ايلاف تحاور مدير قسم امراض الاذن في جامعة ميلانو
آخر المستجدات على الصعيد العلاجي بواسطة البكتيريا
طلال سلامة من روما: يتم استخدامها منذ 80 عاماً في أوروبا الشرقية لمحاربة الالتهابات. نحن نتحدث عن البكتيريوفاج (Bacteriophages) وهي فيروسات أو بالأحرى آكلات البكتيريا تهاجم البكتيريا والفيروسات الخبيثة داخل الجسم وتقتلها. يعود استعمال هذه الآكلات البكتيرية الى مجده القديم بالغرب منذ أن بدأت البؤر البكتيرية الانتشار هنا من دون أن تأبه لمفعول أدوية الأنتبيوتيك التي يتم مقاومتها بضراوة شديدة تجعل هذه الأدوية غير فاعلة أبدًا. بواسطة التعاون مع أطباء، ازدهرت أنشطتهم البحثية في الكتلة السوفياتية السابقة، باشرت عدة مختبرات أميركية وأوروبية التركيز مجدداً على البكتيريوفاج عبر دراسات جديدة غابت عن ايطاليا منذ أربعينات القرن الماضي. يذكر أن منظمة الأغذية والأدوية الأميركية سبق لها في عام 2006 أن وافقت على تسويق رذاذ، مصنوع من هذه الآكلات البكتيرية، لحماية الأطعمة المطبوخة مسبقاً واللحوم من العدوى ببكتيريا خطرة، تدعى ليستيريا، تختبئ في مرارة الإنسان وتستهدف النساء الحوامل والأشخاص الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي. وقد تصل نسبة الوفيات من التقاط هذه البكتيريا الى 20 في المئة. في هذا الصدد، حاورت quot;ايلافquot; مدير قسم أمراض الأذن، الدكتور quot;أنتونيو تشيزارانيquot;، في جامعة ميلانو وعادت بالآتي
* هل ثمة رذاذات بداخل البكتيريوفاج يجري تطويرها اليوم بأوروبا؟
- نعم. تطور شركة (Intralytix) مثل هذا النوع من الرذاذات لمحاربة السالمونيلا وبكتيريا تدعى quot; اسكيريكيا كوليquot;. كما تسوق شركة (Ebi Food Safety) الهولندية بأوروبا رذاذاً مماثلاً لذلك الأميركي.
* ما هي آخر المستجدات على الصعيد العلاجي بواسطة هذه البكتيريا؟
- تشير نتائج الدراسات التي ظهرت في الأسابيع الأخيرة الى أن البكتيريوفاج فعال ضد بكتيريا تدعى quot;سيدوموناس اوريجونوزاquot; (Pseudomonas Aeruginosa) التي تسبب التهابات بالأذن والقنوات التنفسية. ثمة دراسة، في هذا الصدد، أجراها الباحثون الكوريون في جامعة quot;سولquot; تنوه بأن حقن البكتيريوفاج لدى الفئران المختبرية المصابة بهذه البكتيريا قطعت نسبة الوفيات بينها. أما اختبار آخر، مولته شركة quot;بيوكنترولquot; البريطانية، فانه شمل مجموعة من المتطوعين المصابين بالتهاب الأذن (Otitis) المقاوم لأدوية الأنتبيوتيك. لدى أولئك المتطوعين الذين عولجوا برذاذ البكتيريوفاج(يتم تحرير محتواه مباشرة داخل الأذن الملتهبة) لوحظ أن الالتهاب والألم والإفرازات تراجعت حدتها بصورة ملحوظة، خلال ستة أسابيع، مقارنة بأولئك الذين تم علاجهم بأدوية أخرى ومنها العلاج المموه.
* هل الخطر الناجم عن بكتيريا quot;سيدوموناس اوريجونوزاquot; مقلق صحياً؟
- نعم. فالمصابين بها يشهدون تحسناً صحياً قد يكون مؤقتاً. فهذه البكتيريا قد تظهر مجدداً على بعد شهور عدة. في السنوات الأخيرة، ثمة دراسات شملت الحيوانات المختبرية والمرضى معاً نوهت بأن خليط من البكتيريوفاج قادر على صد نوعين من البكتيريا اللتين تثيران لغاية اليوم مخاوف صحية كونها مضادة للأنتبيوتيك، هي بكتيريا السل الرئوي (Mycobacterium Tuberculosis) وأخرى معروفة باسم المكورات العنقودية الذهبية (Staphylococcus aureus) المسببة بالتهابات بالجلد والجهاز البولي والقنوات التنفسية.
* هل بالإمكان عزل البروتينات الموجودة داخل هذه الآكلات البكتيرية؟
- نعم. من الممكن عزل هذه البروتينات التي تستعملها البكتيريوفاج لقتل الفيروسات. كما يمكن استعمال هذه البروتينات حصراً للعلاج. على سبيل المثال، فان العلاج بواسطة هذه البروتينات فاعل لمحاربة فيروس مرض الجمرة الخبيئة quot;الأنتراكسquot; الذي يعتبر سلاحاً بيولوجياً قاتلاً. علاوة على ذلك، نجد بعض أنواع البكتيريوفاج القادرة على الانصهار داخل الحمض النووي للفيروسات مما يحض الباحثون اليوم على استكشاف إمكان استعمال الآكلات البكتيرية كناقلات لجينات معينة وقاتلة داخل هذه الفيروسات.
* ما هو الحاجز الرئيسي الذي يحول دون استعمال البكتيريوفاج بدلاً من أدوية الأنتبيوتيك على نطاق واسع؟
- ان الحاجز الرئيس بيروقراطي. فالسلطات التنظيمية الأوروبية مترددة حيال الإقرار باستعمال البكتيريوفاج على غرار الأدوية. إذ ان هذه البكتيريا quot;الصديقةquot; كائنات حية، أي أنها خاضعة لسلسلة من التغييرات داخلها، لا يمكن التحكم بها بالكامل. وبما أنها موجودة في الطبيعة فإننا غير قادرين على الحصول على براءات اختراع بها! مع ذلك، فان الشركات الصيدلانية لم تقل بعد كلمتها الأخيرة!
التعليقات