تحاول الحكومة الجزائرية مواجهة السلفية التي تعتبر المرجعية الدينية للفكر المتطرف، لكنها تواجه صعوبات في استعادة السيطرة على كل المساجد التي تنتشر في البلاد.

الجزائر: كرر وزير الشؤون الدينية والاوقاف الجزائرية، محمد عيسى، مؤخرا تصريحاته بخصوص عزم الحكومة على استعادة السيطرة على كل المساجد في الجزائر من الائمة السلفيين.
&
وقال الوزير الذي تم تعيينه في هذا المنصب قبل سنة ونصف سنة، ان هناك "هجمة فكرية وإيديولوجية (...) تهدف إلى اقتلاع الشباب من حاضنتهم الدينية والوطنية وتوجيههم إلى مفهوم تدين افتراضي على غرار ما يعرف بتنظيم داعش".
&
والمرجعية الدينية للجزائر هي الاسلام السني وفق المذهب المالكي (نسبة لمالك ابن انس) وهو مذهب دول المغرب العربي.
&
وتخشى الحكومة عودة الجزائر الى الحرب الاهلية في سنوات 1990 التي اسفرت عن اكثر من 200 الف قتيل بين ضحايا مدنيين واسلاميين متطرفين وقوات الامن.
&
وازدادت المخاوف في بلد يقع في منطقة تعيش اضطرابات بعد ظهور تنظيم الدولة الاسلامية في ليبيا وتونس التي شهدت عمليتين قتل فيهما 59 سائحا في اقل من ثلاثة اشهر.
&
وتمكن الجيش الجزائري الذي يحارب المجموعات الاسلامية المسلحة من القضاء على تنظيم جند الخلافة الذي اعلن موالاته لتنظيم الدولة واعلن نفسه من خلال خطف وذبح سائح فرنسي في ايلول/سبتمبر الماضي.
&
وتشرف الحكومة على نحو 50 الف موظف منهم نحو 17 الف امام يعملون في اكثر من 20 الف مسجد، بحسب نقابة الائمة التي تأسست في العام 2013.
&
ومنذ تأسيسها اكد رئيسها الشيخ جلول حجيمي ان هدفها "حماية الامامة من الافكار الخارجية سواء السلفية او غيرها".
&
وبحسب حجيمي فان التخلص من المتطوعين شيء صعب التحقيق لان الوزارة ليس لديها المال ولا الموظفون لملء الفراغ الذي يمكن ان يتركه منع ائمة السلفية من المساجد.
&
وقال لوكالة فرنس برس "نحن اصلا لدينا عجز في عدد الائمة فهناك 22 الف مسجد و7 الاف في طور الانجاز ونقدر العجز بنحو سبعة الاف امام".
&
وتابع "لا نفهم تصور الدولة فهي لا تبني المساجد ولا توظف سوى اربعة او خمسة ائمة ومؤذنين في كل ولاية (نحو 200 في كل انحاء البلد) وتريد ان تمنع المتطوعين".
&
وتريد الوزارة تعويض الائمة السلفيين بالدفعات الجديدة من الطلاب المتخرجين من المعاهد الدينية التابعة لها، الا ان لا شيء يضمن ان "الذين يتخرجون من معاهد الدولة لا يحملون الفكر السلفي" كما يشير حجيمي.
&
وينشط بعض هؤلاء الائمة على مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الخاصة بدون ان تتمكن الوزارة من السيطرة عليهم.
&
ومنذ تحرير القطاع السمعي بصري في 2012 وصل عدد القنوات الفضائية الى اكثر من اربعين اضافة الى بعض الاذاعات التي تبث عبر الانترنت.
&
واصبح لكل قناة برنامجها الديني ومنها ما يتضمن برامج للفتوى خارج سيطرة وزارة الشؤون الدينية، التي كثيرا ما تنتقدها لكنها عجزت عن وقفها.
&
وفي بلد ينص دستوره على ان "الاسلام دين الدولة" يغيب منصب مفتي الجمهورية في انتظار انشاء اكاديمية للفتوى تضم 50 اماما بالتعاون مع جامعة الازهر في مصر.
&
وفي انتظار المفتي الرسمي فان الجزائريين يلجأون عادة الى امام المسجد، من دون ان ينتبهوا ان كان اماما معينا من الوزارة او من المتطوعين السلفيين.
&
وفي رأي الباحث في التصوف سعيد جاب الخير فان "القضاء على الفكر السلفي &اكبر واقوى من برنامج الوزير".
&
واضاف مؤسس ملتقى الانوار للفكر الحر ان "السلفية لديها خلفية اجتماعية كما انها مدعومة من اشخاص في السلطة والمعارضة وحتى في الخارج".
&
واستخدمت السلطة هؤلاء الشيوخ الذين يعارضون ممارسة السياسة وتأسيس الاحزاب لمواجهة اليساريين خصوصا في الجامعات خلال سنوات 1980، ثم استخدمتهم في سنوات 1990 لاقناع (الجهاديين) بترك السلاح.&
&
وحذر الباحث جاب الخير من "الخطاب المزدوج" للسلفيين، "خطاب معلن لعامة الناس وفيه التسامح والوسطية وخطاب غير معلن موجه لتنظيمات سرية اكثر تطرفا".
&
واشار الى انه في بعض المرات تتسرب اشياء من هذا الخطاب المتطرف "فيقومون بانكارها عبر وسائل اعلامهم وحتى بتأليف الكتب".
&
وذكر ان فتاوى (الجهاد) في الجزائر صدرت من شيوخ السلفية، "ولما شاهدوا النتائج الكارثية انكروها".
&
كما ان المد السلفي بالنسبة اليه هو "رؤوس اموال تتحرك في الارض.. فهذا الشباب ليس مستوعبا فقط بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية" بل "بالاموال من خلال السيطرة في الجزائر مثلا على سوق الهاتف النقال والملابس الداخلية النسائية".
&
وقال "هناك تقارير اطلعت عليها تحدثت عن ذلك، ونحن نلاحظ ذلك في الواقع".
&
ويظهر بعض المنتسبين الى السلفية بلحاهم الطويلة وجلابيبهم القصيرة في وسائل الاعلام مدلين بتصريحات نارية، كالشيخ حمداش الذي دعا الحكومة الى تطبيق حد القتل على الكاتب كمال داود، ووعد في حديث اذاعي بفتح سفارة لتنظيم الدولة في الجزائر في حال اصبح رئيسا.