صور الرايات السود واللحى الطويلة لمعارضي الأسد من جهاديين وتكفيريين، لا تخفي لدى المتابعين للثورة السورية وجود فصائل أخرى علمانية ومنضبطة عسكرياً، تستحق دعم حلفاء سوريا الغربيين، ومن تلك الفصائل، حركة حزم التابعة للجيش الحرّ.


إيلاف: في حديثه مع قناة "العربية الحدث"، أكد أحمد الجربا رئيس الإئتلاف السوري المعارض وصول شحنات من صواريخ "تاو" الأميركية المتطورة نسبيًا، إلى المعارضة.

وأكد الجربا أن تلك الشحنات وصلت بشروط، وتم تقديمها إلى فصيل معتدل برز اسمه إلى العلن مؤخراً، ويحمل إسم "حركة حزم".

وردًا على سؤال حول تأخر الولايات المتحدة فى تقديم المساعدة للمعارضة السورية، قال الجربا في ذات الحوار المتلفز، إن "الولايات المتحدة تأخرت فعلاً في تقديم المساعدة، وإن تأخيرهم ليس مشكلة، ولكن الأهم من انتظار المساعدة هو الذهاب وإقناع الإدارة الأميركية بموقفنا من أجل تقديم المزيد من المساعدات".

وأشار إلى أن تقديم الولايات المتحدة صواريخ (تاو) المضادة للدروع كان نوعًا من الاختبار للمعارضة السورية حول كيفية استخدام السلاح، مؤكدًا على نجاحهم فى الاختبار، ولفت إلى أن الإدارة الأميركية قدمت المزيد من هذه الصواريخ كمكافأة لهم.

شروط واشنطن

اشترطت واشنطن قبل تسليم صواريخ "تاو" إلى المعارضة المسلحة، عدم استعمالها خارج نطاق القتال ضد قوات بشار الأسد، وطلبت إعادة "المظروف"، وهو جزء من الصاروخ يتبقى بيد من يطلقه بعد عملية الاستعمال، وإعادة العلبة التي تحتوي الصاروخ، وذلك بهدف التأكد من أن الصاروخ استعمل فعلاً ولم يتم بيعه مثلاً.

إشترطت واشنطن كذلك ألا تصل تلك الصواريخ إلى جماعات متطرفة، كجبهة "النصرة" أو (داعش) أو جماعات أخرى أقل تأثيرًا مدعومة من قطر.

كما تم تزويد الصواريخ المُسلّمة بنظام متطور يجعلها تعمل بالبصمات، أي أن لا فاعلية لها إن استولى عليها طرف ثانٍ لا يحمل ذات البصمات التي تم برمجتها عليها لتشتغل وتصيب أهدافها.

ماهي فعالية صواريخ تاو؟

ما رشح من معلومات إلى حد الآن، تقول إن الصواريخ التي أرسلتها واشنطن إلى المعارضة السورية ممثلة في حركة "حزم" التابعة للجيش السوري الحر، تبلغ من العمر 20 عاماً، وأن عددها قليل.

وصاروخ "تاو" هو قذيفة موجهة ومضادة للدروع، أميركية الصنع وتحديدًا من صنع شركة هيوز.

دخل الصاروخ في الخدمة عام 1970 في الجيش الأميركي كما تم تصديره إلى كثير من دول العالم.

يمكن إطلاق هذا الصاروخ من منصات تركّب على العربات أو إطلاقه من المروحيات، المدى الأقصى للصاروخ يبلغ 3,750 متراً وبإمكانه اختراق دروع بسمك 600 ملم إلى 1000 بحسب فئة الصاروخ.

وأول استخدام قتالي للصاروخ كان في عام 1972 في حرب الفيتنام، حينما نجحت صواريخ "تاو" أطلقت من طائرات عمودية في اختراق وتدمير الدبابات السوفيتية الصنع بي تي-76.

لفظ "تاو" هو اختصار لثلاث عبارات باللغة الانجليزية تتضمن الأهداف الرئيسية لعمل السلاح، وهي:

القذف بواسطة أنبوب: TUBE LANCHED

تتبع بصري للهدف: OPTICALLY TRACHED

نقل الإمرة سلكيًا: WIRE COMMANDED

تبلغ مدة طيران الصاروخ حتى المدى الأقصى 14,8 ثانية فقط، في حين تبلغ نسبة إصابته الهدف 99%.

يوجه هذا الصاروخ إلكترونيًا وذاتيًا تحت تأثير الأشعة ما دون الحمراء، وهو سلاح مرن، سهل الاستعمال، قابل للحركة، ويستعمل في عمليات الدفاع والهجوم لتدمير جميع المدرعات والتحصينات ويبدو ناجعاً للغاية في حروب العصابات والكر والفر، إذ أنه يتمتع بدقة في التسديد واصابة جميع الأهداف الثابتة والمتحركة، وينقل بواسطة الأفراد عند استعماله على الأرض، كما يتم تركيبه دون استعمال أي أدوات أو معدات إضافية.

