في خضم عال تتسابق فيه الابتكارات التكنولوجية أحيلت معظم وسائل الإعلام والترفيه على التقاعد، خاصة الأقراص المدمجة وأجهزة الفيديو، إلا أن جهازا واحدا لا يزال يحافظ على بريقه ألا وهو الراديو. 

إيلاف من بيروت: يعود السبب في ذلك إلى السيارات، لكون معظم الذين يقودون السيارة يفضلون الاستماع إلى الراديو أكثر من أدوات الترفيه الحديثة، ولقد بدأت علاقة البشر بالراديو منذ أكثر من 80 عامًا، فبعض الأشياء في الحياة تتطلب المزيد من الاهتمام من القيادة، فيمكنك الاستماع إلى الأغاني والأخبار مع إبقاء عينيك على الطريق، رغم انتشار القنوات الفضائية والراديو الرقمي، اللذين يهددون قنوات الـ FM، في حين أن كل سيارات القيادة الذاتية تهدد وجود الراديو أيضًا.

عبر الانترنت

على مر السنين ظهر الكثير من وسائل التكنولوجيا الرقمية، مثل أشرطة الكاسيت والأقراص المدمجة، وتلاشت جميعها، في حين أن الراديو ظل محافظًا على وجوده، حتى أن بعض العائلات يستبدلون التلفاز بالراديو كوسيلة لترفيه الأسرة، والفضل يعود إلى السيارات التي تسمح للراديو الحفاظ على قيد الحياة.

ووفقًا لتقرير صدر من مركز بيو للأبحاث، ومقره الولايات المتحدة، في العام الماضي، تضاعف عدد الأميركيين، الذين يستمعون إلى الراديو عبر الإنترنت (مثل باندورا، iHeartRadio، أو موسيقى Google Play) منذ عام 2010. وقد ارتفع عدد الأشخاص الذين يستمعون إلى الراديو عبر الإنترنت في سياراتهم بشكل كبير: 35 % من أصحاب الهواتف الذكية يستمعون إلى الراديو عبر الإنترنت في السيارة في الولايات المتحدة الأميركية، مقارنة بـ 21 % في عام 2013، و6 % في عام 2010.

لا يزال شعبيًا

لأنه وسيلة قادرة على التكيف بسرعة مع تغير التكنولوجيا ما بين AM, FM or XM، سواء كان ذلك باستخدام أبراج نقل أو إشارات الأقمار الصناعية والإذاعة يبقى الراديو باستمرار في آذان سائقي السيارات، لذلك فالعلاقة الرومانسية التي تجمع بين السيارات والإذاعة هي غريبة نوعًا ما. ففي الثلاثينات، حاول بعض الولايات في أميركا حظر الراديو في السيارة، لأنه يؤدي إلى تشتيت السائق، في حين أن الموسيقى تعمل على تهدئته، وبالتالي تشعره بالنعاس.

الغريب أنه إلى يومنا هذا والمستهلك لا يزال يرغب في الاستماع إلى الراديو، هذه التقنية التي تعود إلى ما قبل الثلاثينات. ولقد ذكر مركز بيو في عام 2014 أن 91 % من الناس في الولايات المتحدة من عمر 12 أو أكثر يستمعون إلى راديو AM / FM.

جيل XM

قد تكون ايام FM معدودة فليس كل من هو معني سوف يحافظ على تلك التكنولوجيا على قيد الحياة وبصحة جيدة. حيث قال وزير الثقافة البريطاني إد فايزي إن البلاد ستصل إلى "نقطة اللاعودة" للـ FM، وفي غضون عامين تهدف الحكومة إلى مضاعفة كمية من أجهزة الإرسال الرقمية المحلية، بما في ذلك عدد من السيارات المجهزة بالإذاعة الرقمية، بحلول عام 2017.

حتى لو انقرضت الـ FM لا تزال الإذاعة تزدهر على الإنترنت. وبما أن السحابة تربط كل شيء في حياتنا، من هواتفنا لسياراتنا، فإنه سيكون من السهل على الناس الإستماع إلى الراديو، بغضّ النظر عما يحدث للـ FM. 

التطور الأخير في الراديو هو ترددات XM. وتعمل ترددات XM عبر إرسال الإشارات الرقمية للأقمار الصناعية من مصدر مثل استوديو بث. تنتقل الإشارات الرقمية من الأقمار الصناعية، إلى أن يترجم لهم في موالف راديو هوائي خاص. وتقول الشركة التي ابتكرت هذا التردد سيريوس XM أن 75 % من السيارات الجديدة في الولايات المتحدة تأتي مع سيريوس XM الآن مثبتة المصنع. هدفها هو مضاعفة أسطولها من المركبات وتمكينها بحلول عام 2025.

يقول باتريك رايلي، نائب الرئيس الأول للعلاقات المؤسسية في سيريوس XM: "انضممت إلى الشركة في عام 2004 عندما كانت تحوي 600000مشترك، والآن أصبحت تحوي أكثر من 30 مليون نسمة".

من جهته يقول كريس فانجمان مدير قسم النقل والصناعة التحويلية في شركة CSC إنه كان يتحدث إلى كبار المديرين الذين يبحثون بجدية في توفير خدمة سبوتيفاي في السيارات الجديدة، هي خدمة سويدية تجارية للأغاني، التدوين الصوتي والفيديوهات، توفر محتوى ادارة حقوق رقمية من شركات التسجيلات وشركات الميديا، والتي من الممكن أن تشكل منافسًا قويًا للإذاعة.

سيارة ذاتية القيادة

عهد السيارة ذاتية القيادة قادم، وكل صناعة السيارات الكبرى وعمالقة التكنولوجيا، مثل غوغل، اوبر، بايدو، وسامسونغ، اضافة الى اسماء عملاقة في شركات السيارات مثل تويوتا، نيسان، مرسيدس-بنز، تسلا، بي ام دبليو، وفولفو يعملون على اطلاق سيارات ذاتية القيادة، مع تقنية ربط الهاتف الذكي او الكومبيوتر اللوحي بالسيارة، وبالتالي هذا سوف يكون مدمرًا للراديو.

لكن محللي الصناعة يعتقدون أن ذلك سيستغرق الكثير لقتل الراديو مرة واحدة وإلى الأبد. وبعد كل شيء، الكثير من الناس لا يزالون يفضلون الاستماع إلى الراديو، بشكل عام، سواء كان ذلك في سيارتهم أم لا.