لم يقم الفريق المتخصص في بحوث الفيروسات في جامعة ويسكونسن الذي طور نموذجاً معدياً من فايروس إنفلونزا الطيور بإنتاج إنفلونزا مميتة للغاية، مثلما سبق وأن فعل فريق هولندي على نحو مثير للجدل العام الماضي، وذلك على حسب ما أكده أحد قادة فريق ويسكونسن لصحيفة quot;النيويورك تايمزquot; الأميركية في عددها الصادر اليوم.


قال دكتور يوشيهيرو كاواووكا، من جامعة ويسكونسن ماديسون وجامعة طوكيو، في تعليق نشرته له مجلة الطبيعة على شبكة الإنترنت، إن الفيروس الذي طوره فريقه أصاب القوارض عبر الهواء، لكنه لم يقتل أي منهم. وأوضح أن القوارض تصاب بالبرد مثلها مثل الإنسان. وواصل كاواووكا حديثه في السياق ذاته بالقول :quot; كما تحظى اللقاحات والمركبات المضادة للفيروسات الحالية بفاعلية ضد هذا الفيروسquot;.

وفي المقابل، لفتت الصحيفة إلى أن الفيروس الذي طوّره العالم رون فوشيير من مركز إيرازموس الطبي في هولندا العام الماضي يتميز بدرجة الفتك العالية التي يتسم بها فيروس إنفلونزا الطيور H5N1 وكذلك القدرة على الانتقال بسهولة بين القوارض، وهو ما أثار مخاوف من احتمالية أن يصبح فيروس فريق كاواووكا مدمراً للناس.

ومع هذا، قال خبير متخصص في بحوث الإنفلونزا ويعمل في لجنة استشارية علمية أميركية تراقب بحوث كلا الطبيبين فوشيير وكاواووكا، إن اللجنة مازالت تعتقد أنه من المهم الاحتفاظ بالتفاصيل الرئيسة في هذين البحثين، وألا يتم نشرها، لعدم إتاحة الفرصة للإرهابيين أو العلماء الأوغاد كي يستنسخوا ذلك الجهد البحثي، من منطلق أن تقنيات التلاعب بالجينات والطفرات المتوسطة خطرة مثل المنتجات النهائية.

ويعتقد بعض العلماء أن دكتور فوشيير طوّر ما يحتمل أنه الفيروس الأكثر فتكاً في التاريخ ndash; في ظل أقاويل تتحدث عن أن فيروس الإنفلونزا هذا قد ينتقل عبر العطس ويقتل أكثر من 50 % من الذين يصابون به. وهو ما حدا بالبعض إلى المطالبة بفرض قيود.

ورد بعض العلماء، بمن فيهم دكتور فوشيير، على ذلك بالقول إن المخاوف المثارة بشأن هذا الفيروس مبالغ فيها. وأشاروا إلى أن ما يحدث للقوارض لا يحدث دائماً للإنسان، كما أن درجة الفتك الحقيقية لفيروس H5N1 غير معلومة، نظراً لوجود عدد يقل عن 600 حالة بشرية مؤكدة وربما تتواجد العديد من الحالات الأكثر اعتدالاً.

وفي التعليق الذي نشرته له مجلة الطبيعة على شبكة الإنترنت، أوضح كاواووكا أن أفراد طاقمه البحثي أخذوا جين الراصة الدموية من فيروس H5N1 ndash; الذي ينتج quot;الزيادةquot; التي تسمح له بالالتصاق بالمستقبلات على الخلايا الموجودة في الأنف البشرية ndash; ثم ربطوه بباقي الجينات السبعة للفيروس الذي تسبب في انتشار وباء إنفلونزا الخنازير الذي يعرف علمياً بـ H1N1 في مختلف أنحاء العالم عام 2009.

وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني، أشار كاواووكا كذلك إلى حدوث بعض الطفرات في جين الراصة الدموية الذي تحصل عليه من فيروس H5N1، ورفض أن يعلق على التفاصيل. وأضاف أن اللقاح الذي تم تصنيعه لحماية الإنسان من الإصابة بفيروس H5N1 يحظى أيضاً بفاعلية وقائية ضد النموذج الفيروسي الذي طوره فريقه البحثي.

وبسؤاله عما إن كانت هناك إمكانية لتمرير الفيروس الخاص به بين المعامل لإخضاعه لمزيد من البحوث في وقت يتعين فيه فرض قدر أكبر من القيود على فيروس فوشيير، قال كاواووكا إن قرارا كهذا لابد أن يتخذ عبر مناقشات مع المجتمع العلمي الدولي. وبعد قراءته تعليق دكتور كاواووكا على الإنترنت، قال فوشيير إن فيروس كاواووكا يبدو أقل فتكاً عن الفيروس الذي قام بتطويره، رغم تأكيده أنه لا يعتقد أن ما قام بتطويره يحظي بنفس قدر الخطورة التي تم تصويره بها. وتابع quot; لكني لم أطلع على بيانات كاواووكا، ولهذا أنا لا أعلم تفاصيل دراستهquot;.

فيما قال ريتشارد إيبرايت، أستاذ الكيمياء وخبير الأسلحة الحيوية في جامعة روتغرز ويعارض منذ مدة طويلة البحوث غير المقيدة التي تحول فيروسات الإنفلونزا إلى فيروسات أكثر فتكاً، إنه يرى أن فيروس دكتور كاواووكا أقل فتكاً من فيروس دكتور فوشيير، وأضاف quot; لكن إن كان اللقاح الوحيد المضاد له لقاحاً تجريبياً ضد فيروس H5N1 ولا يخزن على نطاق واسع، فإنه لا يزال قادراً على إحداث جائحة كبرىquot;.