محمد حسين الأطرش من مونتريال: تتجاوز الجموع المحتشدة في مدخل قصر الفنونquot; Place des artsquot; وسط مونتريال حيث يقيم مهرجان العالم العربي فعالياته، المهرجان يحتفل بعيده العاشر تحت عنوان quot;ذاكرات متقاطعةquot; وأطلق بهذه المناسبة قافلته باكرا احتفاء بالعيد العاشر، وللقافلة في الثقافة العربية حداءها وحداء قافلة مهرجان العالم العربي في مونتريال، أنغام quot;جوزةquot; محمد كمر.
تدخل القاعة، تسمع صوت موسيقى يحملك إلى هناك حتى معبد آنانا وتشعر للحظة بنسمات تحمل رائحة دجلة اليك، تتجه عيناك باتجاه الضوء والصوت معا، تشاهده متأنقا ببدلته الرمادية، تحدق أكثر، لا تشاهده يحمل آلة موسيقية كأنه يحرك يده بقوس في الهواء لكن الموسيقى حقيقة واقعة كتاريخ العراق. تقترب أكثر، ما تزال يده تضرب الهواء فيغني، يستفزك الفضول فتقترب أكثر بإتجاهه. ها هي فوق ركبته، انها حقيقة لا تتجاوز حجم حبة جوزة الهند التي نعرفها. هي quot;جوزةquot; اذا لكنها من الآن فصاعدا سيكون اسمها quot;جوزة محمد كمرquot; لأنها لا تعود تشبه غيرها. انها لا تشبه الا نفسها وصاحبها يعزف مقاما عراقيا شارف على نهايته ويعلن لجمهوره المنتشي أنه سيقدم لهم quot;الهجر موعادة غريبةquot; على مقام اللامي فتتعالى صيحات الإعجاب من مجموعات كان واضحا من طريقة ترحيبها انها من الجالية العراقية في مونتريال. ادى المقام بأستاذية متميزة أطربت جمهوره واوقفهم عن التصفيق لإستقبال عازف البيانو فرانسوا بوراسّا وفرقة الجاز الكندية التي تشارك محمد كمرالحفل الأول لمهرجان العالم العربي في مونتريال .
وأراد محمد كمر أن يخص جمهور مهرجان العالم العربي في مونتريال بهدية متميزة فقدم لهمquot; الثرياquot; كقطعة موسيقية تجمع quot;الجوزةquot; والجاز. قدم quot;الثرياquot; على أنها مقطوعة باسم ابنته. لا ادري، إن كان يقصد ابتنه كقطعة موسيقية من تأليفه لكن الأكيد ان quot;الثرياquot; لمحمد كمر أروع من أن تحمل أي فتاة اسمها.
quot;الثرياquot; كانت أجمل ثريات الجوزة والجاز اذا صح التعبير. بعد تصفيق طويل اضطر كمر للتدخل ليعلن عن تقديم مقطوعة موسيقية شهيرة لرياض السنباطي التي أدهشت الجميع بقدر ما ادهشهم قدرة quot;الجوزةquot; على التحليق في كافة الالحان. خصوصا ذلك الاداء المتميز quot;لجوزة محمد كمرquot; في لحن تركي جميل حبس انفاس الحضور خصوصا مع تلك النغمة المتميزة التي كانت تصدر من تلك الجرة بين يدي ذلك العازف الشاب. quot;الجرةquot; أسميتها هكذا لكنهم قالوا بأنها آلة موسيقية سنغالية تعزف لأول مرة برفقة quot;الجوزةquot; واستطاع فراس حداد أن يخرج منها نغمات علقت أعين الجمهور بأصابعه اللاعبة فوقها.
الأمسية برمتها كانت محط اعجاب الحاضرين وان كان تواجد الـquot;الجوزةquot; في اللحن الشرقي أكثر طغيانا وابهارا بحيث تحتفظ بحضورها رغم وجود البيانو او الساكسسوفون وتطل رغم صغر حجمها كآلة موسيقية فريدة. ورغم ان فرنسوا بوراسا العازف المعروف في مونتريال أبدى اعجابه بهذه التجربة الفريدة والاولى من نوعها وتمنى ان يصار الى تكرارها الا ان حضور الجوزة في اللحن الغربي يصبح أضعف منه في اللحن الشرقيي ومع ذلك يسجل لمحمد كمر هذا الأداء الارتجالي ودون سابق تحضير في تمكين الجوزة من منافسة الحان البيانو في حوار موسيقي أدهش عازف البيانو بوراسا واثار حماسته للعزف الاضافي.
ليست المرة الأولى التي يكون فيها كمر ضيف المهرجان. العام الماضي شارك فريدة حفل الختام وقبل ذلك بعدة سنوات ايضا لكنها المرة الاولى التي يقف كمر ليقدم موسيقى مليئة بالتحدي، موسيقى تشكل تجربة أولى لإمكانية الارتفاع بموسيقى آلة تراثية لتصاحب موسيقى الآلات الغربية وتثبت قدرتها على تقدم موسيقى راقية.
quot;جوزةquot; وجاز لمحد كمر حملت موسيقى بلاد ما بين النهرين بسنواتها الممتدة عبر الاف السنين لتدهش جمهور مونتريال وموسيقييها في يمطلع الألفية الثالثة.quot;الجوزةquot; لم تعد quot;الجوزةquot; العراقية صارت جوزةquot; محمد كمر وquot;جوزةquot; محمد كمر quot;جوزةquot; جاز.
(تصوير شحادة حلوم)