إيلاف من القاهرة: قد لا يكون هناك منتخب في إفريقيا لم يحصل على ألقاب قارية تتناسب مع مكانته الكروية الكبيرة أكثر من المنتخب المغربي، فالكرة المغربية تشتهر بمهاراتها وجاذبيتها الخاصة "فطرياً وتاريخياً"، وشغف الجماهير المغربية ليس لها مثيلاً، وتوهج نجوم المغرب عالمياً على مدار التاريخ لا يمكن تجاهله، فضلاً عن امتلاك المغرب البنية الرياضية القوية، والاهتمام الملكي قبل كل ذلك، وعلى الرغم من كل هذه المقومات الكبيرة، فاز المنتخب المغربي بلقب واحد لبطولة أمم افريقيا منذ نصف قرن تقريباً.

وتنطلق بطولة كأس الأمم الافريقية، اليوم الأحد، حيث يأمل منتخب المغرب الذي يمثل البلد المضيف في التتويج بلقبه الثاني في البطولة، منذ آخر فوز لهم بالكأس في إثيوبيا عام 1976، ونادراً ما اقترب «أسود أطلس» من تكرار هذا الإنجاز، حيث حلّ المغرب وصيفاً مرة واحدة، عقب خسارة المباراة النهائية أمام تونس في رادس عام 2004، بجانب مرة واحدة احتل فيها المركز الثالث في «نسخة 1980» بنيجيريا.

لكن تبدو الظروف مواتية تماماً هذه المرة لفوز «أسود الأطلس» بكأس الأمم الأفريقية 2025، حيث يتصدر جميع التوقعات للفوز باللقب الثاني تاريخياً، ولا يوجد هناك من يعارض ترشح المغرب للمجد القاري، وإن بقيت كرة القدم لعبة المفاجآت في بعض الأحيان.

بل لا توجد أسباب للتشكيك في فرص المغرب للفوز بكأس الأمم الأفريقية 2025، وفي عام 2022، صنع التاريخ بوصفه أول منتخب أفريقي يصل إلى نصف نهائي كأس العالم، وهو إنجاز غيّر نظرة العالم إلى كرة القدم الأفريقية، وبعد 3 سنوات، لا يزال المغرب ضمن نخبة المنتخبات العالمية، حيث يحتل المركز الحادي عشر في تصنيف «الفيفا»، متقدماً على منتخبات عريقة مثل المكسيك وكولومبيا وإيطاليا، وانعكس هذا الثبات بشكل مباشر على أرض الملعب.

حتى بصفته الدولة المضيفة للبطولة، خاض المغرب غمار التصفيات، وسيطر عليها تماماً، محققاً 6 انتصارات من 6 مباريات، مسجلاً 26 هدفاً ومستقبلاً هدفين فقط، وامتدت هذه الهيمنة نفسها إلى تصفيات كأس العالم 2026، حيث حقق 8 انتصارات من أصل 8 مباريات، مسجلاً 22 هدفاً ومستقبلاً هدفين فقط. ولم يقترب أي منتخب أفريقي آخر من بلوغ هذا المستوى.

ويُعد إبراهيم دياز، لاعب ريال مدريد، محور الهجوم، حيث أسهمت إبداعاته في رفع مستوى الفريق في الثلث الهجومي الأخير، وإلى جانب دياز، ينبغي على المشجعين مراقبة إلياس بن صغير، صانع الألعاب الشاب الموهوب من باير ليفركوزن، الذي تضفي موهبته ورؤيته بعداً جديداً غير متوقع على فريق خطير بالفعل.

وإذا لم تكن الأرقام والمواهب كافية، فستقام بطولة كأس الأمم الأفريقية 2025 على الأراضي المغربية، يشكّل عامل الأرض المضيفة ضغطاً، ولكنه قد يغير مجرى البطولة أيضاً، ويعد مشوار كوت ديفوار المذهل في كأس الأمم الأفريقية 2023 خير دليل على ذلك، حيث نجح أصحاب الأرض في تجاوز دور المجموعات، وتغيير مدربيهم في منتصف البطولة، ومع ذلك رفعوا الكأس رغم كل الصعاب.

ومع ذلك كانت بطولة كأس الأمم الأفريقية 2023 بمثابة تذكير بأن لا شيء مضمون، وأُقصي المغرب على يد جنوب أفريقيا في دور الـ 16، وهي نتيجة صادمة لا تزال تذكر «عبرة»، وتملك فرق مثل مصر والسنغال ونيجيريا والكاميرون المواهب اللازمة لتحقيق مفاجأة مماثلة في مباراة إقصائية، ولكن لا شك في أن ذلك سيكون مفاجأة كبيرة. ففي الوضع الراهن، المغرب هو الأوفر حظاً وبقية الفرق بعيدة عنه، إلى حد أن هناك قناعات في الشارع الكروي الافريقي والعالمي أن منتخب المغرب تم تتويجه فعلياً باللقب حت قبل ضربة البداية.

كما يتصدر المنتخب المغربي قائمة المنتخبات الأغلى في القارة السمراء، المشاركة في نهائيات كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، حيث تبلغ القيمة السوقية لـ «أسود الأطلس» 436 مليون يورو، وفق موقع «ترانسفير ماركت».