أوهام القوة فى كبسولات بعضها مميت:
هوس الفيتامينات يجتاح العالم!


د.سمير محمود: ما بين بيزنس إنتاجها وهوس استهلاكها تحيا سوق الفيتامينات وتعيش على آمال ملايين البشر الباحثين عن حياة أطول وبلا أمراض، والامر يذكّر بعبارة ان الدواء فيه سم قاتل وشهدت وسائل الاعلام المختلفة على مدى الاسابيع القليلة الماضية جدلًا عنيفًا بعد نشر نتائج دراسات طبية مهمة اتفقت في مجملها على التحذير من الإفراط في تناول الفيتامينات، وتحذير الجماهير من الاستخدام العشوائي لها، وهي الإشارات التحذيرية التي وضعت سقفاً لآمال المخدوعين في القدرة السحرية للفيتامينات على مواجهة الأمراض ودحرها في الحرب غير المقدسة بين شركات إنتاج الفيتامينات والرغبة الإنسانية في البقاء فترة أطول بصحة ولياقة أفضل.
التقارير الطبية والدراسات العلمية المحكمة التي شهدتها ونفذتها جمعيات علمية وطبية مرموقة، منها دراسة بريطانية جديدة أكدت أنه لا يوجد دليل على أن تناول مضادات الأكسدة مثل فيتامين إيه وإي يطيل العمر بل إن بعضها قد يكون مضرا. وذكرت الدراسة ان مراجعة 67 دراسة شملت 230 ألف شخص ما بين مرضى وأصحاء توصلت إلى أنه لا يوجد دليل مقنع على أن هذه الفيتامينات تقلص خطر الموت. بل على العكس بعضها مثل فيتامين إيه وفيتامين إي وبيتاكاروتين يزيد خطر الموت .
وإذا كانت هيئة الأغذية في بريطانيا قد رفضت هذه النتائج قائلة إن هذه الفيتامينات مهمة للصحة العامة.فانه وعلى الجانب الآخر من العالم حذرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية جمهورها من الإفراط في تناول الفيتامينات وطلبت من الجمهور تبليغها بأي آثار جانبية تصيبهم جراء تناول حبوب مجموعة الفيتامينات والمعادن، وفي مصر دار جدل علمي مماثل بين أساتذة الطب والمناعة وعلوم وتكنولوجيا التغذية والصيدلة حول جدوى تناول الفيتامينات، والحصيلة تنقلهاquot; إيلافquot; في التقرير التالي.

خرافة العلاج!

علماء من جامعة أوتاغو في نيوزيلندا أكدوا عدم جدوى تناول مجموعة فيتامينات بي والفوليت في وقف الإصابة بالخرف لدى المتقدمين في العمر، الدكتور عز الدين الدنشارى أستاذ الفارمكولوجي في كلية الصيدلة جامعة عين شمس المصرية يقول لإيلاف: المشكلة ليست في تصديق نتائج الدراسة أو تكذيبها ، فهذا الكلام ليس بجديد وسبق وحذرنا من الإفراط في تناول الفيتامينات بشكل عشوائي حتى لاتتسببفي إحداث تسمم ومضاعفات مميتة ، المشكلة في مافيا إنتاج الفيتامينات وحملاتها الإعلانية والإعلامية التسويقية التي تقدر بمليارات الجنيهات والتي تروج الوهم وتضمن تصديقه على نطاق جماهيري واسع ، لذا أصبح من الشائع ليس في الثقافة المصرية وحدها بل في ثقافات بلدان عديدة إن الفيتامينات تطيل العمر وتؤخر الشيخوخة وتكسب الجهاز المناعي قوة وصلابة وهذا كلام عام وغير علمي وغير دقيق يحتاج إلى المزيد من الضبط والمراجعة .

