لأن الرق يعمر طويلًا، تحتفظ بريطانيا بكل قوانينها ووثائقها مكتوبة على هذا الورق&ومحفوظًا&بعيدًا عن العين. لكن عوامل الدهر تنال منها، لذا قرر مجلس اللوردات مكننة العملية.

إعداد عبدالاله مجيد: ما زالت بريطانيا تطبع قوانينها وتحفظها على ورق الرق، المصنوع من جلد العجل أو العنز.

وقرر مجلس اللوردات أخيرًا إنهاء هذه الطريقة في طباعة القوانين وحفظها للاقتصاد في النفقات ومواكبة عصر التكنولوجيا الرقمية في خزن المعلومات. لكن مكتب مجلس الوزراء أبدى استعداده لتغطية التكاليف من ميزانيته بهدف الحفاظ على تقليد عمره ألف عام.

يعمر طويلًا

من أفضليات الرق أنه يعمر طويلًا. فإن اقدم قانون بريطاني ما زال محفوظًا في البرلمان البريطاني حيث توجد وثيقة من ورق الرق كتُب عليها القانون في عام 1497.

وفي حين يمكن الورق الاعتيادي أن يتردى ويتحلل بسرعة مع الوقت، فإن الرق يحتفظ بسلامته فترة أطول بكثير. وما زالت النسخ الأصلية للماغنا كارتا (الميثاق الكبير أو لائحة الحقوق والواجبات) التي وقعت قبل اكثر من 800 عام على ورق الرق موجودة حتى الآن.

وقالت شارون ماكميكن، من ائتلاف الحفظ الرقمي: "إن تمثيل السياق والتاريخ الذي صُنعت فيه هذه الوثائق تمثيلًا حقيقيًا يتطلب حفظها بشكل رقمي، فهو يعبر عن التكنولوجيات وطرق الاتصالات المستخدمة اليوم بشكل أفضل".

ويضم ارشيف البرلمان البريطاني مجموعة من الوثائق المكتوبة على الرق والورق والصور الفوتوغرافية يمتد طولها 8 كلم. وقال ادريان براون، مدير الارشيف، إن هذه الوثائق ستبقى محفوظة بشكلها الأصلي لكن نسبة المحفوظ منها رقميًا ستزداد بمرور الوقت.

غير مقتنعة

نقلت بي بي سي عن جيني ميتشام، خبيرة الأرشفة الرقمية في جامعة يورك، أن دوائر واسعة ما زالت تشعر بعدم الارتياح للأرشفة الرقمية وعدم القناعة بأن الوثائق المخزونة رقميًا ستبقى في المستقبل.

وفكرة تخزين الوثاثق بالتكنولوجيا الرقمية جديدة نسبيًا، ولا يُعرف كيف يمكن أن تُبقي الوثائق سليمة على مر السنين.

وأقرت ميتشام بأن إهمال تحديث الشكل الرقمي لتخزين الوثائق يعني انه سيصبح متخلفًا عن مواكبة التطورات. لكنها اضافت أن اتقان الأرشفة الرقمية يزيد من فرص بقاء الوثائق مقروءة في المستقبل.

واستعرض مدير ارشيف البرلمان ادريان براون المصاعب التي تواجه صون الملفات الورقية، من اهتراء وتغييرات كيميائية وحشرات واضرار سببها البشر وتأثير الحرارة والضوء والرطوبة والغبار والدعك والتمزق. لكنّ هناك مخاطر من نوع مختلف مع الأرشفة الرقمية.

وقال براون إنها تحتاج إلى تكنولوجيا خاصة لتحويل الوثائق المحفوظة رقميًا إلى نصوص مقروءة. والتكنولوجيا كما نعرفها تتغيّر بسرعة والنصوص المخزونة رقميًا يمكن أن تتعرض لخطر الضياع إذا لم تُتخذ احتياطات. وكما يعرف الجميع، فإن منظومات تكنولوجيا المعلومات ليست معصومة من الخطأ.

كما تتطلب الأرشفة الرقمية نقل قطع من الورق إلى وحدات الكمبيوتر مثل البايت والغيغابايت، إلخ.

وتحتفظ المكتبة البريطانية بنسخة ورقية من كل كتاب ومجلة وجريدة تُطبع في بريطانيا بموجب قانون صادر في عام 1662. لكن القانون عُدل في عام 2013 بحيث اصبح يشمل السجلات الالكترونية للمواقع الالكترونية والأقراص المدمجة والمجلات الالكترونية.

ويشير المدافعون عن التكنولوجيا الحديثة إلى أن للوثائق الرقمية افضلياتها على نظيراتها الورقية. فهي يمكن أن تعطي فكرة عن المصاعب التي اعترضت انجاز العمل بدلًا من تقديم المنتوج النهائي خاليًا من الأخطاء.

يمكن احيانًا أن نرى كم امضى الشخص من الوقت في طباعة ملف ما، وحتى ما اجراه من تغييرات بين المسودات. وهناك تاريخ في اقراص الذاكرة الصلبة كما في الرق الذي يعود إلى 500 سنة.