يشكل هدوء الوضع الاقليمي المخرج للازمة الحكومية المشنجة للوضع الداخلي اللبناني.

بيروت: بدأ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الخميس مشاوراته البرلمانية لتشكيل الحكومة في اجواء لا توحي بانجاز سريع خصوصا وان الاوضاع الاقليمية التي تؤثر بشكل حاسم على هذه العملية لم تسجل متغيرات اساسية تنعكس ايجابا على الداخل اللبناني، كما يرى محللون وسياسيون.

وكان الحريري اعتذر في 10 ايلول/سبتمبر عن تشكيل الحكومة، بعد مرور نحو ثلاثة اشهر على تكليفه، على وقع خلاف ظاهري على الحقائب والاسماء جاء وسط اتهامات متبادلة بالعرقلة بسبب الخلافات الاقليمية وابرزها العلاقات السورية السعودية.

وشكل وصول الرئيس السوري بشار الاسد المفاجىء مساء الاربعاء الى جدة للمشاركة في افتتاح جامعة الملك عبد الله بين عبد العزيز بصيص امل بامكان تحسن العلاقات السورية السعودية فعليا بما يسهل تشكيل الحكومة، باعتبار دمشق تدعم مع طهران الاقلية فيما تدعم الرياض مع الغرب الاكثرية .

وعلى هامش الاحتفال جرت مصافحة بين الرئيس الاسد ورئيس حكومة تصريف الاعمال فؤاد السنيورة بعد قطيعة اعقبت اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري عام 2005 واتهام الاكثرية دمشق، اتهاما سياسيا، بالتورط في العملية.

واعتبر السنيورة زيارة الاسد quot;مبادرة جيدة جداquot; وquot;خطوة هامة من اجل تعزيز التضامن العربيquot; كما نقلت عنه الصحف اللبنانية الخميس. ويرى مدير مركز quot;كارنيغيquot; للشرق الأوسط بول سالم ان مجرد اللقاء بينهما quot;يساعد على تهدئة التوتر ويدل على توجه جديدquot; لكنه يبقى غير كاف للتاثير على تشكيل الحكومة.

ويقول لوكالة فرانس برس ان quot;هذا ايجابي لكنه لن يسهل بحد ذاته تشكيل الحكومة. العوائق ما تزال موجودة وربما اصعب من المرة السابقة لان المواقف باتت اكثر تصلباquot;. ويرى الباحث في المركز اللبناني للدراسات السياسية كرم كرم ان quot;الجميع يعرفون ان الوضح الداخلي مرتبط بالاوضاع الاقليميةquot;.

ويقول لوكالة فرانس برس quot;العقبات التي يواجهها التشكيل هي نتيجة محاولات لفرض تسويات اقليميةquot; خصوصا بين سوريا من جهة والسعودية والولايات المتحدة من جهة اخرى او فيما يتعلق بالملف النووي الايراني مع الغرب واسرائيل.

ويضيف quot;حتى الان لا توجد اي متغيرات فعلية في الاوضاع الاقليميةquot; عما كانت عليه عندما جرى تكليف الحريري للمرة الاولى في السابع والعشرين من حزيران/يونيو. ويشير استاذ العلوم السياسية غسان العزي الى quot;جمود في ملف العلاقات السورية مع الولايات المتحدة والسعوديةquot; مما يعني ان الحريري يبدأ مشاوراته في الاجواء التي ادت الى فشله في التاليف في المرة الاولى.

ورحبت الاطراف اللبنانية على اختلافها بزيارة الاسد الى جدة معربة عن املها بان تساهم الزيارة في الاسراع بتشكيل الحكومة. وقالت محطة تلفزيون المنار، الناطقة باسم حزب الله ابرز اطراف الاقلية، quot;اذا اردت ان تعرف حال السياسة في لبنان لا بد لك ان تراقب العلاقات السورية السعودية والتي كانت هذه المرة بردا وسلاما على اللبنانيين مما جعلهم يأملون خيرا بأن الاستشارات النيابية بنسختها الثانية ستؤدي الى ولادة الحكومة الجديدةquot;.

واعتبر النائب قاسم هاشم (اقلية) في حديث اذاعي، انه quot;من الطبيعي ان يكون لمشاركة الرئيس الاسد في افتتاج الجامعة انعكاس لبناني ايجابيquot; معربا عن امله quot;ان يستثمر اللبنانيون هذا المناخ الايجابي بما يعود بالفائدة على الاستقرار الداخليquot;.

ودعا الوزير جان اوغاسابيان (اكثرية) الى quot;الاستفادة من مناخات التهدئة الخارجية خصوصا عقب زيارة الرئيس السوري بشار الاسد إلى السعوديةquot;. وقال ان quot;من شأن اي تقارب عربي عربي ان ينعكس ايجابا على الساحة الداخلية، وبصورة خاصة على عملية تأليف الحكومةquot;.

واعرب النائب عقاب صقر (اكثرية) عن الامل بان تشكل الزيارة quot;مبادرة لاعادة اطلاق علاقات عربية عربية تخدم مصلحة ترتيب البيت العربي والبيت اللبنانيquot;. وكلف رئيس الجمهورية ميشال سليمان في 17 ايلول/سبتمبر الحريري للمرة الثانية تشكيل الحكومة بعد مرور ثمانين يوما على تكليفه الاول.

وتتميز الاستشارات هذه المرة بانها مطولة تستمر حتى الثلاثاء المقبل خلافا لما درجت عليه العادة اذا كانت تقتضي يوما واحدا او يومان على ابعد تقدير. وتطالب الاكثرية كما الاقلية بالاسراع في تشكيل الحكومة بعدما امضت حكومة تصريف الاعمال اكثر من ثلاثة اشهر في مهامها.

وتشير التصريحات العلنية لمصادر الاكثرية انها ما تزال متمسكة بحكومة تعكس نتائج الانتخابات التي فازت بها بغالبية 71 مقعدا من اصل 128 فيما تتمترس الاقلية خلف شروطها وابرزها التمسك بالصيغة التي تم التوصل اليها في الفترة السابقة.

وتعطي هذه الصيغة في حكومة ثلاثينية 15 مقعدا وزاريا للاكثرية و10 للاقلية وخمسة لرئيس الجمهورية.