وهم الفيتامينات

للأسف ساهم بعض الأطباء في ترويج وهم الفيتامينات ، حتى الأسر الفقير التي لم تتحصل على الحد الأدنى من العلم والتعليم ما إن يسقط احد أفرادها مريضا او طريح الفراش ، إلا ونجدها تبادر لتطالب الطبيب المعالج بكتابة ووصف بعض الفيتامينات والمقويات لهذا الابن quot; الضعيف الهفتانquot; على حد قولهم ، بهذه الكلمات تحدث الدكتور عاصم محمد إسماعيل أستاذ التحاليل والمناعة بطب الزقازيق محذرا مما اسمه أوهام القوة في كبسولة فيتامين .
تحذيرات الأطباء ومن قبلها الدراسات العلمية المحكمة تثير عشرات الأسئلة حول ضوابط إنتاج وتداول واستهلاك الفيتامينات عالميا ، ومدى الخطورة التي يمثلها هذا الوضع والحاجة إلى التقنين الطبي لتناول الفيتامينات على وجه الخصوص.وحول من له الحق في وصف الفيتامينات ولأي مريض ولأي سن وجنس وأي الأمراض التي يستأهل أصحابها الحصول على الفيتامينات وبأي جرعات وهل يستوي الأمر بين المرضى مقارنة بالأصحاء وبين مرضى القلب والسكر والسرطان والزهايمر مقارنة بمن يبحثون عن بشرة أكثر نضارة ووجه أكثر اشراقًا ،وبين النساء الحوامل مقارنة بغير الحوامل وبين الإناث والذكور؟ أسئلة عديدة تحمل السطور التالية بعضا من إجابتها.

بين الماء والدهون!

سألنا الدكتور خالد محمد أبو شنب أستاذ الميكروبيولوجيا والمناعة في كلية الصيدلة في جامعة عين شمس : كيف نستدل على أن الجسم يفتقر لأحد الفيتامينات أو ما هي أعراض مرض نقص الفيتامينات ( vitamin deficiency)؟
فأجاب : في البداية أحب أن أوضح أن هناك نوعين من الفيتامينات, فيتامينات ذائبة في الدهون وفيتامينات مائية لا تذوب في الدهون ولكن تذوب في الماء.
والفيتامينات التي تذوب في الدهون هي: quot;ا quot; و quot;دquot; و quot;هquot; وquot;كquot; وبالطبع هذه الفيتامينات ضرورية جدا للجسم لأنها تدخل في بعض الخطوات الرئيسة للتمثيل الغذائي لبعض المركبات مثل البروتينات و الكربوهيدرات و الدهون بالإضافة إلى أنها تدخل في تركيب بعض الأنسجة الضرورية لإتمام الوظيفة الكاملة أو الوظيفة الحيوية لعضو معين في جسم الإنسان فعلى سبيل المثال فيتامين quot;Aquot; يعد توافره مهما جدا في جسم الإنسان لأنه يدخل في تكوين أو في تركيب المادة المسؤولة عن عملية الرؤية وخاصة الرؤية الليلية حيث إن هذه المادة تدخل في تركيبها مادة مشتقة من فيتامين quot;Aquot; الذي نحصل عليه من بعض الدهون ومن البيض وبعض النباتات مثل الجزر وفي حالة افتقار الجسم إلى الكمية الضرورية من هذا الفيتامين يحدث ما يسمى بمرض العمى الليلي أو العشى الليلي حيث إنه يحدث التهاب في قرنية العين ويحدث ضعف عام في الرؤية ولذلك نحاول أن نمد النظام الغذائي الخاص بالأطفال بالمواد الغذائية الغنية بهذا الفيتامين مثل الجزر. وبالنسبة إلى فيتامين quot;دquot; فوجوده مهم جداً لأنه يدخل في تكوين العظام فهو مسؤول عن دخول الكالسيوم في العظام وبالطبع عندما يحدث نقص في هذا الفيتامين يحدث ضعف في تكوين العظام أو يحدث ما نسميه بلين العظام أو الكساح عند الأطفال وبالنسبة إلى الكبار تحدث هشاشة في العظام وهو موجود في بعض الخضراوات وبعض الزيوت النباتية.
ومن الفيتامينات الذائبة في الدهون أيضا فيتامين quot;Equot; وهو موجود في بعض الخضراوات والفواكه وهذا الفيتامين مهم جدا للحفاظ على الأنسجة الخلوية وسلامتها وأيضا مهم جدا بالنسبة إلى السيدات الحوامل لأنه يساعد في عملية الحمل وأيضا مهم جدا لانتظام وسلامة الدورة الشهرية وهو موجود أيضا في بعض الزيوت النباتية وفي بعض الفواكه والقمح أيضا غني جدا بهذا الفيتامين.و بالنسبة إلى فيتامين quot;كquot; فهو المسؤول عن تجلط الدم وعدم حدوث نزيف أو سيولة في الدم حيث إن نقصه يؤدي إلى ضعف في خلايا أو في أنسجة الأوعية الدموية وهذا النوع من الفيتامينات يقوم الجسم ذاتيا أو الكبد بالتحديد بإنتاج جزء منه أما الجزء الآخر فيحصل الجسم عليه من الغذاء الذي يجب أن يكون غنيا بهذا الفيتامين.

