تنوعت وتعددت واجهات أجنحة البلدان المشاركة في الموسم العشرين للقرية العالمية، الوجهة العائلية الأولى للثقافة والتسوق والترفيه في دبي، وامتزجت لتشكل في مشهد بديع يمثل أشهر المعالم لبلدان العالم، ولتضع ضيوف القرية العالمية بين أبرز الأماكن التي يتوقون إلى زيارتها في يوم من الأيام.

واحتفظت كل واجهة من واجهات الأجنحة المشاركة وعددها 32 جناحاً والتي تضم إبداعات 75 دولة بمظهر فريد وخاص بكل منها، مستعينة بمجسمات تراعي في تصميمها أدق التفاصيل والقياسات والألوان بما يعكس المعنى الحقيقي الذي تمثله، وبما يمنح الضيوف عند التوقف أمامها والتمعن فيها لمحات وافية عما يعبر عنه البلد المشارك، وما يمكن للضيوف توقعه عند عبورهم بوابات الأجنحة.

السفن الثلاث ورحلة كريستوفر كولومبوس
ومن بين الأجنحة ذات الواجهات المميزة، جناح إسبانيا الذي اختار لمشاركته في دورة الموسم الجاري رحلة الرحالة الشهير كريستوفر كولومبوس، الذي ينسب إليه اكتشاف العالم الجديد وأميركا في العام 1492، وذلك بعدما أبحر على متن ثلاث سفن ضمت سفينة القياد سانتا ماريا، والسفينة بينتا، والسفينة نينيا.

وتستلهم واجهة الجناح الإسباني الرحلة بمجسم ضخم للسفن الثلاث في وضعية صراع مع الأمواج، تتوسطهما سانتا ماريا، فيما لم يغفل المصمم عن الحفاظ على التفاصيل الخاصة بالإبحار مثل الأشرعة والحبال وعجلة القيادة الخشبية، فضلاً عن اللون المميز للسفن الخشبية المعروفة في ذلك الوقت.

ولا يتوقف تصور الإسبان لجناحهم عند هذه المرحلة بل يمتد إلى مدخل الجناج الذي تم تصميمه على شكل متحف ناطق يعبر كذلك عن رحلة الاستكشاف التاريخية، حيث تعرض شاشات زوايا مختلفة للبحر وجوانب قافلة السفن وهي تصارع الأمواج، فيما تتدلى الحبال البحرية من جدران المتحف موحية بمتن السفينة، ومصحوبة بأصوات ارتطام الأمواج بالسفن، وقرقرة الحبال على الأعمدة الخشبية للسفينة.

ومنذ ظهورها، عمدت القرية العالمية إلى استقطاب أطياف متنوعة من الضيوف، منهم الباحثين عن الثقافة، ومحبي استكشاف الأطعمة، ومحترفي الترفيه، إلى صائدي الصفقات. ولمواكبة هذه الرؤية، تعمل القرية العالمية على التطوير والتحسين الدائمين وذلك من خلال ما تتمتع به من بنية تحتية متفوقة، وزيادة أعداد وأنواع عوامل الجذب، والعروض الفنية وغيرها من الفعاليات الشيقة.
وفي نفس الوجهة وعلى بعد أمتار قليلة ينتقل الضيوف من رحلة استكشاف القارة الأميركية إلى العالم الجديد المكتشف، وتحديداً عند جناح الأميركيتان في القرية العالمية، الذي يحظى بواجهة ثرية تضم العديد من المعالم والتعبيرات العاكسة لقارتين كاملتين. فعلى يمين الواجهة ينتصب مجسم لناطحة السحاب الأميركية "إمباير ستيت" والواقعة في نيويورك. ويتكون المبنى من 102 طابق، ويصل ارتفاعه إلى 441 متر مع الهوائي. وقد ظل المبنى الأعلى في العالم لمدة تتجاوز الأربعين سنة وهو يمثل ظاهرة ثقافية للمواطنين الأميركيين عامة وسكان نيويورك خاصة، بفضل شهرته الواسعة إضافة إلى ظهوره في العديد من الأفلام السينيمائية مثل يوم الاستقلال وكينغ كونغ الذي يظهر كمجسم بديع على الواجهة.

فضلاً عن ذلك، يظهر شعار هوليود الأثير على واجهة جناح الأميركيتان، بنجمة تتلألأ عليه معبرة عن كونها حاضنة نجوم الفن في العالم. ولا تخلو واجهة الجناح من التفاصيل الدقيقة مثل القبعة المكسيكية "سومبريرو" الشهيرة بتصميمها، وكرة القدم التي ترمز إلى شعبية هذه الرياضة لدى دول أميركا الجنوبية، مع منحوتة بارزة ودقيقة التفاصيل منسوخة من التراث الشعبي للهنود الحمر في مزيج بديع بين ما كانت عليه القارتين قبل اكتشافهما وبعد ذلك.

