بيروت: تحت عنوان quot;الرقة تذبح بصمتquot;، أطلق ناشطون في المدينة الواقعة في شمال سوريا والتي تعد ابرز معاقل quot;الدولة الاسلامية في العراق والشامquot;، حملة ضد الممارسات المتشددة لهذا التنظيم الذي يتهمونه باحتجاز المئات منهم.

وسلط الافراج الاسبوع الماضي عن اربعة صحافيين فرنسيين اعتقلوا لأشهر لدى quot;الدولة الاسلاميةquot;، والفظاعات التي رووها عن سجونها، الضوء على معاناة مئات العائلات التي تحتجز quot;داعشquot; أبناءها. ويقول الناشط عامر مطر (28 عاما) لوكالة فرانس برس quot;كل يوم، تتجمع الامهات خارج مقار داعش في الرقة (في شمال سوريا). يبكين، ويرجون الحصول على معلومات عن اولادهن او موعد الافراج عنهمquot;.

واعتقلت quot;الدولة الاسلاميةquot; الناشط الاعلامي محمد نور مطر، شقيق عامر، قبل نحو تسعة اشهر. ومنذ ذلك الحين، لم تعرف عائلة عامر المقيم حاليا في المانيا بعدما اضطر لمغادرة بلاده اثر مشاركته في الاحتجاجات ضد النظام السوري، اي شيء عن شقيقه.

ويقول عامر quot;امي تعاني يوميا لانها لا تحصل على اي معلومات عن نجلها الاصغرquot; البالغ من العمر 21 عاما. وظهرت quot;الدولة الاسلاميةquot; في سوريا في ربيع 2013، وقوبلت بداية باستحسان معارضي الرئيس بشار الاسد، الباحثين عن اي مساعدة في قتالهم ضد القوات النظامية. الا ان هذه النظرة سرعان ما تبدلت مع ارتكاب التنظيم quot;اساءاتquot; بحق السوريين، وسعيه للسيطرة على مناطق وجوده.

وتدور منذ مطلع كانون الثاني (يناير) معارك عنيفة بين quot;الدولة الاسلاميةquot; وتشكيلات اخرى من مقاتلي المعارضة، وطردوها من مناطق واسعة في شمال سوريا. الا ان مدينة الرقة، مركز المحافظة الوحيد الخارج عن سيطرة النظام السوري، لا تزال المعقل الاساسي للتنظيم المتشدد.

وترجح الناشطة في مجال حقوق الانسان سيما نصار ان quot;الدولة الاسلامية في العراق والشام تحتجز اكثر من الف سوري في محافظة الرقةquot;، مشيرة الى ان quot;تحديد رقم دقيق لهؤلاء أمر شبه مستحيلquot;. وتوضح ان الاعتقالات تطال اي شخص يعارض quot;القوانينquot; التي تفرضها quot;الدولة الاسلاميةquot;، ولا يصبح ممكنا الحصول على اي معلومة بشأنه.

وتشير نصار الى ان الرقة تضم عددا غير محدد من السجون، وان التعذيب الذي يتعرض له المعتقلون في السجون السرية هو الأسوأ. ويفيد ناشطون ان عناصر التنظيم يقومون احيانا بتنفيذ اعدامات ميدانية لأشخاص يسوقون بحقهم تهما مختلفة. كما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان السبت عن قيام عناصر من التنظيم quot;بجلد مواطنة 40 جلدةquot; في ريف الرقة، وذلك بتهمة quot;رفضها ارتداء النقابquot;.

ويقول خبراء في الحركات المتشددة ان التنظيم يتصرف على انه quot;دولةquot; قائمة بذاتها، ويحق له فرض سلطته على كل من يخالف quot;قوانينهquot;. ودفع الخوف من ممارسات quot;الدولة الاسلاميةquot; بالعديد من الناشطين السلميين الى مغادرة الرقة، وانتقلت غالبيتهم الى تركيا المجاورة.

وتقول نصار ان quot;الدولة الاسلامية ترى في الناشطين تحديا لسلطتها، ويجدر التخلص منهمquot;. وأطلقت مجموعة من الناشطين الذين يستخدمون هويات سرية الاسبوع الماضي، حملة تطالب بخروج quot;الدولة الاسلاميةquot; من الرقة.

ولقيت الحملة تأييدا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي. وحمل المتظاهرون المعارضون للنظام الجمعة شعارات تدعو الى quot;تطهير الرقة من عصابة (زعيم الدولة الاسلامية في العراق والشام ابو بكر) البغداديquot;.

وردد متظاهرون شعارات عدة منها quot;لا اله الا الله، داعش يا عدو اللهquot;، وquot;الرقة حرة حرة، وداعش برا براquot;. ويقول ابو ابراهيم، وهو احد منظمي الحملة، لوكالة فرانس برس عبر الانترنت quot;الرقة تذبح بصمت... معارضة داعش بات امرا شديد الخطورة، لكن علينا ان نكسر جدار الصمتquot;.

يضيف quot;علينا ان نقدم تضحيات، والا سيحكموننا الى الابد، وهذا امر غير مقبولquot;. واثارت الحملة حنق quot;الدولة الاسلاميةquot; التي نفذت سلسلة اعتقالات طالت نحو 70 ناشطا في الرقة خلال الاسبوع الماضي وحده، بحسب نصار التي تنشط مع quot;الشبكة السورية لحقوق الانسانquot;.

وتقول نصار quot;اعتقلوا كل من وجدوه يستخدم موقع +فيسبوك+ ولو حتى لمجرد التسلية، واحتجزوا اشخاصا لا علاقة لهم بالشأن السياسي. لقد فرضوا صيغة جنونية من قانون الطوارىء في الرقةquot;. واتهمت المعارضة السورية قبل اشهر quot;الدولة الاسلاميةquot; بانها على quot;علاقة عضويةquot; بالنظام السوري وتعمل على تحقيق quot;مآربهquot;.

وكان مصدر امني سوري افاد فرانس برس في وقت سابق ان القوات النظامية لن تعمل لاستعادة السيطرة على الرقة quot;لتكون المدينة مثالا. نريد ان يرى الناس ماذا يحصل عندما يسيطر المسلحون على زمام الامورquot;.

وفي حين سجلت على امتداد النزاع السوري انتهاكات متعددة لحقوق الانسان من كل الاطراف، الا ان الناشطين يرون في ممارسات quot;الدولة الاسلاميةquot;، استخفافا تاما بأدنى الحقوق. وتقول نصار quot;يعتقد عناصر الدولة الاسلامية انهم يقومون بالامر الصحيح. لا يكترثون لسمعتهمquot;.

وتشير الباحثة في quot;هيومن رايتس ووتشquot; لما فقيه الى ان المنظمة تحض على وقف الدعم المالي الذي تناله quot;الدولة الاسلاميةquot;، وعلى ضمان ان يرفع الشأن السوري برمته الى المحكمة الجنائية الدولية. وتقول ان احالة مماثلة quot;ستسمح لبعض الضحايا بتحقيق العدالة، وستمثل رادعا لانتهاكات كهذه في المستقبلquot;.

الا ان اقارب المعتقلين لدى quot;الدولة الاسلاميةquot; لا يبدون متفائلين. ويقول عامر مطر quot;نحن مستعدون لكل ما يلزم لضمان الافراج عن محمد نور، لكن داعش لم يقر حتى انه محتجز لديهquot;. يضيف quot;نشعر باننا مشلولون. نحن السوريون مواطنو اللامكان، ولا يمكننا ان نلجأ الى اي دولة او قوة عالمية، لطلب الدعمquot;.