النقص وعلامات الخطر

وأضاف الدكتور أبو شنب هناك أيضا أعراض لنقص الفيتامينات المائية التي لا تذوب في الدهون مثل مجموعة فيتامين b وأعراض نقصه الإصابة بالأنيميا عند الأطفال أو البالغين هذا عند عدم تناول القدر الكافي من اللحوم والبروتينات والمسؤول عن ذلك نقص فيتامين B12 وهناك عرض التهاب وتشقق الجلد الذي يعتبر دليلا على نقص فيتامين B1 وهو ما يسمى بمرض البري بري و ينتج منه ضعف و فقدان مرونة الجلد وضعف وتساقط الشعر وأيضا يعد دليلا على نقص فيتامينات (b6, b7, (b5 بالإضافة إلى أن مجموعة فيتامين (ب) مهمة جدا لتمثيل السكريات الموجودة في الجسم وهناك أيضا فيتامينC وهو فيتامين مهم جدا في تكوين العظام و الحفاظ على نضارة الأنسجة والأغشية المخاطية في جسم الإنسان.

الاستخدام الخاطئ

للأسف الشديد تصنف الفيتامينات على أنها مكملات غذائية وبالتالي لا تخضع لقوانين الأدوية ولا للرقابة الدوائية وإنما الى معايير الإنتاج الغذائي وضوابطه التي تتسم بالعمومية في مختلف بلدان العالم ، وتكمن الخطورة هنا في المفارقة بين تصوير الفيتامينات على انها صانعة المعجزات وبين حقيقة الأثر الناجم عن نقص في احد الفيتامينات ، حيث تكون النتيجة حدوث احد الأمراض على حد قول الدكتور خالد أبو شنب ،والمرض يكون حسب نوع الفيتامين الناقص في الجسم وتأثيره على عرقلة عمل الفيتامينات تأخذ صورة معينة فمثلا نقص فيتامين ب يعرقل عملية تكون الأنسجة الضرورية لعمل وظيفة معينة وعندما يحدث نقص في وظيفة هذه الأنسجة ينتج من ذلك نقص في امتصاص الفيتامينات وبالتالي نقص في الفيتامينات الأخرى في جسم الإنسان.
ويختم الدكتور خالد أبو شنب تعليقا على الموضوع قائلاً: إن خطورة الاستخدام الخاطئ للفيتامينات تفوق الفائدة التي تعود على الجسم من استخدامه والضرر الأقصى يكمن في زيادة الفيتامينات التي لا يستطيع الجسم التخلص منها حيث تشكل عالة على الكبد هذا إلى جانب ما تسببه النسب الزائدة من الفيتامينات من أضرار للجسم فعلى سبيل المثال زيادة نسبة الكالسيوم في الجسم تؤدي إلى تكلس الأنسجة وقد تتسبب أيضا الزيادة في الفيتامين في تكون حصوات في الكلية أو في المسالك البولية والنسبة العالية من فيتامين (ك) قد تؤدي إلى تصلب الشرايين.
فالطريقة المثلى لتلافي أخطار الفيتامينات هي استخدامها بحيطة وحذر.و يجب على الإنسان ألا يتناول الفيتامين إلا في حالة الاحتياج الحقيقي له فالوجبة الغذائية المتكاملة تقوم بالدور الأمثل في إمداد الجسم بما يحتاجه من فيتامينات وتكون فيها النسب المناسبة منها ومن السكريات والبروتينات والخضراوات و الفواكه وتكفي الجسم بكافة العناصر الغذائية التي يحتاجها .
أما في حالة عدم توافر هذه الوجبة أو في حالة تناول الوجبات السريعة يضطر الأطباء وخاصة عند ظهور أعراض نقص الفيتامينات إلى إمداد الجسم بما يحتاجه من فيتامينات ولكن يجب أن يتم وصفها بنسب محددة ومحسوبة حتى لا يحدث ما يسمى بسميات الفيتامينات وتؤدي إلى نتائج عكسية.

