علي حلاوي من بيروت: بعدما سلكت بعض النقاط الشائكة في تشكيلة الحكومة اللبنانية وتحديداً مسألتا الثلث المعطل والنسبية طريقهما الى الحل باعتماد صيغة الـ 15- 10-5 مع ضمان كل من الموالاة والمعارضة كل منهما وزيراً قريبا منها ضمن حصة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، طفت الى السطح عقبة جديدة، يمكن ان تؤخر اعلان التشكيلة الحكومية لأيام عدة.

ليس جديداً على الرئيس المكلف سعد الحريري ان يضع رفضه لتوزير الراسبين شرطاً رئيسياً من ضمن سلم الثوابت الذي لن يتخطاه في تشكيلته الحكومية، بل ان هذه الفكرة حملها ودافع عنها مراراً رئيس quot;تكتل التغيير والاصلاحquot; الجنرال ميشال عون حين اكتسح مقاعد المسيحيين في انتخابات الـ 2005. تشبث الجنرال بهذا المبدأ في الحكومة السابقة وسارت الامور حسب ما اراد. ولكن فجأة انقلب quot; السحر على الساحرquot; وبات تطبيقه يشكل اكبر تهديد للتمثيل العوني في الحكومة وذلك نتيجة اصرار الجنرال على ابقاء صهره جبران باسيل في وزارة الاتصالات او نقله الى وزارة الصحة اذا ما نجحت المقايضة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وذلك رغم خسارة باسيل الإنتخابات النيابية، وبفارق كبير في منطقته البترون.

ولم يتأخر موقف الحريري في الظهور، إذ أوضحت مصادره بعد ساعات قليلة من الاتفاق على صيغة الـ 15-10-5 أنه أبلغ كل من يعنيهم الأمر بوضعه مواصفات للوزراء أبرزها ألا يكون أي منهم قد خاض الإنتخابات النيابية الأخيرة في 7 حزيران / يونيو وخسر فيها ، موضحاً أن وضع المواصفات من حقه كرئيس للحكومة .. ومن الشروط الاخرى التي يضعها الرئيس المكلّف كأولوية في التشكيلة الحكومية هي ان تتميز بالتغيير من جهة تطعيم الحكومة بوجوه نسائية وشبابية جديدة من الفريقين. ووصلت الرسالة بسرعة البرق الى الرابية لتهز وزارة الاتصالات بشخص وزيرها باسيل، وكذلك كان حال نائب رئيس حكومة تصريف الاعمال اللواء عصام ابو جمرا الذي ينتظر على quot; احر من الجمرquot; التشكيلة ليعيد اعتباره بعد خسارته الإنتخابات في الاشرفية، وربما تكفيه سنوات اربع جديدة ليجلس الى يمين رئيس حكومته الجديد سعد الحريري كنائب له كي يناكفه بعض الشيء، وهو الامر الذي يحاول الرئيس المكلّف تفاديه. ولم يسلم اعضاء quot;الكتلة الشعبيةquot; الخاسرون وعلى رأسهم الياس سكاف الذي لن يحجز له مقعد وزاري، وبذلك تفقد زحلة تمثيلاً وزارياً ونيابياً معارضاً.

وتقول مصادر المعارضة لـ quot;إيلافquot; إن ما يحاول الرئيس المكلف فعله بعدما تنازل عن اكثرية النصف زائد في حكومته لمصلحة المعارضة التي حصلت ما كانت تريده من ثلث ضامن وان بطريقة مموهة، هو ان يظهر نوعاً من التشدد فيما يتعلق بالحصة المسيحية في الوزارة وذلك لارضاء حلفاءه المسيحيين في فريق 14 آذار/مارس من الذين اصابتهم شظايا الاتفاق بين زعيم الاكثرية والمعارضة . ولم يعلّق مسيحيو الاكثرية على شرط الحريري والذي يمنع توزير مرشحين خاسرين للانتخابات وذلك لعدم وجود اسماء خاسرة لديها، باستنثاء محاولة المقايضة بين توزير باسيل وتوزير النائب السابق فارس سعيد الذي خسر انتخابيا هو أيضاً في دائرة جبيل ، في حين رأت المعارضة شرط الحريري بمثابة ضربة مباشرة لها. واشار بعض قياداتها الى quot; انه ليس في استطاعة أحد بمن في ذلك الرئيس المكلّف أن يضع شروطا على التوزير لأن من شأن ذلك أن يستدرجنا الى وضع شروط مضادة، أقلها رفض توزير كل من هناك شبهة فساد عليه أو شبهة تورط في كل ملفات المرحلة الماضية على الصعيدين المالي والاقتصاديquot;، الأمر الذي يصب في مطالبات الجنرال عون في حملته المستمرة على الفساد.

وما يلفت في شرط الرئيس المكلّف أنه قطع الطريق على توزير مجموعة بارزة من قادة المعارضة وشخصياتها السياسية والحزبية. واذا ما تشدد الحريري في مطلبه، فستنحصر حصة الطائفة السنية في الحكومة والبالغة 6 وزراء بـ quot;تيار المستقبلquot; وحلفائه ولن يكون هناك مكان لرئيس الحكومة الاسبق عمر كرامي الخاسر في دائرته طرابلس وكذلك الامر بالنسبة الى الوزير السابق عبد الرحيم مراد الخاسر في دائرة البقاع الغربي، وكذلك حال مرشحي المعارضة عن المقاعد السنية في دوائر طرابلس وعكار وبيروت الثالثة، والمرشح الخاسر عن دائرة صيدا النائب السابق اسامة سعد الذي خسر المعركة امام رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، علماً بأن المعارضة كانت تسعى لتوزير سعد من أجل تعزيز حضورها في عاصمة الجنوب صيدا.

ويستفيد الثنائي الشيعي حزب الله وحركة امل من ثابتة الرئيس الحريري بحيث لا تكون ثمة فرصة لأي وزير شيعي في التشكيلة اذا لم ينل رضى هذا الثنائي، والامر ذاته ينسحب على وزراء الطائفة الدرزية الثلاثة في الحكومة الثلاثينية العتيدة.