من هم جماعة (حزم)؟

إن كان تقديم هذا السلاح يمثل حساسية لدى الأميركيين، فمن هي الجهة التي نالت ثقتهم للحصول عليه؟

"حركة حزم" التي نالت "شرف" الحصول على العتاد الاميركي، والتدريب والمرتبات الشهرية، هي فصيل ينتمي إلى الجيش السوري الحرّ.

تقول بعض المصادر إنه تشكيل صغير علماني التوجه، إذ لا يتجاوز عدد مقاتليه الـ5000 عنصر، ولا يتواجد في كافة الأنحاء السورية.

تشكلت "حزم" أواخر شهر يناير/كانون الثاني الماضي، من اتحاد 22 كتيبة من كتائب "الجيش الحر"، وبمباركة من رئيس الأركان السابق لـ"الحر"، اللواء سليم إدريس.

ويقود حركة "حزم" ضابط سوري شاب من أوائل المنشقين عن الجيش العربي السوري، ويدعى عبد الله عودة، ويبلغ من العمر 28 عاماً.

قال عودة في لقاء مع صحيفة أميركية سابقًا إنّ تسليم صواريخ "تاو" لحركته يمّثل "خطوة أولى مهمة"، معتبراً أنّ أهميتها ليست في عدد الصواريخ نفسها التي قدرت بـ22، بل تتمثل في تغيير السياسة الأميركية تجاه المعارضة.

ويوضح أنّ أحد شروط تسليم صواريخ "تاو" هو إعادة علبة كل صاروخ، للتدليل على التزام مقاتلي الحركة بعدم بيعها، فضلاً عن حمايتها من السرقة.

وأوضح عودة أنّ هدفه هو بناء قوة نوعية، مع التركيز على توظيف الجنود السابقين من ذوي الخبرة العسكرية، وقال إنّ مقاتلي الحركة، الذين يبلغ عددهم نحو 5 آلاف مقاتل، يتلقون رواتب شهرية من الدول الحليفة للمعارضة السورية.

البديل عن الجهاديين

يرى المحلل العسكري في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، جيفري وايت، أن "حركة حزم" التي تلقت أسلحة أميركية متقدمة لمواجهة قوات الأسد ربما تتمتع بالمميزات التي تجعلها مرشحًا جيداً للحصول على المساعدات.

وقال وايت في مقال تحليلي نشره معهد واشنطن على الانترنت، إن لحزم "رؤية علمانية ومنظمة من المنظور العسكري ولديها عتاد جيد من الأسلحة الثقيلة، ولديها وحدات تعمل في كل أنحاء سوريا ولديها سجل جيد في مواجهة قوات الأسد. وباختصار تقدم الجماعة إجابة وإن جزئية عن السؤال الذي يقلق بال الدول الداعمة للثورة السورية، مع أي من جماعات المعارضة على واشنطن التعامل معها وتقديم السلاح الثقيل؟"

وتعتبر الحركة على ما يبدو في نظر وايت وبعض المسؤولين العسكريين مرشحًا جيدًا في الوقت الحالي، بعد دعوات تسليح "جبهة ثوار سوريا" التي يقودها جمال معروف، وقبلها تبني الولايات المتحدة والدول الغربية للواء سليم إدريس، رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر، والذي عزل من منصبه قبل شهرين تقريبًا وعين مكانه العميد عبد الإله البشير النعيمي.

تنظيم وإنضباط

يبدو أن جماعة (حزم) منظمة جيداً من الناحية العسكرية، إذ أنّ لها قطاعين إقليميين محددين:

القطاع الشمالي، ويغطي محافظات حلب وإدلب وحماة، في حين أن القطاع الجنوبي مسؤول عن محافظات حمص وريف دمشق ومدينة دمشق ومحافظة درعا.

ويشغل الملازم مرشد الخالد ("أبو المعتصم") منصب قائد القطاع الشمالي، بينما قائد القطاع الجنوبي هو محمد الضحيك ("أبو حاتم").

ويقال إن كلاً منهما يضع خططاً في المنطقة الخاضعة لسيطرته ويتابع على الأرجح أمور القادة الفرعيين الذين يديرون محافظات معينة.

ومنذ إنشائها حتى الآن، حققت الحركة سجلاً جيداً في المعارك التي وقعت في محافظات حلب وإدلب وحماة وحمص، التي هي من بين أهم مناطق القتال في البلاد.

وقد ادعت أيضاً بأن لها وجودًا في ريف دمشق ومدينة دمشق ودرعا، رغم أن هذا غير مؤكد، بحسب المحلل& للشؤون الدفاعية في معهد واشنطن والضابط السابق لشؤون الاستخبارات الدفاعية، جيفري وايت.

ويبدو أن تشكيلات الجماعة تحمل بعض الدرجة من التخصص، حيث توجد قوات مُدرعة وخاصة بين فصائلها الأصلية الاثنين وعشرين، وربما وحدة دفاع جوي كذلك.

وعندما تشكلت الحركة في البداية، وافق كل فصيل مندمج على التخلي عن استخدام اسمه. ولدى "حركة حزم" الآن علامة مميزة خاصة بها: وهي عبارة عن سيف يحمل اسم الحركة.
&