وفي الموسم الجاري، تستضيف القرية العالمية 32 جناح يمثل 75 دولة، بإضافات تشمل روسيا واليايان، كما شهدت هذا الموسم عودة جناحي فلسطين وإندونيسيا، وكان الهدف من ذلك توفير حزمة واحدة من الترفيه والثقافة العائلية لملايين الضيوف من داخل الإمارات أو المنطقة أو من حول العالم ذوي الخلفيات الثقافية المتنوعة.

قلعة أوساكا

ومن الغرب إلى أقصى الشرق حيث اليابان المشاركة في فعاليات الموسم العشرين للقرية العالمية، والتي صممت واجهتها على شكل قلعة أوساكا، أشهر رموز اليابان وأكثرها جذباً للسياح، وتعتبر من أشهر القلاع في اليابان، ولعبت دوراً هاماً في توحيد البلاد في القرن السادس عشر. وتفتح أبوابها لزوارها على مدار السنة، خاصة في موسم تفتح أزهار الكرز "الهانامي".
وتم تصميم مجسم قلعة أوساكا بدقة كبيرة وبتماثل دقيق من جهاتها المختلفة، مع مراعاة تطابق ألوانها على واجهة جناح اليابان مع الألوان الزاهية الأصلية، لتعلو في شموخ يعكس تاريخها الضارب في القدم، ولتمثل أحد أهم معالم القرية العالمية.

وتمكنت قلعة أوساكا من الصمود في وجه القصف الجوي الكثيف على المدينة خلال الحرب العالمية، كما أجريت لها عمليات ترميم كبرى في عام 1997 منحتها شكلها الجديد، حيث أصبح برج القلعة حديثا من الداخل ومزوداً بمصعد ليسهل الصعود، ويشمل في داخله متحف عن تاريخ القلعة. ومن رحلة الاستكشاف المفعمة بالأمل والغموض إلى تونس الخضراء التي اختارت لواجهة جناحها المشهد المحبب لهواة السياحة والشواطئ والحياة الرغيدة المفعمة بالاسترخاء والرفاهية، وهو ما انعكس في البيوت الشعبية في سيدي بوسعيد المميزة باللونين الأبيض والسماوي، وأقواسها وأعمدتها المزخرفة ونوافيرها المائية، فضلاً عن مزهرياتها الضخمة الرائعة.

وتقع ضاحية سيدي بوسعيد على بعد 20 كيلومتر في شمال شرق تونس العاصمة، وتعد أول موقع محمــي فــي العــالــم ويعــود تأسـيسـها إلى القرون الوسطى، وتقع في أعالي المنحدر الصخري المطل على قرطاج وخليج تونس، يقطنها حوالي 5000 شخص. و تمثل مزاراً سياحياً رائعاً. ويميز الواجهة التونسية في القرية العالمية مجسمات أبواب البيوت العتيقة والتي يغلب عليها اللون الأزرق. كما تحتوي هذه الأبواب على نقوش وزخارف عتيقة غاية في الجمال. 

قلعة صلاح الدين

ومن تونس الخضراء إلى مصر التي امتد جناحها على مساحة كبيرة تعكس عمق التاريخ الذي تحظى به البلاد. واختار المنظمون للجناح في هذا العام للواجهة نسق يعبر عن أحد المراحل التاريخية المهمة في تاريخ مصر، وهو نهاية العصر المملوكي وبداية عصر أسرة محمد علي الذي تجسد في قلعة صلاح الدين الأيوبي وسط القاهرة والتي يعد المسجد بداخلها أحد أشهر معالمها.

وتجسد واجهة جناح مصر في القرية العالمية قلعة صلاح الدين بأعمدتها الضخمة وقبابها الرائعة بما حملته من نقوش ورسومات، كونت مزيجاً مدهشاً مع الزي الفرعوني الذي يرتديه الحرفيون على مدخل جناح مصر، معبرين عن طبيعة الحياة في تلك الحقبة التاريخية المهمة. وتظهر جدران القلعة على الواجهات الأربع لجناح مصر، الذي لم يغفل عن إدراج التاريخ الفرعوني المثير للاهتمام، فخصص له الجناح متحفاً داخله يضم العديد من مجسمات الآثار الفرعونية وغيرها المعبرة عن الحقب المختلفة.