أوّل مسيحي مرشّح في الانتخابات البحرينيّة
عبوي: المسيحيون جزء من النسيج الاجتماعي البحريني
المرشّح المسيحي حامي ابراهيم زاهي عبوي |
إيمان ابراهيم من المنامة: يعتبر المحامي ابراهيم زاهي عبوي المرشّح المسيحي الوحيد في الانتخابات البحرينيّة، في دائرة لا يقطنها أي مسيحي، ورغم ذلك يبدو متفائلاً بحظوظه في الانتخابات البلديّة، أقلّه لناحية إثبات أنّ المسيحيين عنصر فعال في العمليّة السياسيّة في البحرين، على الرغم من عدم وجود أي جمعيّة سياسيّة تعنى بشؤون المسيحيين، واقتصار مشاركتهم في الحياة السّياسيّة على أليس سمعان، العضو المعيّنة في مجلس الشورى.
المسيحيون في البحرين لا يتجاوز عددهم ال800 شخص، في بلد يحفظ فيه الدستور حق ممارسة الشعائر الدينيّة، ويؤكّد المحامي عبوي أنّ المسيحيين يمارسون شعائرهم في كنائسهم بحماية الدّولة، وأنّهم يشعرون بالانتماء إلى البحرين كأي مواطن بحريني آخر.
ولا يخفي عبوي قبيل ساعات من انطلاق العمليّة الانتخابيّة أنّ تضارب الصلاحيات بين وزرات الأشغال والمجلس البلدي، نتج عنه أنّ وعي الناس بالمجالس البلديّة أصبح ضعيفاً، مؤكداً أنه سيعمل على استعادة صلاحيات المجالس البلديّة في حال فوزه.
في quot;المنامةquot; التقيناه أمس وكان معه هذا الحوار:
*أنت المرشّح المسيحي الوحيد في الانتخابات البلديّة في البحرين، فما هي نسبة حظوظك في الفوز، خصوصاً أنّ النّاخب العربي يقترع على أساس العاطفة، التي غالباً ما تتحكّم فيها النزّعة الدّينيّة والقبليّة؟
أنا لا أريد أن أشمل كل المسيحيين، دعيني أتحدّث عن نفسي كأوّل مسيحي مرشّح للانتخابات البحرينيّة، أعتقد أن اقتراع النّاخب على أساس العاطفة أصبح جزءً من الماضي، لأنّ النّاخب البحريني يملك الوعي بما يمكّنه من اختيار الشخص المناسب. طبعاُ كانت مجازفة كبيرة مني أن أخوض غمار الانتخابات البلديّة مستقلاً، وذلك من منطلق رد الجميل للبحرين، فقد عمل والدي كضابط من المؤسسين في قوى الدفاع في البحرين بالتعاون مع ضبّاط أردنيين وبحرينين ، واستمر في هذه المسيرة لغاية العام 85، وتاريخه يشهد له، وأحببت بدوري أن أكمل مسيرة والدي، فحضرت إلى البحرين حيث عملت في وزارة الدفاع عشرون عاماً من العام 86 حتى العام 2006 وتقاعدت منذ مدّة بسيطة.
*لماذا اخترتم الترشح منفردين، ألم يكن ثمّة إمكانيّة للدخول في تحالفات أو ضمن قوائم؟
في البحرين تقوم الجمعيّات السّياسيّة بتشكيل القوائم، لكنّ ليس لدينا جمعيّة سياسيّة مسيحيّة هنا، لذا فضّلت الترشّح مستقلاً، خصوصاً أنّه ليس ثمّة أحزاب سياسيّة، ولا توجد جمعيات أو روابط سياسيّة تربط المسيحيين بعضهم ببعض إلا في الكنيسة يوم الأحد. وضعي كان مختلفاً لأنّي ترشّحت بدافع من حبي لهذا البلد بغض النظر عن حظوظي في النجاح، خصوصاً أنّي كنت من أوائل المسيحيين الذين يحصلون على الجنسيّة البحرينيّة، والدستور البحريني في مواده الأوليّة يحترم حريّة المعتقد ويضمن حرية ممارسة الشعائر الدينية والمساواة بين المواطنين، وانطلاقاً من تشجيع المحيطين بي، ونظراً للضمانات التي يقدمها الدستور، وانطلاقاً من المشروع الإصلاحي الذي انطلق به جلالة الملك بإقرار الميثاق، والدعوة التي أطلقها جلالته لأكبر تجمّع للحوار الديني، تقدّمت بترشيحي.