تراكم الفيتامينات

ويتفق الدكتور مصطفى عبد الرازق نوفل أستاذ ورئيس قسم علوم وتكنولوجيا التغذية في جامعة الأزهر مع الرأي السابق في التحذير من خطورة تراكم الفيتامينات في الجسم ( خاصة الفيتامينات الذائبة في الدهون) ويقول:هذه الفيتامينات بالتحديد يجب أن يتم تناولها بنسب محددة محسوبة لان الزيادة منها يشكل خطرا لا يقل عن الخطر الذي يشكله النقص منها والفيتامينات يجب أن تؤخذ بالمعدل الطبيعي لأننا إذا تناولنا مثلا كمية زائدة من فيتامين quot;دquot; ممكن أن يؤدي إلى تصلب الشرايين بالتالي يجب على الإنسان أن يأخذ النسبة المعدلة أو المعدل الطبيعي لأن الفيتامينات الزائدة تشكل عبئا على الكبد الذي يعد العضو المسؤول عن تخليص الجسم من الزيادات وبالتالي تخليص الجسم من الفيتامينات الزائدة.

تسمم مميت

يضيف نوفل أن زيادة الفيتامينات في الجسم لا تقوي الجسم وتقيه من الأمراض كما يزعم البعض لكنها تضعف الجسم وتجلب له الأمراض هو في غنى عنها لأنها تتحول إلى سموم تشكل عبئا على الكبد. و إذا تم تناول الفيتامينات بكمية كبيرة جدا يمكن أن تؤدي إلى الوفاة لأنها تتحول إلى سموم ولكن هذه الحالة تشكل حالة نادرة جدا فالأمراض والمشاكل الصحية غالبا ما تنتج من نقص الفيتامينات ما يؤدي إلي وفاة.
عاودنا طرح أسئلتنا على الدكتور أبو شنب لمعرفة هل يمكن أن نستغني عند الفيتامينات مكتفين بنظام غذائي إلي جانب ما ينتجه الجسم من فيتامينات؟
فأجاب بالتأكيد، إن الاعتماد على النظام الغذائي المتكامل في الحصول على الفيتامينات هو الأساسي والأصح ونحن لا نلجأ إلى وصف حبوب الفيتامين إلا عند التأكد من حدوث نقص في الفيتامينات وهذا النقص يكون نوعين:
إما أن يكون نقصا طبيعيا ناتجا من عدم تناول الكمية الكافية من المواد الغذائية الغنية بالفيتامين أو أن يكون نقصا فيزيولوجيا ناتجا من عيب أو عامل فيزيولوجي يؤدي إلى ضعف امتصاص الفيتامينات الموجودة في المواد الغذائية التي يتناولها الإنسان وفي هذه الحالة نحاول أن نعطيه البدائل الفيتامينية سواء عن طريق الدم بالحقن أو قد نحاول علاج هذا العيب باعتباره عاملا وراثيا. فالأساس هو حصول الجسم على الفيتامينات إما من إنتاجه الذاتي أو من الوجبات الغذائية المتكاملة التي يجب أن يتناولها الإنسان .

