يستمر التنافس شديدًا بين كبار مصنعي الأجهزة الإلكترونية في السوق الذكية، وحين ضاقت بهم سوق الهواتف واللوحيات، انتقلوا إلى ميدان الساعات، يحولونها ذكية بإضافة خاصيات جديدة عليها، ليس أقلها الاتصال الهاتفي، والاتصال بالانترنت، والوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي، والبريد الالكتروني.

لم يكن البحث عن سبب دخول كبار مصنعي الأجهزة الإلكترونية مثل أبل وسوني وسامسونغ ميدان الساعات الذكية أمرًا صعبًا. فهذه الساعات، بذكائها الرقمي الخارق، أنقذت خدمات البريد الإلكتروني من خطر التوقف التام عن استخدامه بشكل شخصي، بعدما غزت التطبيقات الاجتماعية أغلب الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، وصار تنزيلها متاحًا من أسواق أندرويد quot;بلاي ستورquot;، ومن أسواق تطبيقات أبل quot;آب ستورquot;، خصوصًا بعدما انضمت سوني وموتورولا إلى سامسونغ وأل جي وغيرها إلى منظومة أندرويد. فقد سهلت هذه التطبيقات التواصل بين المستخدمين، ما أدى إلى تراجع حاد في استخدام البريد الإلكتروني خلال العامين الماضيين. ويؤكد مختصون في قطاع الأجهزة الذكية أن الساعات الذكية الجديدة ستنقذ البريد الإلكتروني وخدمات أخرى مصاحبة له، كخدمات التقويم وجدول المواعيد وسجل العناوين، إذ ستتوافر جميعًا في الساعات الذكية، والتي يمكن وصلها بالأجهزة الذكية لعرض محتوياتها. كما تلعب هذه الساعات الذكية دورًا متممًا لدور الهاتف الذكي، فيصلها به تطبيق بلوتوث، ما يتيح لمستخدمها الاجابة على اتصالاته الهاتفية، وقراءة بريده الإلكتروني، والاطلاع على آخر المستجدات في مواقع التواصل الاجتماعي من دون أن يخرج هاتفه من جيبه.
تقدم كوري سريع
بالرغم من أنها لم تنتج ساعتها الذكية بعد، إلا أنه ليس تسرعًا الاعتراف بريادة سامسونغ في هذا المجال، خصوصًا أنها تشكل رأس حربة في التنافس مع أبل على سوق الذكاء الرقمي في العالم، من حيث التطور والشكل والخواص الرقمية عالية الجودة والفاعلية. وهي تتحضر لطرح اولى ساعاتها الذكية التي تسربت صور عنها في الأيام القليلة الماضية، وشحنت نموذجها إلى ألمانيا في التاسع والعشرين من تموز (يوليو) الماضي، لتجربة نظام تشغيلها، على أن تكشف عنها في أيلول (سبتمبر) القادم، في مؤتمر IFA2013 الذي سينعقد في برلين. وقد نشر موقع كوري مُختص بالتقنية صورًا لساعة سامسونغ غالاكسي Altius، ويظهر فيها شكل نظام الساعة وبعض ميزاتها. وتشير التفاصيل المنشورة إلى تميز الساعة بشاشة 500 x 500 بكسل، وبسعة تخزين داخلية تصل إلى 235 ميجابايت، وبتطبيقات للموسيقى والبريد الالكتروني وساعة وخرائط غوغل، مع إمكانية استعمال خاصية واي فاي أو الشبكة الخلوية للاتصال داخل الساعة. ولم يتضح بعد إن كانت هذه الساعة ستعمل بنظام أندرويد أو بنظام ذكي آخر تبتكره سامسونغ.

ابتكارات آتية
أما أبل، فبعدما سجلت براءة اختراع في كانون الأول (ديسمبر) الماضي عن طريقة جديدة لنتاج الزجاج المنحني عالي الجودة، يقول خبراء التقنية إن الشركة تتحضر بالتأكيد لاستخدام هذا الزجاج في تصنيع ساعتها الذكية الجديدة ''iWatch''. وتواتر أن أبل عينت أكثر من 100 مصمم مختص في الساعات اليدوية، أغلبهم من كبار مصنعي الساعات التقليدية السويسرية، في مشروع ساعتها الذكية، ما يشي بأنها ستكون أقرب إلى الساعات التقليدية من حيث الشكل. وأبقت أبل خصائص ساعتها طي الكتمان، ولم تلمح أبدًا إلى موعد طرحها في الأسواق ولا إلى سعرها. لكن تقارير صحافية تنبأت بأن ساعة أبل الرقمية الذكية ستكون جهاز كمبيوتر متنقلا، تحتوي على بعض مواصفات آي فون. وكذلك اتجهت سوني لإنتاج الجيل الثاني من ساعتها الذكية SmartWatch 2، وهي ساعة ذكية تحتوي على غالبية خدمات الهواتف الذكية، كالاقتران مع هواتف أندرويد عبر بلوتوث، ومتابعة آخر تغريدات المتابعين في تويتر، أو آخر أخبار الأصدقاء على فايسبوك، وقراءة الرسائل والبريد الإلكتروني، وتحميل التطبيقات من متجر غوغل بلاي، وإعطاء أمر للهاتف بإجراء مكالمة واستخدام سماعة لاسلكية للحديث من خلالها.
تنافس بين نظامين
وبعد اتساع نطاق المنافسة ليشمل الساعات الذكية، بعد الهواتف والأجهزة اللوحية، يشير المراقبون إلى أن هذه المنافسة ليست بين العملاقين أبل وسامسونغ، بمقدار ما هي منافسة مميتة بين نظامي تشغيل iOS و Android. فمن ينسى قول الراحل ستيف جوبز، مؤسس آبل: quot;سوف أنفق آخر دولار أملكه في القضاء على اندرويدquot;؟ والجميع يدرك بكل وضوح أن معركة أبل الحقيقية هي ضد غوغل، التي طورت نظام تشغيل أندرويد، لأن هذا النظام هو الذي يشكل التهديد الكبير لأبل، في الهواتف واللوحيات والساعات، لأنه نظام مفتوح المصدر لتشغيل الاجهزة الذكية المختلفة، يساعد على الابتكار والتطوير، وخلق المنافسين لأبل ولسامسونغ أيضًا. فكل شركات الهواتف الذكية، من موتوريلا إلى سونى اريكسون او اتش تي سي، تحولت من نظام ويندوز موبايل إلى نظام اندرويد، محاولة اللحاق بتكنولوجيا كانت أبل السباقة إلى تطوير تطبيقاته. وحدها نوكيا تبقى في المقعد الخلفي، بنظام تشغيل مستقل عن الجميع، ومن دون أجهزة لوحية أو ساعات.