* لماذا اخترت الترشح للانتخابات البلديّة وليس النّيابيّة؟
لو نظرت إلى قانون البلديّات، والصلاحيات المعطاة لعضو المجلس البلدي، تجدين أنها أكثر بكثير من صلاحيات عضو البرلمان، خصوصاً لناحية العلاقة مع الجمهور، حيث ينحصر دور النائب بالجانب التشريعي أكثر، بينما صلاحيات النائب البلدي كبيرة جداً، لكنّ الناس تنظر إليها نظرة أقل بسبب عدم اطلاعهم على قانون البلديات، أما السبب الثاني، وانطلاقاً من التجربة الماضية، أخذ الجمهور موقفاً من المجلس البلدي بسبب تعارض الصلاحيات بين وزارة الإسكان والأشغال ووالوزارت المختصة بالأشغال مع المجلس البلدي، الذي كان غير قادر على استغلال كامل صلاحياته للعمل حسب النصوص الموجودة في قانون الصلاحيات للمجلس، لذا كانت معظم الأمور تتعطل إذا وصلت إلى المجالس البلدية، لتعود الوزارت المختصة لتحلها كونها تأتيها من قبل الوزارت وليس من قبل المجلس البلدي، لذا وضع الناس في اعتبارهم أنّ عمل المجلس البلدي محدود، علماً أنّ الصلاحيات المعطاة له بموجب القانون كبيرة، وعمله الخدماتي متصل مع الجمهور بشكل كبير، وأتمنى إذا فزت في الانتخابات أن أتمكن من استعادة صلاحيات المجلس البلدي وتطويرها.
*المشكلة هي إذاّ في القانون وتضارب الصلاحيات بين المجلس والوزارت، وليس في فهم المواطن البحريني لطبيعة عمل المجالس البلديّة؟
التشريع والقانون أعطى الصاحيات كاملة للمجلس البلدي، لكنّه في الوقت نفسه، أعطى نفس الصلاحيّات للوزرات الأخرى، لذا أصبح هناك تضارب بين عمل المجالس البلديّة وعمل الوزارات، وهذا التضارب نتج عنه أنّ وعي الناس بالمجالس البلديّة أصبح ضعيفاً، من دون أن ننسى أنّ المجلس لا يزال وليداً والتجربة جديدة وإن اتسمت بالضعف، علماً أنّ بعض المجالس كانت تتمتّع بكفاءة عالية رغم أنّ بعض النصوص كانت تحد من صلاحياتها بسبب ما تكلمنا عنه من تضارب في هذه الصلاحيات، وثمّة مجالس ضمّت أشخاصاً غير مؤهلين للقيام بالأعمال المنوطة بهم.
*هل أنتم مع فرض كوتا تحفظ حقوقكم كأقليّات مسيحيّة في البحرين، خصوصاً أنّ حظوظكم في الدّخول إلى الندوة البرلمانيّة أو المجالس البلديّة قليلة جداً في ظل النّظام المتّبع حالياً في الانتخابات؟
ثمّة عضو مسيحيّة تمّ تعيينها من قبل جلالة الملك في مجلس الشورى، أمّا بالنسبة إلى الانتخابات وإقرار ما يسمّى بالكوتا، فأنا بالطبع مع كوتا نسائيّة، بل وأؤيّدها بشدّة، لأنّ عقليات الناس لا تزال طائفيّة، قبليّة وعاطفيّة، وانتظار تطوّر وعي الناس فيما يتعلق بدور المرأة قد يستغرق سنوات طويلة في مجتمعاتنا، وأنا من أشدّ المشجّعين لانخراط المرأة في العمل السياسي، وسعيد جداً لفوز السيدة لطيفة القعود ولو بالتزكية، فالمرأة عماد المجتمع ويكفيها تهميشاً في كل البلدان العربيّة. أمّا فيما يتعلق بكوتا طائفيّة، فلا أنكر أنّه من الصعب أن تحصّل الأقليات مقاعد لها عن طريق الانتخاب، وموضوع الكوتا التي تحفظ حقوق الأقليات أمر صعب جداً، لأنّ الراغبين في خوض غمار السياسة من المسيحيين المتواجدين هنا قلّة جداً.
