يحتفل لبنان بعيد شهداء الصحافة في السادس من أيار، فما الذي يميّز الإعلام اللبناني اليوم في ظل الإنقسام العمودي السياسي الحاد في البلد، وما دور أخلاقيات المهنة في ضبط الوضع؟.

بيروت: يأتي عيد شهداء الصحافة في السادس من آيار/مايو&والصحافة في لبنان شاهدة على بعض النواقص التي تعتريها في بعض الأحيان، مما تسبب للأسف في انقسامات عامودية& في الرأي والموقف من الأحداث الدراماتيكية المصيرية، فما هو الدور الذي يجب أن تلعبه المؤسسة الإعلامية اليوم، وماذا عن الضوابط الأخلاقية للإعلامي ومؤسسته؟

يشدد الإعلامي فداء عيتاني في حديثه لـ"إيلاف"على ضرورة تعريف ماهية المؤسسات الإعلامية، هل هي ذات رسالة سامية، أم أنها مؤسسات تجارية، وإذا كانت المؤسسات الإعلامية تموّل سياسيًا من محازبيها، فهي ستكون منحازة وتأخذ طرفًا، وتعبِّر عن رأي جهة سياسية محددة، أو مجموعة مواطنين أو مصالح سياسية، من هنا تغدو المؤسسة الإعلامية ابنة بيئتها، سواء في لبنان أو الخليج أو أي دولة، وبما أن تلك المؤسسات مرتبطة تمويليًا وسياسيًا بجهات محلية، فهي حتمًا بحسب الإشتباك السياسي، وبحسب الإنفجار الأمني، تسعى إلى عدم إعطاء صورة واضحة عنها، وهذا لا يمكن ملاحظته بقوة في أيام التهدئة الأمنية.

ويلفت عيتاني إلى أنه من العام 2005 حتى اليوم، زاد التشنج السياسي في لبنان، بناء على خلاف بالرؤيا في السياسات الخارجية، وأصبح الصراع اليوم من يحكم لبنان، وأي خط سياسي خارجي يتحكم به، من هنا تصاعد الإشتباك منذ العام 2005 ليصل إلى أقصى حدوده، ليعمّ كل الأراضي اللبنانية، والإعلام اللبناني عكس بدوره الواقع السياسي.

بدوره، يقول الإعلامي منتظر الزيدي لـ"إيلاف" (إعلامي عراقي مقيم في لبنان وعرف عنه رشقه للرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش بالحذاء) ، أن الإعلام اللبناني هو الأكثر تطورًا بالنسبة للإعلام العربي بصورة عامة، والكم الكبير من الحرية التي ينعم بها الإعلام اللبناني، أعطاه القدرة على مواصلة التقدم نحو إعلام متميّز، ومتطوّر، واقترب بذلك من الإعلام الغربي، وهذا يعود الى التطوّر الذي رافق الإعلام اللبناني على مدى العصور مع وصول الكتابة إلى ذروتها مع بطرس البستاني،& والإعلام اللبناني متقدم على العربي من حيث المهنية، والشكل والمضمون، إلا أن الضخ الطائفي والسياسي والعقائدي الذي حصل في لبنان، جمع حوله بعض الكتاب والإعلاميين الذين يحاولون تشويه صورة هذا الإعلام المتطور، والذي نعتبره صفوة الإعلام العربي، وهؤلاء لهم أصوات ووسائل إعلامية.

الأخلاق الإعلامية

ماذا عن الأخلاق الإعلامية في لبنان؟ كيف يمكن تحديدها؟

يقول الإعلامي علي الأمين لـ"إيلاف"& إن الأخلاق المهنية أصبحت اليوم مسألة محورية تقوم على احترام قواعد ومعايير تجسِّد القيم التأسيسية أو السائدة في مجتمع ما، وإحترام الإعلامي للخلقية المهنية يجري وفقًا لمقاييس عدة يتم الإتفاق عليها مسبقًا من خلال حوار يستخلص قواعد سلوكية على المستوى الوطني، فهل يقتضي على الإعلامي نشر خبر، رغم تأكده من صحته، إذا لم يكن من هدف وراء نشره سوى تحقير الشخص أو المؤسسة التي يستهدفها الخبر؟ هذه أمور لا تنص عليها القوانين وتواجه الإعلاميين يوميًا، ويتطلب ذلك من العاملين في الإعلام توظيف جهود خاصة لتوضيح وبلورة تلك المفاهيم.

يشير الزيدي بدوره إلى أن الأخلاق الإعلامية في لبنان لا تزال مصانة،&انما هناك خروج عن المهنية، من بعض الدوائر الإعلامية ولكن بصورة عامة، الإعلام اللبناني أفضل بكثير من إعلام دول عدة سببت بمقتل عشرات الآلاف من المواطنين الذين يختلفون بالرأي معها.

والأخلاق الإعلامية في العراق أصبحت عمومًا متدهورة، حيث في كل مكان هناك المنتفعون والطائفيون والمحرضون.

ولدى سؤاله عندما رشقت الرئيس الأميركي جورج بوش بالحذاء في العام 2008، هل فعلت ذلك لأنه يختلف بالرأي عنك؟ أجاب الزيدي بوش ليس إعلاميًا كي أقبله أم لا، أنا أقبل الشعب الأميركي المسالم، ولكن قضيتي مع بوش كانت قضية وطن ومصير وشعب واكثر من مليون ضحية، عندما أتى بوش إلى العراق فهو اتى كمحتل لبلدي وقاتل لشعبي وهادم للبنى التحية وقام بتجويع العراقيين لفترة طويلة، وجاء إلى العراق ليقول أنا انتصرت، بل هو كان قامعًا لشعبي، وكمواطن عراقي أردت أن أوصل فكرة إلى العالم تكمن في أن العراقيين لا يقبلون بالكذب وبأنهم لم يستقبلوه بالورود، كما أشارت الوسائل الإعلامية، لذلك كنت جزءًا من هذا الشعب الذي قاوم الإحتلال بطريقته الخاصة.