بيزنس كبير

بيزنس الفيتامينات الذي يقدر في بلد مثل أميركا وحدها بحوالى 23 مليار دولار سنويا ، يجعلنا نلح في السؤال نيابة عن ملايين البشر من المنتمين إلى البلدان النامية والفقيرة وهو هل سيأتي اليوم الذي يصف فيه الطبيب نظاما غذائيا معينا بدلا من حبوب الفيتامين؟
وهنا تتفق دراسات الدكتور عبد الهادي مصباح أستاذ المناعة في طب القاهرة مع ما ذهب اليه كل من الدكتور مصطفى نوفل و الدكتور أبو شنب من أن النظام الغذائي المتكامل هو الأساس ولكن هناك حالات يخشى فيها الأطباء حدوث نقص في الفيتامينات مثل فترة الحمل حيث يصف الأطباء للسيدة الحامل في الثلاثة أشهر الأولى حمض الفوليك لأن هذه الفترة هي فترة التكوين الرئيس للجنين وفيها يكون الجسم في أشد الحاجة إلى الهيموجلوبين الذي يساعد على تكوين أنسجة الجنين فبالتالي نضطر إلى وصف هذا الفيتامين في هذه الفترة وطوال فترة الحمل حيث إن بعد الثلاثة أشهر الأولى من الحمل قد تظهر على السيدة الحامل بوادر حدوث أنيميا أو نقص في الكالسيوم نتيجة لأحد العوامل الفيزيولوجية (القيء) فيضطر الطبيب إلى تعويض هذا الفقد بوصفه إلى جانب غيره مما تحتاجه من فيتامينات مثل الكالسيوم والحديد.

تشوهات الأجنة

هوس البشر في التهام ملايين الحبوب من الفيتامينات تجعلنا نتوقف عند محطة حواء المرأة الحامل وخطورة تناولها للفيتامينات وأثر ذلك على الأجنة في أرحام امهاتهن ، حيث سمعنا أنه سجلت بعض الحالات السرطانية لدى الأطفال والتشوهات الجنينية نتيجة للاستعمال المتزايد بجرعات زائدة من فيتاميني (أ, د) من قبل السيدات الحوامل, هل هذا حقا جائز الحدوث؟
هنا يؤكد الدكتور خالد أبو شنب قائلاً: نعم, فالسيدة الحامل في الثلاثة أشهر الأولى يجب ألا تتناول من الفيتامينات إلا حمض الفوليك وتناول أي فيتامين آخر قد يشكل خطرا عليها وعلى الجنين.
ويحذر أبو شنب من الأطعمة الغنية بالفيتامينات اليوم في ظل استخدام الأسمدة الكيماوية والمخصبات والمبيدات الحشرية قادرة على إمدادنا بما نحتاجه من فيتامينات مؤكدا أن هذه المواد لا تؤثرفي الفيتامينات بصورة مباشرة ولكن أحب أن أشير إلى أن استخدام مثل هذه المواد بشكل غير دقيق ومحسوب قد يعرضنا إلى مخاطر كبيرة لأن هذه المواد تترسب في النباتات ومن ثم تنتقل إلى الحيوانات وفي النهاية تصل إلينا الأمر الذي يفسر تفوق الأثر السلبي لهذه المواد على الأثر الإيجابي لذا هذه المواد يجب أن تستخدم وفقا لمنظومة مخططة تخطيطا دقيقا ومحسوبا و إلا تنتج منها أمراض خطرة أما بالنسبة إلى الفيتامينات فالمحاصيل المهجنة والنباتات التي تنتج بأساليب الهندسة الوراثية تؤثر تأثيرا سلبيافي كمية الفيتامينات التي يخلقها الله في النباتات المزروعة زراعة طبيعية حيث ينتج منها نقص أو فقد لهذه الفيتامينات.

الأغذية المحفوظة

ولأنها تخضع لمعايير الإنتاج الغذائي وليس الدوائي كان علينا ان نسأل : هل يؤثر حفظ الأطعمة الغذائية بطريقة أو بأخرى على الفيتامينات الموجودة فيها؟
الدكتور أحمد خورشيد عميد معهد التغذية السابق أكد أن الفيتامينات تتأثر بالفعل بطريقة حفظ الأطعمة ، وبالتالي يجب على القائم بعملية حفظ الأطعمة أن يكون على درجة من الخبرة والكفاءة فالمواد الغذائية عندما تكون طازجة تكون غنية بالكمية القصوى من الفيتامينات أما عند حفظها بأي من الأساليب المستخدمة لحفظ الأطعمة من تعليب وتجميد وتجفيف فهذا يؤثر سلبا في كمية الفيتامينات الموجودة فيها ففي أسلوب مثل التعليب نلجأ إلى إضافة مواد حافظة إلى جانب تسخين المواد الغذائية إلى درجة الغليان لتعقيمها قبل التعليب وبالتالي يحدث نقص للفيتامينات الموجودة فيها وفي عملية التجميد وتغيير درجة حرارة المادة الغذائية بصورة متكررة يحدث فقد يصل إلى نصف كمية الفيتامينات والبروتينات والأحماض الأمينية والقيمة الغذائية بصفة عامة الموجودة في المادة الغذائية.

