تشير إحصائيات صحية إلى أن زواج الأقارب في العراق سبب رئيس في انتقال الأمراض الوراثية ، مخلفا الكثير من حالات التخلف العقلي والعوق بين الأطفال. ورغم النتائج السلبية تلك إلا أن العادة الاجتماعية هذه ما زالت قائمة دون التنبه لخطورة تعرض الأجيال الحديثة الى إعاقات دائمة.


بلغت نسبة المعاقين في العراق الحد الذي يحتاج فيه الأمر الى إجراءات ملموسة لتقليل نسب زواج الأقارب لاسيما في المناطق الريفية حيث تسود الأعراف والتقاليد الاجتماعية التي تشجع زواج الأقارب . وأحد الذين يعانون نتائج زواج الأقارب أبو احمد المتزوج منذ نحو عشر سنوات من ابنة عمه ، حيث رزق بأطفال كلهم معاقون .

وعلى الرغم من نصائح الأطباء ، لم يتوقف ابو أحمد من إنجاب الأطفال. وفي هذا الصدد، تؤكد أم احمد ان الأطباء نصحوها منذ ان أنجبت الطفل الأول المعوق ، نصحوها بالكف عن الإنجاب ، لكن الرغبة في إنجاب طفل معافى جعلها تكرر المحاولة بعد الأخرى ، لكن ذلك أنتج على الدوام أطفالا معاقين .

ظاهرة إجتماعية

ويمكن الاقتراب من حجم الظاهرة من قول لطيف حسين من كربلاء ، بان نصف الزيجات في عائلته بين أبناء الأعمام من الدرجة الأولى أو الثانية. ويرجع حسين الظاهرة الى رغبة الأسر والعشائر في التماسك والتقارب ، في ظل ظروف أمنية سيئة وأزمات متكررة يؤجج العنف العشائري وحاجة الناس الى بعضهم البعض .

وبحسب التجارب العلمية، فان زواج الأقارب ، ينتج عنه أمراض متوارثة ما يحتم توعية الناس بمخاطر ذلك. ويقول الطبيب عصام احمد ان أغلب الناس يدركون مخاطر ذلك لكنهم لا يتصرفون بموجبه لان العلاقات الاجتماعية والعشائرية تفرض هذا النوع من الزيجات .
وتروي أم عصام الصعوبات والآلام التي تعتريها بسبب طفلها المصاب بالصرع . وتزوجت ام عصام من ابن عمها بعد إعجاب متبادل .
وتقول ام عصام انهما توقفا عن إنجاب الأطفال بعدما نصحت الفحوصات الطبية بالكف عن ذلك .

ومثل ام عصام ، هناك الكثير من زيجات الأقارب غير ( الصحية ) ، لكن إنجاب الأطفال يستمر بين الأزواج ، على أمل إنجاب طفل معافى .
وتكشف إحصاءات العام 2011 عن ارتفاع نسبة الولادات المشوهة في العراق بشكل كبير يرجع أسباب الكثير منها الى زواج الأقارب .
ويروي عصام السلطاني وهو وجه عشائري من المحمودية ( 15 كلم جنوب بغداد) كيف ان اغلب سكان هذه المناطق يفضلون للشاب زواجه من ابنة عمه ، لتجنب دخول شخص غريب الى حلقة العشيرة او العائلة .

ويقول : هناك حاجة إقتصادية أيضا فابنة العم هي خادمة وعاملة وزوجة ، وتلبي جميع الطلبات . وتروي المعلمة هيفاء حسين ، تجربتها المريرة مع طفل معوق مصاب بمرض وراثي في الدم والكبد بسبب زواجها من قريب لها من جهة الأم والأب في الوقت ذاته.
ويشير الطبيب احمد الى ان الموروثات المشتركة بين الأعمام والأخوال تبرز العيوب الخلقية المشتركة وتقويها ما ينتج منه أطفال غير أصحاء .

من جهتها، ترجع الناشطة في شؤون المرأة كميلة حسن ازدياد زواج الأقارب الى الرغبة في توطيد علاقات الأقارب مع بعضهم لكن على حساب صحة الفرد والمجتمع . ويعد العراق من الدول التي ينتشر فيها زواج الأقارب ، في حين تعد الدول العربية من أكثر الدول التي تروّج بين شعوبها هذه الظاهرة .

وفي مدينة بابل (100 كم جنوب بغداد) يشير الطبيب علي الحلي الى نصيحته لفتاة بعدم الزواج من ابن عمها لان نتائج الفحص لا تشجع على الزواج ، لكن الحب بينهما كان أقوى ، ما أسفر عن طفل مشوه خلقيا ، بسبب quot;خلل كرموزوميquot;. ومازال الكثير من العراقيين لا يولي اهتماما لتحليلات ما قبل الزواج لمعرفة ملاءمة الجينات و الكروموزومات لبعضها بغية تجاوز التشوهات الخلقية.