القدس : يعمل عالم البيئة الإسرائيلي غاي دوفرات في غابة في القدس على جمع براز الغزلان المهددة بالانقراض، ويخاطب فريق وكالة فرانس برس مبتسما "قد تكون هذه المرة الأولى التي تأتون فيها لتصوير براز".

ويقول دوفرات (42 عاما) الذي يجري دراسة عن النظام الغذائي لغزلان الجبال في معهد فولكاني التابع لإدارة البحث الزراعي "إنه حيوان هادئ للغاية".

ويعمل العالم الإسرائيلي وفريقه على تحليل براز الغزلان لتقييم جودة الطعام الذي يحصلون عليه في الغابات، وخصوصاً محتوى البروتين.

ويعتبر غزال الجبل من الأنواع المحمية في إسرائيل منذ العام 1955، وهو مدرج في القائمة الحمراء للأنواع المعرضة للانقراض التابعة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.

تحليل البراز

وتتسبب عوامل عدة بتهديد الموطن الطبيعي لغزلان الجبل، من بينها النمو السكاني، وعليه يحاول الباحثون الإسرائيليون تحديد ما إذا كان بإمكان هذه الغزلان التأقلم مع حياة الغابة.

بعد نزهة قصيرة في المسارات المغطاة بأوراق الشجر وبين أشجار الصنوبر في غابة "هكدوشيم" (أو الشهداء) على مشارف القدس، يتقدم دوفرات وفريقه نحو "محطة" للتغوط، حيث يمكن رؤية حبيبات صغيرة داكنة خلفتها الظباء.

ويوضح العالم أن هذه الحبيبات ما هي إلا دليل على أن الثدييات ذات القرون والتي عادة ما تكون موجودة في غابات السافانا، بجسم بني نحيف وقوائم رفيعة، "تتكيف" مع النظام البيئي للغابات الموجودة هنا.

ويرفع أحد أعضاء الفريق البيئي عينات من الحبيبات ويضعها في كيس، مستعينا بمجرفة يدوية.

أعداد مهددة بالانخفاض

بعدها، يتم تنظيف البراز وتحليله لتقييم تغذية الحيوانات العاشبة التي تتبع نظاما غذائيا متنوعا وانتقائيا في آن معا.

يقدر عدد الغزلان الجبلية في إسرائيل بنحو خمسة آلاف، لكن هذا الرقم مهدد بالانخفاض بسبب التحضر، على ما يقول الأستاذان يورام يوم طوف من جامعة تل أبيب وأوري رول من جامعة بن غوريون في بئر السبع (جنوب).

وأشار كلاهما في مقال نشر في المجلة الدولية للحفاظ على البيئة (أوركس)، إلى أن إنشاء الطرق والبلدات والمنازل الجديدة في إسرائيل، كلها عوامل ساهمت في تشتت الحيوانات وعزلت مجموعات الغزلان بعضها عن بعض.

ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب، إذ تواجه الغزلان أيضا تهديد المركبات والحيوانات المفترسة مثل الذئاب أو ابن آوى، وكذلك الصيد، وإن كان محظوراً في إسرائيل.

ورغم كون اسرائيل "المعقل الأخير" لغزلان الجبال، تتناقص أعدادها فيها باستمرار، ولا تتناسب مع قدرتها الإنجابية، وفق ما يشير إليه المقال.

ويحث الرجلان على الحدّ من التوسع العمراني لحماية ما تبقى من الغزلان.

زراعة النباتات التي تفضلها الغزلان

ويتركز وجود الغزلان في المناطق الساحلية في شمال إسرائيل وجنوبها وفي محيط القدس، حيث تشكل الغابات "آخر المساحات الكبيرة المفتوحة والمناسبة للغزلان للعيش فيها"، على ما يقول دوفرات.

انضم دوفرات إلى الصندوق القومي اليهودي لأغراض البحث والدراسة. وتقع غابة "الشهداء" تحت إدارة الصندوق الذي زرع في العام 1951 ستة ملايين شجرة تخليدا لذكرى ستة ملايين يهودي قضوا في المحرقة النازية (الهولوكوست).

ويقول عالم البيئة والمسؤول عن المناظر الطبيعية في الصندوق ياهل بورات "لقد أنشأنا هذه الشراكة لنعرف كيف يمكن استخدام البيانات (الخاصة بالغزلان) مستقبلا، ولإدارة الغابة بشكل أفضل".

ويؤمن بورات (45 عاما) بأن زراعة النباتات التي تفضّلها الغزلان، ما هي إلا واحدة من الطرق للحفاظ عليها. وعمل فريق دوفرات على تركيب كاميرات على الأشجار لرصد حركة الغزلان بالقرب من "محطات" التغوط ولتقدير عددها.

ويضيف بورات "من المهم بالنسبة لنا معرفة أماكن وجود الغزلان لتجنب إزعاجها وعدم دفعها إلى الهروب نحو الطرق".

وبحسب العالم البيئي، فإن الصندوق القومي اليهودي دشّن في الآونة الأخيرة جسورا بيئية على الطرق لتمكين الغزلان من التنقل بين الغابات. يقول بورات "تعتبر هذه الخطوة أهم ما يمكننا القيام به للحفاظ على الغزلان".