يمثل مسجد السلطان حسن في حي القلعة بمصر، هرم الآثار الاسلامية، الذي تفتخر به العمارة الاسلامية، حيث وصفه الرحالة المغربي quot;الورتلانيquot; بـ quot;إنه مسجد لا ثاني له في مصر ولا في غيرها من البلاد في فخامة البناء ونباهتهquot;.

أطلق على القاهرة منذ مئات السنين مدينة الألف مئذنة، في إشارة إلى انتشار المساجد، التي تنافس الملوك والأمراء، الذين مروا على صفحات تاريخ المدينة العريقة في إنشائها، وتصعد من بينها مئذنة مسجد quot;السلطان حسنquot; كأطول المآذن في مصر لتقطع 81 مترا نحو السماء، فوق المسجد، الذي ترتفع حوائطه 38 متر، والذي وصفه جاستون فييت المدير الأسبق للمتحف الإسلامي بالقاهرة، بـ quot;أنه أبدع آثار القاهرة، وأكثرها تجانساً وتماسكاً وكمال وحدة وأجدرها بأن يقف بجانب تلك الآثار المدهشة التي تركها الفراعنةquot;، وقال عنه الكاتب الأمريكي ول ديورانت في موسوعة quot;قصة الحضارةquot;: تروي أسطورة غير مؤكدة كيف أن السلطان حسن جمع مشاهير المهندسين من بلاد كثيرة, وطلب إليهم أن يذكروا له أعلى صرح على البسيطة, وأمرهم بأن يشيدوا أعلى منه، مشيرا إلى بدعة بدعة صنعته ودقة زخارفه.
يمثل مسجد السلطان حسن، أحد أهم الآثار الاسلامية التي لا يخلوا برنامج سياحي من زيارته، ويتوافد عليه السائحون والوافدون وكبار الزوار، والذي كان أشهرهم في الفترة الاخيرة بارك اوباما الرئيس الأميركي وقرينته ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، وذلك لما يمثله المسجد من تحفة معمارية فريدة، وقد انشئ أسفل قلعة صلاح الدين التي تطل على القاهرة، وارتفع بناؤه لينافسها، على يد السلطان المملوكي حسن بن الناصر قلاون، الذي اغتيل بعد البدء في بناء المسجد بثلاث سنوات وأكمله من بعده تلميذه الأميربشير الجمدار، لينتهي بعد 4 سنوات أخرى، ويقال انه تكلف 750 ألف دينار من الذهب في وقته.
ويتكون جامع السلطان حسن من مسجد ومدرسة خاصة بكل مذهب من المذاهب السنية الأربعة، الشافعي، والحنفي، والمالكي، والحنبلي، تقع حول صحن الجامع،وتجمعت فيه شتى الفنون والصناعات، كما يؤكد الدكتور الدكتور عطية القوصى، أستاذ التاريخ والحضارة الاسلامية بجامعة القاهرة، ويضيف أنه أفخم المساجد المملوكية، بسبب جمعه بين ضخامة البناء وجمال الهندسة، وتنوع زخارفه كدقة الحفر فى الحجر، ممثلة فى زخارف المدخل والباب النحاسى للمسجد، والثريات النحاسية والمشكاوات الزجاجاجية التي تزين سقف المسجد، والشغل في الخشب الذي تميز به العهد المملوكي.
أول ما يلاحظه زائر المسجد، هو ارتفاعه الشاهق، حيث بني من كتل حجرية ضخمة، ليكون رمزا لفن العمارة في عصر المماليك، وتبلغ مساحته 7906 متر، وطوله 150، وعرضه 67ً، وارتفاعه 39، وبالنسبة لباب المسجد فهو يمثل اية في بدعة الصنعة، وهو مكسوة بالنحاس المشغول بأشكال مفرغة بزخارف دقيقة. ومثله باب المنبر، وعلى أحد مدخلي القبة، يوجد باب مصفح بالنحاس، حشواته بالذهب والفضة على أشكال وهيئات زخرفية، تمثل أحد روائع الفن الاسلامي.
ويظهر بمدخل المسجد، دقة الحفر في الحجر، بالزخارف المنقوشة عليه، وهو مربع الشكل تقريبا يبلغ طولهrlm;34.60rlm; متراrlm;,rlm; وهو مفروش برخامrlm; ابيض مرمري,rlm; وتتوسطه فسقية للوضوء تعلوها قبة خشبية على ثمانية أعمدة.
ويتبع المدخل سلم مكون من خمس درجات، يتبعه دهليز ينثني على شكل زاوية إلى اليسار، لينتهي إلى صحن المدرسة المفروش بالرخام المتعدد الألوان، وتبلغ مساحتها 32 في 34 متر، وتعد تحفة فريدة، فهي ساحة مرصوفة من أحجار الفسيفساء المرتبة بشكل منظم للغاية، ويطل عليها اربعة إيوانات ndash;الايوان مكان له ثلاث حوائط وسقف ومفتوح من الجهة الرابعة- تؤدي كل واحدة منهم إلى مدرسة فقهية.
ويبلغ ارتفاع قبة المسجد 48 مترا، وقطرها 42 مترا، ويرجع تاريخ إنشائها إلى القرن السابع عشر حيث حلت محل القبة القديمة، التي فقدت بسبب نزاع عسكري نشب بين فرق الجند العثماني، ما أحدث تراشق مدفعي بين قلعة الجبل والمماليك المتحصنين بمدرسة السلطان حسن، حيث كان يستخدم أمراء المماليك المتمردون المسجد في رمي القلعة مقر الحاكم بالمجانيق نظرا لارتفاعها. وبأركان القبة الجديدة أشكال ضخمة من الخشب نقش أحدهما ليمثل ما كانت عليه باقى الأركان، وتكسو جدران القبة بارتفاع ثمانية أمتار وزرة رخامية يعلوها طراز خشبي كبير مكتوب في نهايته تاريخ الفراغ من بناء القبة القديمة سنة 764 هجرية، ونقشت على دائرة القبة من الداخل ايات من القرآن الكريم.
وهناك قبة أخرى بالمسجد ترتفع 8 امتار مكسوة جدرانها بالرخام الملون، تسكن تحتها مقبرة السلطان حسن ، ولكنه لم يدفن بداخلها، لأنه حين قتل لم يعثر على جثته. وكان مخطط للمسجد أن يضم أربع مآذن، شيد ثلاث منها، ولم يبق منهم سوى مئذنتان قائمتان إلى اليوم، بعد أن سقطت خلال سنوات البناء، فقرر السلطان المملوكي الاكتفاء بالمئذنتان بسبب تشؤمه من موت بعض المارة من المئذنة التي سقطت، ومن الاسرار الغريبة في هذا المسجد أنه لم يستدل على المهندس الذي أشرف على تصميمه وتنفيذه.