*ربّما لأنّ حظوظهم في الفوز قليلة جداً؟
في السنوات الأخيرة ارتفع عدد المسيحيين في البحرين بشكل كبير، ولم يكن ثمّة ما يمنع أن يدخل المسيحي مجلس النواب أو المجلس البلدي، وبعضهم يتبوأ مراكز كبرى في مؤسسات خاصّة، لذا أحببت أن أكون كبش الفداء الأوّل من دون دعم من أحد، لأثبت للناس أنّ ثمّة ديموقراطيّة حقيقيّة في البحرين، والديموقراطيّة في المملكة مفصّلة للمملكة، كما هي الحال في جميع الدول مع حفظ الثوابت. لذا أتمنى ألا نتكلم عن موضوع الطائفيّة في البحرين، لأنّ الجميع يعيش في حلقة واحدة.
*انطلاقاً من التجربة السابقة في الانتخابات، إلى أي مدى يشعر مسيحيّو البحرين أنّهم معنيين؟
هم شعروا أنّهم معنيين ليس في الانتخابات، بل عند تعيين أليس سمعان العضو المسيحي في مجلس الشورى، علماً أنّ سمعان يبدو أنّها تتحرّج من التواصل مع المسيحيين في المملكة، ولا أعرف لماذا. كان من المفترض أن يكون وجودها في مجلس الشورى أكثر تفاعلاً مع المسيحيين الموجودين في البحرين، بغض النظر عن طوائفهم. لكن هذا لا يعني أنّنا لسنا فخورين بوجودها. لا شكّ أن كل بحريني غيور على مصالح بلده، ويحب أن يرى بلده مزدهراً، سيشارك في مراكز الانتخاب ليثبت انتماءه إلى هذا الوطن.
*من المعروف أنّ الأقليّات في أي مجتمع تتكاتف وتتضامن، فما سبب التباعد بين مسيحيي البحرين الذين كما صرّحت لا يلتقون إلا في المناسبات الدّينيّة؟ لماذا لم يؤسس لغاية الآن لوبي مسيحي في البحرين، أو على الأقل جمعيّة سياسيّة مسيحيّة ترعى شؤون المسيحيين الموجودين هنا؟
يوجد لدينا نشاطات اجتماعيّة، لكنّ في النشاط السياسي لا أعرف لماذا لا يوجد أي تحرك على أي صعيد. أنا طبعاً مجال عملي في وزراة الدفاع كان يمنعني من خوض غمار السياسة، ممكن في المستقبل أن يكون لدينا تجمّعاً مسيحياً ضمن جمعيّة سياسيّة أو اجتماعيّة، لكن عدم خوض المسيحيين معترك السياسة لا يعني أنّهم لا يدينون بالولاء للبحرين.
*ما هي الطوائف المسيحيّة الموجودة في البحرين؟
توجد كنيسة إنجيلية وكاثوليكية وكنيسة للروم، وكنيسة للأقباط، المسيحيون أقلية لكنها متنوعة، وربما هذا أضعف مشاركتهم في العمليّة السياسيّة لأنّ كل مجموعة تنتمي إلى بلد، رغم أنّهم أصبحوا بحرينيين يدينون بالولاء للبحرين، خصوصاً أنّ المملكة لم تأخذ مسألة الدين في عين الاعتبار في التجنيس، وثمة قانون في البحرين أنّه من بقي 15 سنة في المملكة من دون مشاكل، لا مانع لأن يحصل على جنسيّة، وأنا عندم جنّست لم يسألني أحد عن ديانتي.
*ماذا عن عدد مسيحيي البحرين؟
هم لا يتجاوزون ال800 شخص.
*إلى أي مدى يشعر المسيحيون بأنّهم مرتاحون في ممارسة شعائرهم الدينيّة في مجمتع إسلامي محافظ؟
حريّاتنا وشعائرنا الدينية لا قيود عليها، ونحن نحتفل بكل مناسباتنا الدينية من عيد الفصح والميلاد ولم يتعرض لنا أحد، بالعكس أحيانا تكون الشرطة متواجدة في أماكن تجمّع المسيحيين في الكنائس لحمايتهم ومنع أي إساءة قد يتعرّضون لها، فضلاً عن أنّهم يعاملوا كأي مواطن بحريني مسلم. أنا مثلاً أسكن في منطقة لا يسكنها أي مسيحي، ولم يتعرض لي احد بالسوء.
*وماذا عن قانون الأحوال الشخصيّة؟
لغاية الآن ليس لدينا وجود قانون أحوال شخصيّة، خصوصاً مع وجود طائفتين إسلاميتين تتبع الشريعة الإسلاميّة، والمحاكم الكنسيّة قد تبدو متشدّدة في بعض الأمور، والمواطن المسيحي البحريني ملزم باللجوء إلى الكنيسة لحل مشاكل الزواج والطلاق والإرث بسبب عدم وجود قانون مدني.
التعليقات