ايلاف من بيروت: كشفت وثائق تاريخية سرية أُفصِح عنها حديثاً، أن “شركات الحلوى والسكريات قد دفعت مبالغ طائلة للعلماء في ستينات القرن الماضي مقابل إخفاء معلومات عن خطورة السكر باعتباره أحد المسببات الأساسية لأمراض القلب، واتهام الدهون المشبعة بالتسبب في هذا النوع من الأمراض.

وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فإن المعلومات التى وردت فى الوثائق والمستندات الخاصة بجامعة "هارفارد"& والتي نشرت في مجله JAMA Internal Medicine العلمية تثبت أن ثلاثة باحثين فى جامعة هارفارد تلقوا مبلغا من المال ما يعادل حوالى 50 ألف دولار مقابل إخفاء معلومات ذات طابع متكامل عن خطورة السكر باعتباره أحد أسباب أمراض القلب، إذ ذكروا بدلا من ذلك فى البحث الذى نشرته دورية "نيو إنجلاند جورنال" أن الدهون هى المحرك الرئيس لأمراض القلب .

وقال ستانتون غلانتز، أستاذ الطب بجامعة كاليفورنيا وكاتب الورقة العلمية: "لقد نجح (مالكو صناعة السكر) في تحويل مجرى النقاشات بشأن السكر لعقود".

وفي العام الماضي، كشف مقال في صحيفة "نيويورك تايمز" عن أن شركة كوكا كولا، وهي أكبر منتج للمشروبات السكرية في العالم، قدمت الملايين من الدولارات لتمويل الباحثين الذين سعوا إلى التقليل من شأن العلاقة بين المشروبات السكرية والسمنة. وفي حزيران، حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس، مولت شركات الحلوى والسكريات الدراسات التي ادعت أن الأطفال الذين يتناولون الحلوى يميلون إلى أن يكون وزنهم أقل من أولئك الذين لا يتناولونها.

والآن، علماء هارفارد الثلاثة والمديرون التنفيذيون في صناعة السكر الذين تعاونوا معاً لم يعودوا على قيد الحياة. فأحد هؤلاء العلماء كان د. مارك هيغستد، الذي تدرَّج في المناصب، حتى شغل منصب رئيس قسم التغذية في وزارة الزراعة في الولايات المتحدة، وساهم في إصدار أول مسودة توجيهات سبقت توجيهات الحكومة الفيدرالية الغذائية المعمول بها حالياً. وكان العالم الثاني هو د. فريدريك ج. ستير، رئيس قسم التغذية في جامعة هارفارد.

مصادر التمويل

وقالت رابطة السكر في بيان رداً على تقرير JAMA إن "المراجعة التي تمت في عام 1967 قد نُشرت في وقت لم تكُن المجلات الطبية فيه تشترط على الباحثين الكشف عن مصادر تمويلهم، ولم تشترط مجلة "نيو إنغلاند" الإفصاح عن مصادر التمويل حتى عام 1984".

وأضاف بيان الرابطة أن شركات الحلوى والسكريات كان يجب أن تمارس قدراً أكبر من الشفافية في جميع أنشطتها البحثية، اضافة الى ذلك دافع البيان عن الأبحاث الممولة من الصناعة، بإعتبارها تلعب دوراً مهماً ومفيداً في المناقشات العلمية.&

وقال الدكتور غلانتز، إن "هذا الكشف مهم لأن النقاش حول الأضرار النسبية للسكر والدهون المشبعة ما يزال مستمراً حتى اليوم. لعقود عديدة، كان مسؤولو الصحة الأميركيون يشجعون على الحد من تناول الدهون، مما أدى بالكثير من الناس إلى تناول الأطعمة قليلة الدهون، عالية السكريات، وهي الأطعمة التي يوجه لها بعض الخبراء اللوم الآن على زيادة أزمة السمنة.

تبرئة السكر

وأضاف غلانتز: "كان تحركاً ذكياً للغاية من شركات الحلوى والسكريات، لأن المراجعات المنشورة في مجلات علمية مرموقة لها أبلغ الأثر في توجيه المناقشات العلمية".

واستخدم الدكتور هيغستد بحثه للتأثير على توصيات الحكومة بشأن الغذاء، والتي شددت على أثر الدهون المشبعة في الإصابة بأمراض القلب، في الوقت الذي وصفت فيه السكر بأنه سعرات حرارية فارغة مرتبطة بتسوس الأسنان. واليوم، لا تزال التحذيرات من الدهون المشبعة حجر الزاوية في المبادئ التوجيهية الغذائية التي تصدرها الحكومة الأميركية، لكن جمعية القلب الأميركية ومنظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية الأخرى بدأت في السنوات الأخيرة تحذر من أن إضافة الكثير من السكر قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

وكتب ماريون نسلة، أستاذ التغذية وأبحاث الغذاء والصحة العامة بجامعة نيويورك، مقالة افتتاحية صاحبت الورقة العلمية الجديدة، قال فيها إن "الوثائق قد قدمت دليلاً دامغاً على أن صناعة السكر هي التي مهدت الأبحاث الساعية إلى تبرئة السكر من اعتباره خطراً رئيسياً يتسبب في أمراض الدم والشرايين".