الوصول الى آثار آشور ونمرود في الموصل (465 شمالي بغداد) ، يصبح اليوم أكثر سهولة نظرا لان هذه المدينة التي تقع بالقرب من الحدود التركية تسهل للسائح الوصول اليها عبر تركيا، كما ان الوصول الى مدينة أربيل (360 كم جنوب بغداد) في كردستان في العراق ، عبر مطارها يتيح الوصول الى آثار الموصل أيضا اذ لا تبعد الأخيرة عن أربيل سوى (86) كيلومترا .

بغداد: يقول مصطفى عمر صاحب شركة سياحية ، ان السائح الواصل الى اربيل بفنادقها الفخمة وخدماتها العصرية ، يستطيع ان يتخذ منها قاعدة إنطلاق في رحلاته لاكتشاف آثار المناطق الشمالية من العراق وأهمها على الاطلاق آثار الآشوريين في مدينة الموصل. وآشور هي عاصمة المملكة الآشورية القديمة، على ضفاف نهر دجلة . وغير مدينة آشور ، هنالك ايضا مدينة نمرود ، وهي المدينة التي اتخذها
الملك آشور ناصربال الثاني (883-859 ق.م.) والتي كانت تسمى كالح . وهنا يستمتع السائح ببقايا آثار العاصمة الثانية للإمبراطورية الآشورية. والى الجنوب من مدينة الموصل تنتقل بك السيارة ، مسافة تزيد على المائة كيلومترا قليلا حيث تصل الى اطلال آشور بالقرب من مدينة الشرقاط (115 كم) جنوب محافظة نينوى .

وبوصول الزائر الى هذه المناطق، يكون في وسط هذه البقعة المترامية الأطراف التي شكلت مركزا للممالك الآشورية المتعاقبة.وعلى رغم ان أغلب هذه المواقع الاثارية ، بحاجة الى الترميم ويسودها الاهمال ونقص الخدمات ، لكن السائح يجد نفسه مستمتعا ومستفيدا لان يبقى معها أوقاتا طويلة في عمق الصحراء متأملاً بقايا أعظم الحضارات في التاريخ . وعبر جولة في المكان، تصادفك الكثير من الآثار ذات القيمة التاريخية والتي تُركت للعراء والظروف الجوية والزمن الطويل وهي تمكث في مكانها ، فهناك الالواح المنحوتة من المرمر ، والمباني الصخرية والطينية . وتدلف أيضا الى بقايا هياكل معبد نابو وزقورة نمرود ، وكل الآثار عبارة عن نتوءات صخرية تطل بارتفاع مهيب على نهر دجلة من جهة الغرب .

يقول سلمان محمد الذي يسكن بالقرب من المكان ويحرس الاثار من السراق والمهربين ، انه لولا الاهالي لأصبحت هذه الاثار ، اثرا بعد عين من جراء التخريب المتعمد والحفر. يقول سعد الجبوري (معلم) الذي يزور المكان ضمن مجموعة من خمسة اشخاص ان الزائر يشعر انه امام الحقيقة ، لان آلة العصر التقنية لم تمس هذه الامكنة ولم تحدث تعديلات عليه ، حيث يبدو لك ان قدمك تطأ ارضا لم تطأها قدم الانسان من آلاف السنين.
يتابع الجبوري : يضاف الى ذلك ان اهالي المنطقة المعروفين بطيبتهم وحسن استقبالهم يحيطونك بكرمهم ويقدمون لك كل مساعدة ممكنة.

تأريخيا ، فأن مدينة نمرود أتخذها الملك الآشوري شلمنصر الأول عاصمة ثانية للامبراطورية الآشورية عام 1273 قبل الميلاد بعد العاصمة الاولى (آشور). الباحث الاثاري احمد حسن الذي رافقنا الى الموقع ، يحتفظ بصورالتنقيبات الاولى للآثار في المنطقة ، وفي احدى الصور التي نشرها على صفحته في فيس بوك ، تبدو الثيران المجنحة الضخمة وهي تستخرج من تحت الارض على يد المنقبين الاجانب حيث نقلت فيما بعد الى المانيا وفرنسا ووصلت ايضا الى الولايات المتحدة مثل الثور المجنح لماسو نمرود ، وكذلك آثار أشورية من حقبة اشور بانيبال 880 قبل الميلاد في متحف المتروبوليتان في نيويورك. وتأخذك الجولة في المكان الى التمتع ببقايا نقوش آشورية تكاد تمحوها يد الزمن ، اضافة الى تماثيل ومكتبة الملك آشور بانيبال وقصره الذي يحمل تسمية ( كويسنجق ) في الوقت الحاضر.

يُذكر ان اولى التنقيبات حدثت في المكان عام 1932 في منطقة (الأربجيه) ، وفي عام 1949 بدأت التنقيبات في موقع نمرود. وليس كافيا زيارة الموصل للاطلاع على اثار الاشوريين ، بل يمكن للسائح الاتجاه بالسيارة الى مدينة دهوك ، لزيارة اثارهم هناك بين الوديان والجبال الخلابة في منظرها. أولى هذه الاثار هي منحوتات معلثايا الأثرية المكتشفة عام 1845. وهي آثار خلفها الملك الآشوري سنحاريب وبدت اليوم مثل تل اثري شاخص. ومن الاثار الشاخصة للعيان جسر يربط بين دهوك ونينوى ، و قناة سنحاريب التي كانت مشروعا لري الأراضي الزراعية اضافة الى منحوتات خنس التي زينت الجبال بشكل منحوتات ، وكلها تمثل متحفا طبيعيا في العراء.

ومتحف مدينة الموصل ، له حصة في الجولة عبر التأريخ ، اذ يستمتع الزائر بزيارة قطع أثرية فريدة من نوعها، وجداريات مزخرفة ، وألواح طينية ، اضافة الى فرن من الفخار عمره ستة آلاف سنة و (مذابح عبادة ) يعود تاريخها الى 680 قبل الميلاد . وفي جولتنا كانت لنا وقفة بجانب الثور الآشوري المجنح ذي الرأس البشري.