يحتفل المسلمون في لبنان كما غيرهم من مسلمي العالم غدا الجمعة بعيد الاضحى المبارك، على ان سلسلة الاعياد لن تكون ابداً بعيدة عنهم، فخلال أيام غير بعيدة تحل على التوالي أعياد الميلاد ورأس السنة الهجرية والميلادية. ففي بلد ارتضت طوائفه ومذاهبه العيش المشترك على امتداد مساحته تضفي الاعياد لمسات خاصة بعد سنوات مريرة ملأى بأزمات سياسية، وحروب واغتيالات وغير ذلك مما كان يعكر صفو اي عيد.

بيروت: كثيرة هي محطات التفاؤل والاماني التي يتنظرها اللبنانيون من عيدهم هذه الايام. فبعدما تشكلت حكومة وحدة وطنية تضم غالبية الأطراف وبدأ العمل بانتظام في المؤسسات الدستورية، يتطلع اللبنانيون الى اوضاع معيشية افضل تحضهم على البقاء في بلدهم. وليست هذه السنة الاولى يجاور فيها عيد الاضحى عيد الميلاد. ففي السنة الماضية ترافقا ايضا في الشهر نفسه، وكانت بيروت خصوصا ولبنان عموما، عابقين بفضاءات الاعياد التي دلت على قدرة اللبنانيينعلى تحقيق عيشهم الطبيعي. استطاع اللبنانيون في زمن الاعياد هذا، كما في سابقه ان يبرهنوا لانفسهم اولا ولبعضهم البعض ثانيا وللآخرين الذين يراقبون اوضاعهم ثالثا، انهم يستحقون العيش في سلام، وانهم اكتفوا من أنماط القتل والدمار والحروب الاهلية المتناسلة وحروب الآخرين على أرضهم. وقد خرجوا الى الاسواق قبل ايام من الاعياد كي يشتروا هدايا وملابس تليق بالاعياد، وبدأوا يعايدون بعضهم بعضا في زيارات كانوا قد استنكفوا عنها في المراحل السابقة نتيجة خوفهم وقلقهم مما سيأتي... فعجت بهم الطرق طوال هذا الشهر المغموس بالاعياد، وبدوا اكثر فرحا وانشراحا مما صاروا عليه بعد 14 شباط/ فبراير 2005 و12 تموز/ يوليو 2006. وأن يستطيع اللبنانيون تمضية اعيادهم بهدوء ممزوج بالفرح، فهذا إنجاز يحتسب لهم.

وارتدت شوارع بيروت زينتها من الشعارات المرحبة بالأضحى وكذلك بالميلاد وأشجاره المضاءة. وفتحت المحال التجارية وخاصة تلك التي تبيع الالبسة والزينة إلى ما بعد منتصف الليل، إلى جانب المطاعم المزينة، وكذلك الاستراحات والمجمعات بهدف توفير الخدمات والاغراض الخاصة بالعيد. وفي الدرجة الاولى يعتبر الاطفال الاعياد خاصة بهم، لا سيما أنها تتيح لهم الحصول على الالبسة الجديدة والمفرقعات والهدايا. وفي المقابل يتحضر الاهل والأقرباء للقيام مع اولى ساعات الصباح بزيارة اضرحة امواتهم وقراءة الفاتحة على قبورهم مع تزيينها بالورود والبخور، على ان تبدأ بعدها سلسلة من الزيارات العائلية المتواصلة على مدار ايام العيد الثلاثة.

ولم تفارق تحضيرات اي منطقة ، فبدءاً من بلدات عكار ومدينة طرابلس في الشمال مروراً ببيروت ووصولا إلى النبطية وصور في الجنوب وبعلبك وسائر البقاع، تتلألأ في الساحات والشوارع والطرق ألوان مختلفة من الزينة، تتداخل فيها الأنوار، وتتعانق شجرة الميلاد quot;العملاقةquot; مع أشجار النخيل على وقع quot;أضحى مباركquot;، لترسم بانوراما المدينة مع عيد الاضحى المبارك والميلاد المجيد ورأس السنة.وفي صيدا قال أحد أصحاب المتاجر لـ quot;إيلافquot; إنه مثل كل أهالي مدينته والجنوب يتمنى أن تبقى الزينة تعبيراً عن الفرح، وأن تبتعد إلى غير رجعة عتمة النفق المظلم الذي عايشه اللبنانيون أعواماً مديدة، اختبروا فيها جميع الآلام.