جزيرتان تقعان على البحر الكريبي لولا سحر طبيعتهما بالكاد تستطيع اكتشافهما على الخارطة، إلا أنهما تجذبان السياح وخاصة محبي الغوص والتنقل بين أحضان الطبيعة في كل أيام السنة.
سان خوسيه: اذا ما أردنا البحث في الأطلس عن دولة انتيغوا وباربودا فقد لا نراها بسهولة لصغر مساحتها على الكرة الأرضية، فهي لا تتعدى الـ 443 كلمتر مربع، ومكونة من أرخبيل. وكما يوحي اسمها فهي تتشكل من جزيرتين انتيغوا، وتصل مساحتها الى 281 كلم مربع، وفيها العاصمة سان جميس وباربودا 161 كلم مربع، وبينهما جزيرة ردوندا الصغيرة جدا.
تقع انتيغوا وباربودا بين بحر الكاريبي والمحيط الأطلسي، ولا يتجاوز عدد سكانها الـ 86 الف نسمة، وبين جزئييها مياه رائعة تضم الكثير من الجزر الصغيرة. والجزيرة مستقلة وعضو في الكومنوالث، لكنها مازلت تخضع إداريًا لتاج ملكة بريطانيا ويدير شؤونها حاكم عام.
يجذب السياح مناخ هذه الجزيرة الاستوائي، فالحرارة فيها تكون في معظم أشهر السنة ما بين الـ 22 الى 30 درجة مئوية، اي ان الشمس تسطع طوال السنة ما يسمح لمحبي الغوص والسباحة ممارسة هواياتهم ومن يرغب في قطع المسافات على الاقدام لاكتشاف الطبيعة الخلابة لهذا البلد، فهو امر ممكن، لكن توجد فترات امطار ما بين شهري تموز (يوليو) تشرين الاول (اكتوبر) قد تشهد خلالها البلاد عواصف شديدة وزوابع، لكنها لا تكون شبيهة بتلك التي تحدث في الولايات المتحدة الأميركية، بل يغتنم البعض الفرصة من أجل التقاط صور لهذه الظاهرة الطبيعية، التي تتحول فيها السماء مع البحر الى لوحات فنية رائعة، لذا تشهد هذه الفترة حشودا من هواة التصوير.
ما يجعل العاصمة سان جميس مشهورة هو بركانها تحت البحر، ويعود عمره الى 34 مليون سنة، فمياهها صحية، وتعتبر مكانا خصبا لنمو الشعاب المرجانية بألوان خلابة في خط يصل طوله الى عشرات الكيلومترات، وهذا يجذب الباحثين عن لقطات تتحول لوحات فنية كبيرة.
أعلى نقطة في الجزيرة هي جبل اوباما، ويتخطى ارتفاعها الـ 400 مترا، وهو بقايا حفرة بركانية يغامر بعض السياح من أجل تصوير أعماقها غير المرئية، وتقع في جنوب غرب انتيغوا، بينما يُفرش قاع مياه باربودا بسجادة من الشعاب المرجانية من مختلف الالوان، تتحول عند المغيب مع انعكاس آخر شعاع للشمس الى لوحة رائعة.
وللمغرمين بالسباحة او حمام الشمس، فان جزئي الجزيرة محاط بشاطئ رملي ابيض اللون، اضافة الى البرك الصغيرة بالقرب في الصخور والعديد من المرافئ الطبيعية، ويمكن للسائح الوصول الى جزيرة ردوندا بقارب صغير، وهي بركان هامد ارتفاعه 296 مترا.
ويدعي سكان الجزيرة بان عدد الشواطئ لديهم هو بعدد أيام السنة، وذلك بسبب كثرة الجزر الصغيرة. وكما كل مستعمرة بريطانية فان رياضة الكركيت منتشرة فوق هذه الجزيرة، لذا يوجد العديد من الملاعب لكثرة الهواة المحليين، وتقام فيها ايضًا بعض المباريات الدولية، خاصة في العاصمة سان جيمس.
مازالت هناك بعض المنازل لها الطابع المعماري البريطانية من القرن الـ17 منها منزل الحاكم العام، واستخدم في القديم كمقر لاقامة ملك بريطانيا جورج الرابع خلال عطلته الصيفية.
الى جانب المتحف الوطني، الذي تروي معروضاته مجريات فترات تاريخية قديمة، مازالت كامل قاعة المحكمة التي بنيت عام 1747 على يدي البريطانيين، كما لو كأنها بنيت قبل أعوام قليلة، وتحولت الى متحف، وتعتبر أقدم منزل مازالت قيد الاستخدام فيها ايضا قطع تاريخية تعود الى قبائل اراواك وفترات الاستعمار.
كما هي الحال على اليابسة التي تعيش فوقها أنواع مختلفة وغريبة من الأزهار، خاصة الاوركيديه والطيور والحشرات، فان أعماق البحر تحوي على الآلاف من أنواع الأسماك والحيوانات البحرية وسهول واسعة من الشعاب المرجانية. هذه كله الى جانب الشواهد التاريخ التي تركها القراصنة وبعدهم البريطانيون وحروبهم مع الفرنسيين يجعل الجزيرة من أغنى الجزر التي تضمن معالم تسد رمق السائح المتعطش لمشاهدة كل شيء في مكان واحد ولا يحتاج قطع مسافات، فابعد مكان عن الآخر لا يتعدى النصف ساعة.
وتقدم الفنادق كما مكاتب السياحة مختلف الرحلات لساعات او ليوم كامل مع وجبات طعام شعبية في سفن صغيرة، ومن يريد مشاهدة قاع البحر من دون ان يتبلل فما عليه سوى قضاء بضع ساعات في قارب قاعه من الزجاج، ولا تبخل الجزيرة في تلبية رغبات هواة قيادة الزوارق الشراعية وخاصة في جزيرة الطيور.
وفي شرق جزيرة انتيغوا وبالقرب من انديان تاون توجد محمية يعيش فيها الآلاف من الطيور والفراشات والحشرات والحيوانات غير المفترسة، إضافة الى مئات أنواع الازهار والأعشاب والأشجار، لذا تحرص السلطات على حمايتها من عبث السياح بتواجد الكثير من الحراس.
التعليقات