إيلاف من بيروت: في زمن أصبحت فيه المشاعر عملة رقمية، قررت روسيا أن تفكك شيفرة المشاعر والأحاسيس التي تخفيها ملامحنا. إنها خطوة جريئة أن تجعل الآلة "تفهمنا" بصمتنا، بنبرتنا، وحتى عبر التعابير التي تظهر على وجوهنا.

في مدينة بطرسبورغ، حيث يعمل المركز الفيدرالي للبحوث العلمية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، أُعلن عن تطوير نظام ذكي يحمل اسم MASAI، قادر على التعرف على المشاعر البشرية من خلال تحليل مكونات الفيديو والصوت والنص المكتوب، بدقة تفوق 80%.

المشروع، المدعوم بمنحة من الصندوق الروسي للبحوث العلمية، يهدف إلى تطوير جيل جديد من المساعدين الرقميين، يتجاوز وظائف الأوامر الصوتية إلى قراءة التفاعل البشري العاطفي، كما نقلت وكالة "تاس" الرسمية في بيان جاء فيه:

"قام المتخصصون في المركز الفيدرالي للبحوث العلمية في بطرسبورغ بتطوير نظام برمجي ذكي يُسمى MASAI، يتضمن مجموعة من الشبكات العصبية القادرة على التعرف على المشاعر الطبيعية والعواطف الإنسانية من خلال المعلومات السمعية والبصرية، مثل الفيديو والصوت والنص".

النظام الذي يحمل اسم MASAI يتميّز بقدرته على تحليل الانفعالات الدقيقة اعتمادًا على خوارزميات متقدمة تفوق دقتها 80٪، أي أعلى من دقة النماذج المستخدمة حاليًا، وفق ما أكد مطورو النظام. ويرى الباحثون أن هذا الإنجاز سيساهم في تطوير مساعدين رقميين أكثر كفاءة وتفاعلًا مع الإنسان.

تقنيات تتجاوز الضوء والصوت

يرتكز هذا التطوير على التكامل بين تحليل الصورة والصوت والنصوص المكتوبة، حيث صُمم البرنامج لمعالجة البيانات السمعية والبصرية حتى في أكثر البيئات تعقيدًا: إضاءة ضعيفة، ضوضاء مشوشة، أو حتى غياب الكلام.

ومن خلال واجهة برمجية مرئية، يمكن تحميل هذه البيانات إلى النظام، الذي يقوم بتحليلها والتعرّف على سبع مشاعر بشرية أساسية:
الفرح، الحزن، الخوف، الاشمئزاز، الدهشة، الغضب، والهدوء، إضافة إلى تصنيف المشاعر وفق نطاق إيجابي أو سلبي أو محايد.
من خلال واجهة مرئية سهلة الاستخدام، يقوم البرنامج بقراءة وتحليل المشاعر الأساسية السبعة:

عندما يعلّم المسرح الذكاء الاصطناعي

ما الذي يجعل نظامًا كهذا دقيقًا إلى هذا الحد؟ الإجابة جزئيًا... في المسرح.

فبحسب ما أفاد مطوّرو المشروع، تم تدريب الشبكات العصبية على قواعد بيانات مفتوحة المصدر تضم تسجيلات متعددة اللغات والأعمار. أما قاعدة البيانات الروسية تحديدًا، فتم جمعها بمساعدة ممثلين شبان من معاهد مسرحية، ما أتاح للنظام التعرّف على انفعالات إنسانية دقيقة يصعب تمثيلها رقميًا.

هكذا، يصبح الممثل أستاذًا في مدرسة الذكاء الاصطناعي، لا بالمنطق بل بالدمعة، بالتنهيدة، وبصوت يرتجف.

تطبيقات إنسانية

في حديث لوكالة "تاس"، قال أليكسي كاربوف، رئيس مختبر واجهات الكلام في المركز:

"يمكن دمج نظام MASAI في مختلف أنواع المساعدين الرقميين المستخدمة حاليًا في شتى مجالات حياة الإنسان. وعلى سبيل المثال، في خدمات الهاتف للمساعدة الطبية الطارئة أو الدعم النفسي، حيث سيسمح الذكاء الاصطناعي العاطفي بالاستجابة بفعالية أكبر لاحتياجات الإنسان".

ويُصنَّف هذا النظام كبرنامج تطبيقي يُستخدم لتحليل وفهم المشاعر الإنسانية بشكل دقيق، ما يفتح الباب أمام اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي في ميادين تتطلب تفاعلًا إنسانيًا حساسًا، فالتقنيات التي كانت تُستخدم في الإعلانات والتسويق باتت الآن تدخل غرف الطوارئ، الفصول الدراسية، وحتى جلسات العلاج النفسي.