عادت قضية إتلاف الأجنة البشرية للمناقشة والجدل من جديد في دولة الإمارات بعد إعلان وزارة الصحة أخيرًا انتهاء المدة المحددة لكل مراكز الإخصاب في الدولة للتخلص من الأجنة المجمدة.


وفقاً لتعميم رقم 479 لسنة 2010 الذي أصدره الدكتور سالم الدرمكي وكيل وزارة الصحة بالإنابة، لم تتلق مراكز الإخصاب حتى تاريخه ما يفيد بتمديد المهلة لإعطاء المزيد من الوقت لأصحاب الأجنةالمخصبةللاستفادة أو التخلص منها، خاصة بعد فشل عدد من المراكز المتخصصة في ذلك المجال في التوصل إلى كثير من أصحاب تلك الأجنة التي مر على تخزينها ما يزيد عن 20 عاماً.

يرجع ذلك إلى أسباب عدة، منها وفاة أصحابها أو عودتهم إلى بلدانهم الأصلية مرة أخرى، لأنمعظم أصحاب تلك الأجنة من الوافدين أو ممن بلغوا سن اليأس وأرهقتهم التجارب المعملية بغية الإنجاب.

وكان مركز دبي للأمراض النسائية والإخصاب أول جهة حكومية أثارت الموضوع في الإمارات بعد إعلانها في العام الماضي عن استعدادها لإتلاف ما يقرب من ثلاثة آلاف بويضة مخصبة quot;أجنة بشريةquot; بعدما لاقت إجراءات التخصيب والتخزين لتلك quot;الأجنةquot; اعتراضًا كبيرًا من جانب هيئة كبار العلماء في الدولة، مما استدعى تعديل قانون quot;الإخصابquot; وشروط الترخيص للمراكز العاملة في ذلك المجال.

وأوضح سامر محمد راضي مدير المختبر في مركز دبي للأمراض النسائية والإخصاب أن عملية التخلص من تلك الأجنة تتم على مراحل، حيث تم التخلص بالفعل في المرحلة الأولى من البويضات الأكثر قدماً والمجمدة منذ عام 1991 حتى 2000 والتي لم يستدل على أصحابها، بخلاف المرحلة الثانية التي تم تخزين البويضات فيها منذ عام 2000 وحتى عام 2004، لافتاً إلى أن المركز يحرص على تنظيم لقاءات مع أصحاب تلك الأجنة بهدف تقديم الاستشارات الطبية لهم والاتفاق على الاستفادة من تلك الأجنة أو إتلافها وفق أحدث الأنظمة الطبية المتبعة من خلال لجنة تضم أطباء وفنيين معتمدين وأصحاب خبرة كبيرة في ذلك المجال.

وأكدت الدكتورة عواطف البحر المديرة الطبية لمركز دبي للأمراض النسائية والإخصاب أن تعديلات قانون الإخصاب شددت على ضرورة إتلاف البويضات المجمدةفي كلالمراكز العاملة في ذلك المجال أو إرجاعها إلى أصحابها من الأمهات في حال رغبتهم في ذلك، وعدم تخزين البويضات المخصبة نهائيًا لعدم إختلاط الأنساب، خاصة وأن مراكز التخصيب إعتادت على تخزين تلك البويضات المخصبة لعشرات السنين، بينما لم يمانع القانون في تخزين البويضات غير المخصبة أو الحيوانات المنوية.

وأشارت البحر إلى أن المركز بدء في تنفيذ تعديلات القانون فور صدورها، قائلة: quot;حرصنا على مطالبة أصحاب البويضات بمراجعة المركز لإتخاذ القرار المناسب لهم، سواء بالإتلاف أو بالإرجاع، وفقًا لما ورد بالقانون، وبعدما فشلنا في التواصل مع العديد من أصحاب تلك quot;ألاجنةquot; عن طريق عناوينهم وأرقام هواتفهم والبريد الإلكتروني، قمنا بنشر إعلان تفصيلي بقرار الإتلاف باللغة العربية والإنجليزية، غير أننا لم نتمكن من التواصل مع ما يقرب من 50 % منهم، نظراً إلى أن علاقة العديد منهم انقطعت بالمركز نهائيًا منذ أعوام عدة، ولم نعلم عنهم شيئًا، فمنهم من هاجر البلد، ومنهم من تقدم في العمر، ولم يعد بحاجة لتلك الأجنة، الا أن الأمانة العلمية والمهنية وحقوق المرضى اقتضت علينا المحافظة عليها كل هذه الاعوام، رغم عدم سدادهم القيمة المستحقة عن إجراءات التخزين حتي صدور تعديلات القانون، والتي أكدت على إتلافquot;الأجنة البشريةquot; المخزنة وعدم التخزين نهائيًا للبويضات بعد تخصيبها، خاصة وأن غالبية quot;الأجنةquot; مرّ على تخزينها ما يقرب من 18 عامًاquot;.

عن مشروعية عملية الإتلاف، أكد الدكتور احمد الحداد مدير إدارة الإفتاء في دبي أنه جائز شرعًا حفاظًا على عدم اختلاط الأنساب، مشيراً إلى أن بقاء تلك الآلاف من الأجنة المجمدة يعرّضها للتلاعب، سواء عن طريق التجارة فيها أو الخطأ فيها على أقل تقدير، لذلك وجب التخلص منها بشكل عاجل لأن كثيراً من أصحاب تلك الأجنة الذين انقطعت صلتهم بها بعد مرور تلك الأعوام على تخزينها، إما متوفون أو مغادرون للبلاد.

وقال إذا كان حفظ الأجنة هو في الأصل محظورًا إلا في ضوابط شرعية وقانونية دقيقة، فإن من المتعين عدم التوسع فيه، بل يبقى استثنائيًا عند الضرورة، فإذا انتهت يتعين إتلافها حتى لا تقع في ايدي المتلاعبين أو المقصرين.