هزت سلسلة تفجيرات الاحد حمص بوسط سوريا ومنطقة السيدة زينب في ريف دمشق وتبناها تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" موقعة 142 قتيلا على الاقل فيما تواصل واشنطن مساعيها لوقف اطلاق النار في هذا البلد.
بيروت: شهدت حمص، ثالث مدن البلاد، الاعتداء الاكثر دموية منذ العام 2011 مع سقوط 59 قتيلا في التفجيرات بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان فيما قتل 83 شخصا في تفجيرات بمنطقة السيدة زينب بريف دمشق لاحقا.
وفي هذه الاجواء ورغم فشل محاولات سابقة لاعلان وقف لاطلاق النار في سوريا، اعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري من عمان عن "اتفاق مؤقت مبدئيا" مع روسيا على بنود هدنة يمكن ان "تبدأ في الايام المقبلة".
وتسعى القوى الكبرى الى وقف للقتال كان يفترض ان يدخل حيز التنفيذ الجمعة، لكن الخلاف استمر حول كيفية تطبيقه.
وفي منطقة السيدة زينب الواقعة على بعد خمسة كيلومترات جنوب دمشق والتي تضم مقاما دينيا للشيعة، قتل 83 شخصا واصيب 178 بجروح بحسب ما ذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا).
وكانت الحصيلة السابقة التي اوردها المرصد السوري لحقوق الانسان اشارت الى سقوط 68 قتيلا.
ونقلت "سانا" عن مصدر في قيادة شرطة ريف دمشق قوله "ارتقى 83 شهيدا واصيب 178 بجروح اصابات بعضهم خطيرة جدا (...) جراء ثلاثة تفجيرات ارهابية متتالية في شارع المدارس ببلدة السيدة زينب".
واوضح المصدر ان "ارهابيين فجروا بعد ظهر اليوم (الاحد) سيارة مفخخة بكمية كبيرة من المتفجرات تبعها تفجيران انتحاريان بحزامين ناسفين بعد تجمع المواطنين لاسعاف الجرحى".
ولفت الى "تعاقب التفجيرات الارهابية بفارق زمني قليل بينها " مضيفا انه تم نقل الجرحى الى عدد من المشافي العامة والخاصة بدمشق.
وتبنى تنظيم الدولة الاسلامية الهجوم قائلا ان اثنين من انتحارييه فجرا نفسيهما هناك مهددا بشن هجمات جديدة. ولم يشر التنظيم الى تفجير ثالث كان اشار اليه المرصد والتلفزيون السوري.
وشاهد مراسل وكالة فرانس برس في المكان ركام سيارات محترقة وحطام زجاج في منطقة الانفجار. ووقعت الاعتداءات على بعد 400 متر من ضريح السيدة زينب.
وقال ان ستين متجرا على الاقل تضررت جراء التفجيرات.
وجاءت تفجيرات منطقة السيدة زينب بعد ساعات على تفجيرين بسيارتين مفخختين في مدينة حمص اوقعا 59 قتيلا بحسب حصيلة جديدة للمرصد السوري لحقوق الانسان.
وتبنى تنظيم الدولة الاسلامية ايضا تفجيري حمص.
ويسيطر النظام السوري على مدينة حمص بشكل شبه كامل منذ ايار/مايو 2014، بعد خروج مقاتلي المعارضة من احياء المدينة القديمة اثر حصار خانق تسبب بمجاعة ووفيات.
"رسالة تحد"
واعتبر رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان ان تنظيم الدولة الاسلامية الذي يتعرض لضربات من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لكن ايضا لغارات جوية روسية، يريد توجيه رسالة مزدوجة.
وقال لوكالة فرانس برس "انها رسالة اولا الى المجتمع الدولي لكي يثبت انه لا يزال قويا رغم الضربات".
واضاف ان تنظيم الدولة الاسلامية استفاد من ضعف فصائل المعارضة في شمال سوريا امام الجيش السوري "لكي يثبت انه الوحيد القادر على ضرب النظام في معاقله وكذلك الشيعة والعلويين".
