العالمية للصحة، 48.9 في المائة من المغاربة المستجوبين، والذين تبلغ أعمارهم خمس عشرة سنة فما فوق، عانوا، على الأقل، مرة واحدة في حياتهم من اضطرابات نفسية.
وذكرت نتائج الدراسة، التي قدمت أمس الخميس بالرباط، أن نسبة 26.5 في المائة من المستجوبين يعانون من فترة اكتئاب في الوقت الذي خضعوا فيه للاستجواب.
كما سجلت الدراسة أن نسبة التأثير الذي تمارسه الاضطرابات العقلية على حياة الشخص بكاملها تمثل 5.6 في المائة، وتشمل هذه الوتيرة كل الأعراض النفسية، بما في ذلك أعراض الشيزوفرينيا، التي تتراوح نسبة تأثيرها على حياة الشخص ما بين 0.7 و1 في المائة في جميع المجتمعات، حسب معطيات المنظمة العالمية للصحة.
وأشارت الدراسة، التي أنجزت على شريحة من المواطنين من الجنسين يقدر عددهم بحوالي 6000 شخص، إلى أن نسبة الاستهلاك المفرط للكحول في المغرب تبلغ 2 في المائة، في حين تصل نسبة المدمنين عليه 1.4 في المائة.
وتؤكد هذه الأرقام، التي تشمل عينة يفوق معدلها العمري 15 سنة وتقطن في الوسطين القروي والحضري بمختلف مدن المملكة، أن نسبة استهلاك وإدمان الكحول في المغرب تبقى منخفضة، مقارنة مع البلدان الأوربية.
وقال الشيخ بيد الله، وزير الصحة، إن نتائج الدراسة تمكن الحكومة من التخطيط للمبادرات المقبلة على أساس معطيات ملموسة ودقيقة، مضيفا أن quot;الخطة من شأنها أن تسهم في إدماج الصحة النفسية في الممارسة اليومية للعمل الطبي، ومحاربة الأحكام المسبقة والمدينة لشريحة المرضى النفسيين ومعالجة الخلل المرصود في العلاج النفسي، والتركيز على الوقايةquot;.
واعتبر المسؤول الحكومي، في تصريح له بمناسبة تقديم الخطة الوطنية الجديدة للصحة النفسية ومكافحة الإدمان على المخدرات، أن ظاهرة استهلاك المخدرات في المغرب، تهم شرائح المراهقين والشباب، أساسا، مشيرا إلى أن وتيرة الاستهلاك تنتقل من المخدرات التقليدية، كالقنب الهندي والأقراص المهلوسة، أساسا، إلى الإدمان على الكحول واستهلاك المخدرات الأكثر خطورة كالكوكايين والهيرويين، وخاصة في المدن الكبرى.
وذكر المسؤول الحكومي أن المملكة تتوفر حاليا على 300 طبيب نفسي في القطاعين العام والخاص، عوض طبيبين فقط سنة 1970، كما يتوفر على 2000 سرير موزعة على مختلف المدن المغربية.
من جهتها، قدرت مصادر طبية عدد المصابين بهذا النوع من المرض بحوالي 1.5 مليون شخص, 300 ألف منهم يعانون من مرض انفصام الشخصية.
وتوضح إحصائيات المنظمة العالمية للصحة أن 1 في المائة من مجمل سكان المملكة المغربية (300 ألف شخص) مصابون بمرض انفصام الشخصية, منهم ما بين 40 و50 ألف مريض في الدار البيضاء وحدها، ليس لهم إلا 200 سرير فقط.
فيما تظهر إحصائيات وزارة الصحة أن عدد الأسرة المخصصة لهؤلاء المرضى بالمملكة يبلغ نحو 1934 سريرا، أي بمعدل 0.8 سرير لكل عشرة آلاف مواطن, وهو ما ينخفض بكثير عن المعدل العالمي الذي يتحدد في 4.5 أسرّة لكل عشرة آلاف نسمة.
وتبرز الإحصائيات أن من بين 1943 سريرا يتركز 1396 في سبعة أقاليم، في حين أن الأخرى لا تتوفر على أي بنية تحتية للمرضى النفسيين.
وفيما يتعلق بالأطباء, فإنه لا يوجد سوى 124 طبيبا نفسانيا من بين 6160 طبيبا في وزارة الصحة, فيما لا يوجد سوى 76 مختصا في الأمراض النفسية بين 6795 طبيبا في القطاع الخاص.
- آخر تحديث :
التعليقات