الأطباء السبب

من حق منتجي الفيتامينات ان يقدموا ما يشاؤون منها ويطرحوه للأسواق ، في عملية تجارية بحتة تخضع للربح دائما وليس الخسارة، لكن الغريب هو تبني الأطباء وصفها للناس دونما ضوابط علمية تؤيد هذا المسلك الطبي في التعامل مع صحة الناس بكل أمانة علمية وأخلاقية.بهذه الكلمات تحدث الدكتور محمد الجوادي أستاذ القلب بطب الزقازيق مشيراً إلى أن مافيا شركات الإنتاج جعلت حبوب الفيتامينات والمعادن تباع دونما حاجة لوصفة طبية، وسبب شيوع تناولها هو محاولة تعزيز الصحة بشكل عام ووسيلة للوقاية من الإصابة بالأمراض المزمنة.

يشير الدكتور الجوادي إلى نتائج تقرير طبي خطر بإشراف المؤسسة الحكومية القومية للصحة في الولايات المتحدة، حول مشروع أبحاث مراجعة حبوب الفيتامينات والمعادن حيث أكدت نتائج المراجعات من قبل الخبراء أن الأدلة العلمية ضعيفة في دعم التوجه الطبي للنصح بتناول الفيتامينات والحالة الوحيدة المحتملة الفائدة ربما تكون الوقاية من السرطان لدى من لديهم سوء تغذية. ومن الأمور المهمة التي نبهت خلاصة التقرير إليها هي قولها إن الكثير من الناس يفترضون أن مكونات الحبوب هذه آمنة، لان غالب عناصرها هو مما يوجد في أغذيتنا اليومية أو منتجات السلع الاستهلاكية الغذائية. ونبهت اللجنة إلى بضعة مخاطر محتملة منها، أبسطها تناول جرعات أعلى مما هو مسموح به يومياً وفق ضوابط نصائح الهيئات العلمية المعنية بتحديدها.
وفي حدود تخصصي وهو أمراض القلب اذكر انه صدرت في عام 2003 توصيات حملة الوقاية من أمراض القلب والسرطان وملخص التوصيات قالت إن مراجعة الدراسات العلمية الدقيقة دون الضعيفة منها حول تناول الفيتامينات إيه وسي وإي والفوليت لا تدل على أن تناولهم يخفض الإصابة بأمراض القلب أو السرطان، ولذا لا تنصح بتناولهم للوقاية هنا.
ويطالب الدكتور الجوادي بتوعية الجماهير صحيا وطبيا كما يطالب الأطباء بالالتزام بمواثيق ممارسة المهنة وعدم الاتجار بآلام وأوهام البشر ، فضلا عن ضرورة إخضاع هذه المنتجات للرقابة للتأكد من سلامتها وصلاحية تدوالها وجدواه للمرضى والأصحاء على السواء .
ويمكن القول إن الفيتامينات ضرورة للجسم لابد له من تأمينها عبر التناول من الطعام أو غيره. وهناك كميات محددة لحاجة الجسم من كل نوع منها، وأساسها دراسات وليس مجرد تعود ألفه الجمهور واستسهله خضوعا لآراء وتوصيات الأطباء حينا ، واستنادا إلى أصحاب الوصفات الطبية الشعبية والفضائية حينا آخر ، أو البحث عن أوهام للقوة والبقاء والتي تغازلها إعلانات المنتجين وتترجم في النهاية إلى مليارات الدولارات التي تدخل خزائنهم ، في معظم الأحيان ! .

[email protected]