سجلت العلاقات اللبنانية ndash; السورية خطوة متقدمة لم يشهد تاريخ البلدين مثيلاً لها منذ نيل كل منهما استقلاله . فبعد الانجاز الحلم - باقامة علاقات دبلوماسية بين بيروت ودمشق التي طالما نادت قوى الاكثرية في لبنان بحصولها وجعلتها احد شعاراتها الرئيسة في ثورة الأرز عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ها هي دارة السفير اللبناني في العاصمة السورية ميشال خوري تحتفل بالذكرى السادسة والستين للاستقلال حيث تحلق في ارجائها الفسيحة وداخل حديقتها وحول مسبحها عدد من كبار المسؤولين السوريين يتقدمهم وزير السياحة الدكتور سعد الله آغا القلعى ووزير المغتربين جوزيف سويد ونائب وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد والسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم ، إضافة الى رئيس المجلس الاعلى اللبناني السوري نصري خوري وحشد من رؤساء البعثات الديبلوماسية العربية والاجنبية وجمع من الشخصيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية السورية .

بيروت: لقيحفل السفارة اللبنانية في دمشق بذكرى الإستقلال، وهو الأول لها، اهتمامًا ملحوظًا من قبل وسائل الاعلام اللبنانية والسورية والفضائيات العربية فراحت عدساتها تجول بين الحاضرين فيما مندوبوها يستصرحون عددًا من السفراء مع التركيز على السفيرين السعودي والمصري . وكان السفير خوري الذي بدت الفرصة على محياه وهو يستقبل ضيوفه الى جانب عقيلته ديانا حرص منذ تسلمه منصبه في دمشق قبل اكثر من عام على اختيار موقع لائق لمقر السفارة ولمسكن السفير عملاً بالرغبة اللبنانية في ان يكون التمثيل اللبناني فاعلاً ومميزًا خلافًا لما ظن كثيرون بأن قرار لبنان فتح سفارة له في سوريا لن يتجاوز اختيار بضعة مكاتب ومنزل متواضع للسفير .

هذا ولم يتوقف المراقبون عند شكل الحفل الذي بدا أنيقًا حيث زين مدخل الدار بالعلم اللبناني ونقشت الأرزة فوق بابه وتوزعت الإضاءة يمنة ويسرى وقدمت المأكولات اللبنانية على أنواعها ، بل إنصب الاهتمام على المضمون وما ظهر فيه من مواقف لدى الجانبين اللبناني والسوري والتي تؤكد على ان صفحة جديدة فتحت في سجل العلاقات بين البلدين الجارين .

فالسفير خوري أكد في كلمته حرصه كممثل للدولة اللبنانية quot; على تمتين العلاقات الثنائية والمبنية على عوامل متعددة منها علاقات القربى والثقافة والتاريخ والمصالح المشتركة وهي علاقات تنمو وتزداد ثباتًا في المستقبل بناء على الأسس المتينة التي وضعها الرئيس ميشال سليمان والرئيس بشار الأسد quot; .

وأمل خوري quot; أن نوفق في تحقيق هذه الأهداف خدمة لقضايا البلدين وتمكينًا لهما من مواجهة التحديات وفي طليعتها التهديدات التي تمعن اسرائيل في توجيهها تهربًا من موجبات السلام العادل والشامل quot; .

من جهته دعا المقداد الى ان تكون العلاقات بين لبنان وسوريا quot; نموذجًا لما يجب ان تكون عليه العلاقات العربية ndash; العربية quot; ، محذرًا من quot; ان العدو الاسرائيلي سيعمل دومًا على زرع الشقاق بين البلدين quot; ، مشيدًا في الوقت نفسه بالمقاومة اللبنانية quot; التي كشفت العجز العسكري للعدو أمام العدو الذي عكسه الشعب والمقاومة الباسلة quot; .

وفيما اعتبر المراقبون كلام نائب وزير الخارجية السوري موجهًا ndash; وان بشكل غير مباشر ndash; للمعترضين على ذكر المقاومة في البيان الوزاري وتأكيدًا سوريًا على دعمها الكامل لها ، فان ما لفت ايضًا في موضوع العلاقات اللبنانية السورية ما اعلنه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في حواره مع رجال الاعلام والصحافة عقب القاء كلمته في ذكرى الاستقلال بشأن مسألة ترسيم الحدود مع سوريا فردًا على سؤال عن طرحه هذه القضية في لقائه الأخيرمع الرئيس الأسد واذا ما كان هناك اجتماع قريب للجنة المشتركة الخاصة بترسيم الحدود أكد سليمان quot; ان هناك نية أكيدة لترسيم الحدود مع لبنان ، لكن الأمور تتأخر أحيانًا ، وهذه الاستحقاقات التارخية الكبرى اذا تأخرت بعض الشيء فلا بأس . ان التمثيل الدبلوماسي مع سوريا جاء بعد ستين سنة . وترسيم الحدود اذا ما تأخر شهرًا أو شهرين فلا بأس بذلكquot; .

وأضاف : quot; طبعًا اتفقنا مع الرئيس الأسد منذ القمة الأولى ان تنتهي لجنة ترسيم الحدود السورية من عملها على الحدود بين سوريا والاردن وتبدأ بالحدود مع لبنانquot;.

الى هنا ينتهي جواب رئيس الجمهورية وفقًا للنص الذي وزعه المكتب الاعلامي في القصر الجمهوري ، الا ان ما لم يرد في النص هو ما ذكره الرئيس سليمان بهذا الخصوص اذ قال بأن الرئيس السوري يرى استحالة ترسيم الحدود في مزارع شبعا اللبنانية نظرًا لوجود الاحتلال الاسرائيلي فيها ، وهو بدوره يشاطر نظيره السوري هذا الرأي .

ومن المعلوم ان مطلب ترسيم الحدود مع سوريا بما في ذلك مزارع شبعا كان على كل شفة ولسان في فريق 14 آذار الى جانب اصراره على اقامة علاقات ديبلوماسية وفتح سفارة في كل من بيروت ودمشق . وكان الجانب السوري قد ابلغ الرئيس فؤاد السنيورة خلال زيارة الأخير لدمشق في العام 2006 انه على استعداد للبدء بترسيم الحدود على ان تنطلق العملية من الشمال الى الجنوب ، لا فتًا الى وجود تداخل في الأراضي على الحدود اللبنانية السورية في أكثر من منطقة خصوصًا في الشمال والبقاع لا بد من وضع حد له قبل الانتقال الى الجنوب الذي يتعذر فيه القيام بعملية ترسيم شاملة في ظل الاحتلال الاسرائيلي لأراضٍ لبنانية وعدم التوصل الى حل مشكلة بلدة الفجر .

هل تقتنع الأكثرية بوجهة النظر السورية هذه التي تجد تفهمًا لدى رئيس جمهورية لبنان أم تراها مصممة على المضي بمطلبها المتعلق بالترسيم من دون تعديل ؟

هذا ما ستكشفه جلسات مجلس الوزراء حين تنعقد بعد نيل الحكومة الثقة ويبدأ الحديث عن الزيارة المرتقبة لرئيسها الشيخ سعد الحريري الى دمشق وجدول الاعمال الذي سيعد لها .