يروّج بين العراقيين مصطلح (الكبسلة) على نطاق واسع ، ويعني ادمان تناول حبوب الهلوسة من قبل اشخاص يقضون جل وقتهم تحت تأثير الفعل المخدر لحبوب هي في الغالب مخصصة لأغراض علاجية للمصابين بالاضطرابات النفسية والصرع ، ولكن يُساء استخدامها لتتحول الى أداة لتخريب المجتمع .

أصبحت تجارة الحبوب المخدرة بأنواعها أسلوبًا رائجًا، في وضح النهار من قبل عصابات وأفراد معروفين في الكثير من الأحيان للمجتمع العراقي . ومنذ سنتين اعتاد صبري حسن ( 23 سنة ) على تناول المسكنات بسبب صداع في الرأس يعاني منه، لكن تناوله المستمر لتلك المسكنات أغراه بتناول حبوب طبية أخرى مثل الترامادول، يحصل عليه من الصيدليات والباعة المتجولين، ليصبح مدمنًا لا يمكنه التخلص منه، ولم يكتفِ صبري بتناول الحبوب بل تحول الى تاجر وسيط لتصريف حبوب الهلوسة بين المستهلكين والباعة على سواء .
وبحسب صبري، فإن تجارة الحبوب المخدرة توازي اليوم تجارة المخدرات بل وتتفوق عليها، لاسيما وأنها سهلة التداول ولا تسبب المشاكل مثلما المخدرات ، كما يمكن للشخص تناولها في أي مكان لأنها لا تثير الشكوك ، كما لا تفرز أي رائحة توحي باستخدامها .
حبوب الشبح
الشاب حميد حسن (22 سنة ) ويعمل بائع رصيف يتناول حبوب (الشبح ) حيث يصف تأثيرها بأنها تسبب النوم لثلاثة أيام لمن لم يدمن عليها . ويتابع: لكن أكثر انواع الحبوب رواجًا بين الشباب هي (حبوب النشوة ) وتمنح الانسان شعورًا بالسعادة وكذلك الرغبة في الجنس مثل حبوب (الارتين) .ويسمي حسن أسماء غريبة لحبوب الهلوسة مثل الوردية وأبو الصليب والسمائي والدموي وأبو الطرة والخاكي وأبو الحاجب.
ويؤكد الصيدلاني قاسم حسن من شارع السعدون في بغداد أن بعض الصيدليات لا تجد حرجًا من الحصول على أدوية وحبوب طبية من مصادر غير رسمية . ويشير قاسم الى أن الكثير من المسكنات تتحول الى بديل للمخدرات حتى في مجال التنشيط الجنسي .
ومما يساعد على انتشار حبوب الهلوسة هو أنها تصرف من قبل الصيدليات من دون وصفة الطبيب .
إحساس جميل
ويقول رضا الخفاجي إنه أدمن على تناول الحبوب المهدئة ، ولا يجد في ذلك حرجًا ، فهي ليست مخدرات بل هي نوع من الدواء الذي يشعرك بأحاسيس جميلة. وعلى عكس ما يعتقده الخفاجي فإن أطباء يؤكدون أن الحبوب المسكنة في غالبها تفقدك القدرة على التركيز .
الباحث الاجتماعي سعد القريشي يشرح معايشته لأشخاص مدمنين تناولوا الحبوب بدافع التسلية لكنهم تحولوا الى مدمنين حقيقيين . ويشير الى أن أغلب مدن العراق تعاني من هذه الظاهرة ، وتنتشر بين العاطلين عن العمل من الشباب بصورة خاصة، كما تجد لها موطئ قدم في المدارس أيضا . ويتابع : quot;منطقة الباب الشرقي وسط بغداد و منطقة البتاوين تعج بمتعاطي حبوب الهلوسة والتجّار على حد سواءquot; .
التهريب مستمر
وبحسب ضابط الشرطة كامل العبيدي فإن التهريب خلال الفترة الماضية حين كان الوضع الأمني هشًا ازدادت وتيرته حيث أتاح الظرف ظهور العديد من عصابات التهريب والمتعاطين على حد سواء . ويتابع : quot;مازالت المنافذ الحدودية مصدرًا للمخدرات وحبوب الهلوسة حيث يتاجر بها أناس ذوو خبرة في بيعها وتسويقهاquot;. ويشير العبيدي الى أن عصابات التهريب بين العراق ودول الجوار، توسعت في أعمالها الى درجة أن العام 2011 شهد استخدام طائرة شراعية اخترقت المجال الجوي السعودي قرب منطقة رفحاء حيث اعترضتها السلطات هناك بحمولتها المكونة من ثلاثة اكياس ممتلئة بحبوب مخدرة زنتها 172 كلغ .
ومع ازدهار تجارة التهريب عبر الحدود ، انتشرت بشكل ملفت كميات الحبوب في الأسواق. ولا يمكن إحصاء عدد المدمنين في العراق، بدواعي إدارية حيث يغيب الإحصاء إضافة الى عوامل إجتماعية تمنع إجراء مثل هذه الاحصاءات . ويقول الصيدلاني ستار كاظم إن السوق العراقية تشهد دخول أنواع جديدة لم تعرف من قبل مثل الترامادول , وكذلك الزاناكس المهدّىء وهو ما لم يكن موجوداً في السابق . كما تجد عند باعة الأرصفة السومادريل والريفو تريل والارتين والمكدون والفاليوم .