وشهدت منطقة السيدة زينب في 31& كانون الثاني/يناير الماضي ثلاثة تفجيرات متزامنة، نفذ انتحاريان اثنين منها، اسفرت عن مقتل 70 شخصا وتبناها تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف.
وتضم البلدة مقام السيدة زينب، الذي يعد مقصدا للسياحة الدينية في سوريا وخصوصا من اتباع الطائفة الشيعية. ويقصده زوار تحديدا من إيران والعراق ولبنان رغم استهداف المنطقة بتفجيرات عدة في السابق.
وفي اماكن اخرى في البلاد، تواصلت المعارك بين قوات النظام وفصائل المعارضة. وسجلت مواجهات اخرى بين قوات كردية وجهادية او حتى فصائل معارضة وجهاديين.
وفي محافظة حلب الاستراتيجية في شمال البلاد، تمكنت قوات النظام من التقدم بفضل هجوم بدأ في 1 شباط/فبراير بدعم من الطيران الروسي ومن حزب الله الشيعي اللبناني.
وافاد المرصد السوري الاحد عن مقتل خمسين جهاديا من التنظيم المتطرف على الاقل خلال المعارك مع الجيش السوري الذي يحرز تقدما منذ بدء معركته في ريف حلب فجر السبت.
بنود وقف النار تعرض على اوباما وبوتين
تاتي التفجيرات الاخيرة فيما تواصل القوى الكبرى مساعيها لتطبيق اتفاق وقف الاعمال العدائية الذي كان يفترض ان يدخل حيز التنفيذ الجمعة.
لكن الوضع المعقد جدا على الارض جعل من الصعب تطبيق هذا الاتفاق رغم جهود الامم المتحدة وخصوصا الولايات المتحدة.
واعلن كيري من عمان الاحد عن اتفاق "مؤقت من حيث المبدأ على شروط وقف الاعمال العدائية من الممكن ان يبدأ خلال الايام المقبلة" وذلك بعد حديثه هاتفيا مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.
واضاف كيري ان الاتفاق "لم ينجز بعد وأتوقع من رئيسينا الرئيس أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (...) ان يتحادثا في الأيام المقبلة في محاولة لإنجاز هذا الاتفاق".
واعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان ان لافروف وكيري تشاورا هاتفيا مرتين مجددا مساء الاحد وان بنود اتفاق وقف اطلاق النار ستعرض قريبا على الرئيسين الاميركي باراك اوباما والروسي فلاديمير بوتين.
وكيري ولافروف هما المهندسان الرئيسيان في المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تضم 17 دولة واتفقت في ختام اجتماعها في ميونيخ في 12 شباط/فبراير على "وقف الاعمال العدائية" في سوريا بهدف احياء مفاوضات السلام ووقف نزوح المدنيين.
وكان من المفترض ان يدخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ في 19 شباط/فبراير لكن المعارك تواصلت في سوريا بعد انقضاء تلك الفترة.
واعلنت الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة السبت موافقتها على هدنة شرط الحصول على ضمانات دولية بوقف العمليات العسكرية من حلفاء النظام السوري خصوصا ايران وروسيا.
من جهته، قال الرئيس السوري بشار الاسد في مقابلة نشرها السبت موقع صحيفة "البايس" الاسبانية انه مستعد للقبول بوقف اطلاق النار لكن على ان لا يسمح ذلك باستغلاله من قبل "الارهابيين".
ويبدو ان اي اشارة لم تصدر من موسكو حتى الان في ما يتعلق بضرباتها الجوية في سوريا دعما لنظام الاسد.
وتعهدت روسيا السبت مواصلة تقديم الدعم للنظام السوري لمحاربة المجموعات "الارهابية".
وكان النزاع في سوريا دخل مرحلة جديدة مع بدء القوات التركية قبل اسبوع قصف مواقع للمقاتلين الاكراد السوريين في شمال سوريا الذين تعتبرهم "ارهابيين".
التعليقات