دمشق: تترقب الاوساط العربية والدولية الزيارة التي يعتزم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز القيام بها الى دمشق مطلع الاسبوع المقبل لما لها اهمية بالغة في حلحلة الكثير من المشكلات في المنطقة وراب الصدع الذي شاب العلاقات الثنائية بعد حادثة اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري في 14 فبراير عام 2005.
ولاشك ان الملف اللبناني سيكون احد ابرز المواضيع الساخنة في محادثات الرئيس السوري بشار الاسد والعاهل السعودي اضافة الى الملفين الفلسطيني والعراقي في ضوء انسحاب القوات الأميركية من المدن العراقية وطروحات رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو بشان قيام الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية وكذلك العلاقات العربية الايرانية وعملية السلام في المنطقة.
ويرى المراقبون ان المحادثات السورية - السعودية التي تجري حاليا هي مطلب لبناني بالاساس لان هذا الموضوع يرتد ايجابا على الوضع الداخلي في لبنان حيث يتطلع الكثيرون وبخاصة في لبنان الى ان تؤدي هذه المحادثات الى تحقيق التهدئة والاستقرار الامني والسياسي في لبنان الذي يسير باتجاه تشكيل حكومة جديدة برئاسة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري.
وتسعى المملكة العربية السعودية الى تحقيق علاقات جيدة ومميزة بين سوريا ولبنان ضمن اطار سيادة وحرية واستقلال لبنان ومع المحافظة على سيادة وامن سوريا وذلك انطلاقا من ان العلاقات العربية يجب ان تبقى بخدمة الشعوب العربية ومصالحها وبخاصة بين بلدين جارين شقيقين تربطهما علاقات تاريخية وجغرافية وعلاقات قربى ومصالح مشتركة. وسيحرص الزعيمان العربيان خلال محادثاتهما المرتقبة على اهمية تفعيل وتعزيز العلاقات العربية - العربية وتنقيتها من الخلافات التي وقفت حجر عثرة امام الكثير من المشكلات وبخاصة خلال احداث العدوان الاسرائيلي على لبنان وعلى قطاع غزة المحاصر وتوحيد الجهود العربية لمواجهة اسرائيل التي ترفض التسوية والمبادرة العربية للسلام.
بدورها كررت دمشق التي قالت ان زيارة العاهل السعودي ستحظى بترحيب حار معتبرة ان ما تطمح اليه سوريا في الموضوع اللبناني هو حكومة توافق وطني قادرة على العمل دون معوقات مشيرة في الوقت ذاته الى انها تتلمس تفاهما مع المملكة العربية السعودية حول هذا الموضوع منوهة بالعلاقة quot; الجيدةquot; مع الرياض التي quot;تسير في الطريق الصحيحquot;.
واعربت مصادر رسمية سورية في تصريحات نشرتها وسائل اعلام محلية اليوم عن رغبتها في الايضاح مجددا ان سوريا quot;لن تتدخل في القضايا التفصيلية الداخلية في لبنانquot; مشيرة الى ان هذا القرار quot;متخذ منذ وقت طويل ولا رجعة عنهquot; باعتبار الجزئيات هي شأن لبناني.
واوضحت المصادر تعليقا على الحديث الدائر حول صيغ حكومية للتفاوض بين طرفي المعارضة والموالاة ومحاولة ادخال دمشق في نقاش هذه المعادلة الداخلية quot;انه ومنذ اتفاق الدوحة العام الماضي وسوريا تسير في نهج داعم للبنان ولكن دون تدخل في الشأن الداخلي كما كان واضحا في محطات مختلفةquot;.
واعربت المصادر عن رغبة سوريا في عدم وجود توترات داخلية لبنانية موضحة انه quot;من حيث المبدا فان ما ترغب فيه دمشق هو تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على التصرف دون معوقاتquot; مشيرة الى ان هذا ما تفهمه من الموقف السعودي ايضا وهو quot; ايضا ما يبدو عليه موقف المرشح لتشكيل الحكومة اللبنانية المقبلة quot; في اشارة الى رئيس تيار المستقبل سعد الحريري.
وحول العلاقة مع السعودية اكدت المصادر ذاتها ان quot; هذه العلاقة تسير في الطريق الصحيح quot; وان سوريا quot; تطمح الى ان يكون هناك تنسيق سوري سعودي لحلحلة الكثير من المشكلات في المنطقة لما فيه مصلحة الامن والاستقرار فيهاquot; منوهة بتسمية السعودية سفيرها رسميا الى دمشق وان كانت الحكومة السورية لم تتسلم مذكرة بعد بهذا الشأن.
وكان الرئيس السوري بشار الاسد قد التقى قبل يومين الامير عبد العزيز بن عبد الله مبعوث العاهل السعودي يرافقه وزير الاعلام والثقافة عبد العزيز الخوجة وبحث معه الاوضاع العربية الراهنة وبخاصة التطورات على الساحة اللبنانية. وتاتي الزيارة المرتقبة للعاهل السعودي بعد قمتين سعودية مصرية الاولى عقدت في جدة والاخرى في شرم الشيخ تركزت على تطورات الاوضاع في لبنان بعد الانتخابات النيابية والوضع في فلسطين والعراق وعملية السلام.
وشهدت العلاقات السورية السعودية في الفترة الاخيرة توترا متدرجا بدأ مع اغتيال الرئيس الحريري ثم اخذ يتصاعد بعد خطاب الرئيس الاسد الذي اتهم فيه بعض الحكام العرب ثم بلغ ذروته بعد خطاب نائب الرئيس السوري فاروق الشرع الذي وصف فيه quot;الدور السعودي في المنطقة بالمشلول وان اتفاق مكة المكرمة بين الفلسطينيين قد تم اعداده في دمشقquot;.
واستمر الحال على ما هو عليه الى ان جاءت القمة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي عقدت في الكويت في يناير الماضي واطلق خلالها حضرة صاحب السمو امير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح المصالحة العربية التي مهدت لعقد قمة رباعية في الرياض في 11 مارس الماضي جمعت العاهل السعودي والرئيس السوري والرئيس المصري وسمو امير دولة الكويت.
وخرجت القمة الرباعية بارادة جماعية لتنقية الاجواء العربية ووضع الية للتنسيق بين العرب لمواكبة المستجدات علما ان العاصمتين السعودية والسورية شهدتا قبل وبعد انعقاد القمة زيارات متبادلة بين مسؤولي البلدين حيث قام وزير الخارجية السوري وليد المعلم بزيارة السعودية في 24 فبراير الماضي حاملا رسالة من الرئيس السوري الى العاهل السعودي تلتها زيارة وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل لدمشق في الرابع من مارس الماضي حمل خلالها دعوة الى الرئيس السوري من العاهل السعودي لزيارة السعودية في 11 مارس الماضي. كما التقى الزعيمان العربيان في 30 مارس الماضي في الدوحة على هامش اعمال القمة العربية واتفقا على ضرورة وضع الية للتنسيق بين العرب لمواكبة المستجدات.
التعليقات