وجد عبد النور - إيلاف:صدر كتاب quot;يعقوب الحاتمي، سيرته وأشعارهquot; لسلطان العميمي، الذي يعد عملاً بحثياً استمر ثلاث سنوات، يأتي ليتناول سيرة شاعر مهم وقصائده، وهو أحد أبرز شعراء الإمارات الذين قرضوا الشعر الفصيح إضافة إلى الشعر النبطي. ويضم الكتاب 4 فصول يتعلق الفصل الأول منها بالبحث في سيرته وأشعاره، بينما اشتمل الفصل الثاني على قصائده النبطية التي أمكن جمعها مع شرح كلماتها، أمّا الفصل الثالث فضم قصائده الفصيحة التي أمكن الحصول عليها، كما خصص الفصل الرابع للقصائد التي نسبتها بعض المصادر إليه وإلى شعراء آخرين.

ولد الحاتمي في بداية القرن التاسع عشر وتوفي أوائل القرن العشرين مما أدى إلى فقدان العديد من قصائده، وكذلك رحيل الرواة الذين عاصروه، وتركزت الأغراض الشعرية لدى يعقوب الحاتمي على 4 أغراض هي: quot;المدحquot;، quot;الغزلquot;، quot;النصائح والحكمquot;، quot;الوصفquot;.

وما يلفت النظر في شعر الحاتمي أنه نظم الشعر بنوعيه الفصيح والنبطي معاً، مما يجعله من أوائل من نظموا بالفصحى في الإمارات، وقد استطاع المؤلف في الكتاب أن يحصل على 4 قصائد من الشعر الفصيح للحاتمي، والتي يتضح فيها أسلوبه التقليدي في النظم، وتغلب عليها البساطة والتلقائية.

في شعر يعقوب الحاتمي نجد أنفسنا أمام شاعر يعيش قصائده في ثلاث شخصيات، تختلف كل واحدة منها عن الأخرى، أمّا شخصيته الأولى فهي شخصية الشاعر البدوي، الذي يعيش في الصحراء، ويمتطي ظهر جمله، ويستخدم ألفاظاً ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالبيئة البدوية، كما سنجد من خلال قصائده شاعراً لم يغادر البحر ولا يعرف سوى هذا العالم، حيث الغوص واللؤلؤ، وقد انعكست هاتان البيئتان انعكاساً واضحاً في أشعاره.

ويفتخر الحاتمي بشعره وقدرته على النظم في أكثر من قصيدة، وفي أشعاره من بديع المثل والحكمة ما لا يمكن إحصاؤه، فهو كحبات رمل القارات السبع التي لا تحصى، كما أن قوله لا يفسره الغافلون الساهون بل الواعون اليقظون.

وذكر المؤلف في مقدمة الكتاب أن quot;شعر الحاتمي قد شكل تجربة مهمة في تاريخ الشعر في الإمارات، ومما لا شك فيه أن طول المدة التي مرت بعد وفاته، والتي قاربت القرن، كانت كفيلة بأن يضع خلالها معظم إنتاجهquot;. ويُذكر بأن الكتاب قد صدر في طبعة ثانية مزيدة ومنقحة بعد نفاذ كافة نسخ الطبعة الأولى.

ويقول سلطان العميمي في مقدمة الكتاب : لقد كانت القصائد المنشورة للحاتمي في (تراثنا من الشعر الشعبي) هي أفضل ما أمكن جمعه عنه وأكثره، وما لم ينشر أو كان متفرقاً في المخطوطات، كان قليلاً جداً، لذلك لم تكن فكرة جمع ديوان له واردة في ذهني، إلا بعد أن اطلعت على مخطوطة دونها أحد المدونين في إمارة عجمان، وضمت قصائد فصيحة وأخرى نبطية غير منشورة ولا معروفة للحاتمي، وكان ذلك هو المحرك الأساسي للبحث عن المزيد من أشعاره، والبحث أيضاً عن حياته وسيرته التي كادت أن تمحى من الذاكرة الشعبية.

وبعيداً عن التدوين والمخطوطات جاءت المفاجأة الثانية؛ فقد عثرت على رواة من إمارة أم القيوين يحفظون قصائد للشاعر الحاتمي، وقد كان هذا الاحتمال غير وارد أيضاً نظراً لانقطاع سيرة حياته وإهمال الناس له، وكذلك طول المدة الزمنية التي تفصلنا عن وفاته، وهؤلاء الرواة هم أشخاص مارسوا مهنة صيد السمك والغوص، ولذلك نجد جل ما يحفظونه يتركز على قصائد الحاتمي التي قالها في وصف البحر والغوص ومعاناته، بينما لم يكن لقصائده الأخرى البعيدة عن بيئتهم نصيب من الحفظ والاهتمام عندهم.ومن هنا وبعد توافر عدد لا بأس به من القصائد، ارتأينا أن نخرجها في ديوان واحد يفتح الباب أمام دراسة الإنتاج الشعري والنبطي الفصيح لهذا الشاعر.