عادت وصفات الطب البديل لتفجر جدلا واسعا في المغرب، بعد أن تزايدت البرامج الإذاعية التي يجري فيها استضافة المعالجين بالطب البديل، والذين يقدمون بدورهم وصفات حتى للذين يعانون من أمراض جد مستعصية، ويكثر الحديث عن روايات لمرضى قصدوا تلك الطريقة في العلاج ليقعوا في فخ أمراض مستعصية لم تكن في الحسبان.


الرباط: دق الأطباء في المغرب ناقوس الخطر حول مخاطر وصفات الطب البديل التي تتسبب في حالات تسمم خطيرة أو تكون وراء إصابة المواطنين بأمراض مستعصية، خاصة الفشل الكلوي والكبدي. وتؤكد الأرقام التي قدمها المركز الوطني لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية أنه جرى تسجيل 8483 حالة تسمم سنة 2012، ضمنها 149 حالة تسمم بالأعشاب. وحمل الأطباء بطريقة غير مباشرة مسؤولية تزايد حالات التسمم بالأعشاب المعالجين الذين يقدمون وصفاتهم في البرامج الإذاعية. واعتبر الأطباء المحتجون أن هذه البرامج التي تقدم التداوي بالأعشاب، يسهر عليها في الغالب أناس لا دراية لهم بأمور الطب البديل، وهو ما يحمل الكثير من المغالطات لعدد من المستمعين الذين أوقف بعضهم برنامجه الدوائي معرضا بذلك حياته للخطر.

وزيران يتحركان لوقف البرامج

قادت quot;انتفاضةquot; الأطباء ضد هذه البرامج التي تقدم وصفات الأعشاب إلى تحرك الحسين الوردي، وزير الصحة، الذي طالب بوقفها فورا. وجاء تحرك الوردي عبر توجيه رسالة إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا)، يحثها فيها على التعجيل بوقف هذه البرامج. وقال الحسين الوردي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;لقد كتبت إلى الهيئة العليا للسمعي البصري لوقف هذه البرامج. فالإذاعات ليست ملكي ولا يمكننا أن أوقفها بين عشية وضحاهاquot;. وأضاف وزير الصحة المغربي quot;راسلت أيضا وزير الاتصال مصطفى الخلفي، الذي كتب، بناء على رسالتي، رسالة أخرى إلى (الهاكا) التي يجب أن تتخذ الإجراءات اللازمةquot;.

هذا منطق الدولة في التعامل معهم

علاج الناس أمر في غاية الخطورة، غير أنه في المغرب تزايد بشكل مهول المعالجين بالطب البديل، في غياب تام لأي قانون أو ضوابط تحمي المرضى الذين يدفعون في بعض الأحيان حياتهم ثمنا لوضعهم الثقة في أشخاص ليست لديهم المعرفة والخبرة التي تؤهلهم للقيام بهذا العمل. ورغم أن الإقبال على هؤلاء quot;المعالجينquot; بالطب البديل في تزايد، حتى من طرف رجال الدولة، إلا أن دق ناقوس الخطر لا يكون إلا بعد quot;خروجهمquot; إلى العلن. وهذا ما حدث في الشهور الأخيرة، إذ بعد أن أصبح العاملين في هذا المجال quot;نجومquot; برامج إذاعية، عاد الجدل حول العلاج بالأعشاب ليطفو على السطح، علما أن هناك وصفات تباع في أي مكان ويجهل حتى مصدرها.

الدكتور والباحث كريم العابد العلوي واحد من المعالجين المعنيين بطلب وزير الصحة، لكونه يقدم وصفاته للمرضى عبر أثير إذاعة خاصة. وفي تصريحه لـ quot;إيلافquot;، قال العلوي quot;عندما يعرض علي شخص مشكلته الصحية أسأله أولا حول ما إذا كان راجع الطبيب وما هي ملاحظاته، قبل أن أبدأ في البرنامج العلاجيquot;، وزاد مفسرا quot;لدي قواعد عمل من خلالها أحاول أن أوظف المألوف من المواد العلاجيةquot;.
وذكر المعالج بالطب البديل أن العمل بالمواد الطبيعية يجعلنا نوظف للطبيب أدوات عمل قوية، لأن البرنامج العلاجي يوضع بالتنسيق مع الطبيب، مضيفا quot;أنا لا أخرج عن المألوف حتى أتمكن من ضبط نوعية المادة العلاجية، وجودتها، حتى المقاديرquot;.

وقال quot;عندما نحترم المقادير، ووتيرة العلاج، وننسق مع الطبيب ليزودنا بالفحوص والتحاليل، ومع المختبرات لمتابعة حالات فقر الدم أو السرطان.. فإننا نصل إلى نتائج ممتازة. ولقد نجحنا في علاج 20 حالة سرطان كبد، و7 آلاف حالة سرطان، وحالات فشل كلوي....quot;. وأكد أنه quot;بهذه الطريقة يقوم الطبيب بعمله بدقة ونحن نقوم بعملناquot;، وزاد موضحا quot;نحن نشتغل بمواد طبيعية تنظف الجسم، إذ نستعمل البصل والعسل، والماء، وزيت الزيتون...quot;. وبخصوص وضعيتهم وهل لديه رخصة لمزاولة هذا العمل، قال العلوي quot;الدولة تتعامل معنا بمنطق اشتغلوا، لكن إذا جرى ضبطكم فإنكم ستتعرضون للاعتقالquot;.

وصفة تقلب حياة مريضة

حولت بعض الوصفات العشبية حياة بعض المواطنين إلى جحيم، بعد أن تسببت في إصابتهم بأمراض مزمنة وخطيرة. فيروز تاج الدين، 35 سنة، تعمل في القطاع الخاص، واحدة من الضحايا الذين وجدوا أنفسهم يصارعون مرضا مزمنا، بعد أن أدى إقبالهم على تناول وصفات قدمت لهم من طرف أشخاص يدعون العلاج بالأعشاب. تقول فيروز، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;كنت أعاني من مشاكل في المعدة والقولون.. وكنت في الغالب أتناول وصفات عشبية، لكن في أحد الأيام دلتني صديقتي على شخص في منطقة البرنوصي في الدار البيضاء، يدعي العلاج بالأعشاب، فقصدته وحصلت منه على وصفة كررت استعمالها بطلب منه، قبل أن أتفاجأ بتزايد الآلام..لأقصد الطبيب فصدمني بالخبر الصاعقة ألا وهو إصابتي بفشل كلوي مزمنquot;.

وأوضحت فيروز أنها quot;تستعد لوضع شكوى ضد المعالج المذكور، الذي قلب حياتها رأس على عقب، بعد أن أدت وصفته إلى تضرر كليتيها بشكل كبيرquot;. وأضافت quot;أعاني حاليا من فشل كلوي مزمن، وسأبدأ، إنطلاقا من الأسبوع المقبل، في عملية تصفية الدم... حسبي الله ونعم الوكيلquot;. يشار إلى أن هذه البرامج ساهمت في زيادة الرواج العطارين، الذين استغلوا الإقبال الكبير على عدد من الأعشاب ليرفعوا ثمنها لأكثر من النصف.