أكد مرصد عراقي للحريات الصحافية اليوم أن خطر القتل المتعمد للصحافيين العراقيين ما زال قائمًا في جميع مناطق البلاد، فيما تدلل المؤشرات على زيادة مضطردة في الاستهداف النوعي والمباشر للصحافيين، حيث بلغ مجمل الإنتهاكات هذا العام 477 إنتهاكًا، منها 87 حالة إحتجاز وإعتقال، و98 حالة منع وتضييق، و32 حالة إعتداء بالضرب، و4 هجمات مسلحة، و243 ملاحقة قضائية، و4 حالات إغلاق ومصادرة، في حين سجل هذا العام مقتل 9 صحافيين عراقيين.

بغداد: أوضحت مؤشرات التقرير السنوي لمرصد الحريات الصحافية (JFO) بين الفترة الممتدة من 3 ايار/مايو 2015 الى 3 ايار/مايو 2016، أن المخاطر التي تتهد &الصحافيين مازالت متعددة الاشكال ما بين القتل والخطف والتهديد، وغلق العديد من المحطات التلفزيونية والمواقع الاخبارية، والتهديدات المباشرة وغير المباشرة للصحافيين وابتزازهم، في انتهاك واضح لحق الحصول على المعلومات ولمنعهم من كشف ملفات الفساد ومحاربة الفاسدين التي كانت العنوان الابرز للتظاهرات والاحتجاجات السائدة، وهو الامر الذي يشير الى تصاعد متزايد في التضييق على الحريات الصحافية.

وأكد التقرير الذي تسلمت&"إيلاف" نسخة منه الثلاثاء أن خطر القتل المتعمد للصحافيين العراقيين ما زال قائماً في جميع مناطق البلاد. اذ أعدم &تنظيم "داعش" المتشدد 5 صحافيين في مدينة الموصل، فيما قتل مسلحون مجهولون 4 آخرين في العاصمة بغداد ومحافظتي البصرة وديالى.

واضاف أن الجهات التي تستهدف الصحافيين قتلاً وتهديدًا تحاول استهداف الصحافيين بمكونات مزدوجة، أي أن يقتل صحافي من مكون معين بمعية قتل صحافي من مكون آخر بصورة مترافقة والغرض كي تضيع المؤشرات الدالة على الفاعل والجاني.

جرائم داعش ضد الصحافيين
ووفقًا لبحث أجراه المرصد ومنظمة "مراسلون بلا حدود"، تم رصد جميع الجرائم التي إرتكبها تنظيم "الدولة الاسلامية" المعروف أيضًا باسم "داعش" ضد الصحافيين ومساعديهم، في المنطقة الشمالية من العراق، حيث تم توثيق إعدام التنظيم المتطرف، بعد سيطرته على مدينة الموصل، صحافيين ومصورين بطرق وحشية مختلفة بتهمة "الخيانة والتجسس".

وقال المرصد ان مجمل الإنتهاكات التي وثقها لهذا العام بلغت 477 إنتهاكاً، منها 87 حالة إحتجاز وإعتقال، و 98 حالة منع وتضييق، و 32 حالة إعتداء بالضرب، و4 هجمات مسلحة و 243 ملاحقة قضائية و4 حالات إغلاق ومصادرة، في حين سجل هذا العام مقتل 9 صحافيين عراقيين.

المؤشرات التي يتضمنها التقرير السنوي تدلل على زيادة مضطردة في الاستهداف النوعي والمباشر للصحافيين من قبل جميع اطراف النزاع في العراق. وأظهرت حالات القتل شكلاً واضحاً لنوايا سياسية بازدراء العمل الصحافي، والتخطيط الواسع لعمليات تخويف الصحافيين، بهدف تشويه التغطية الإعلامية.

وتكشف البيئة المحيطة بعمل الصحافيين العراقيين، المصاعب الجدية التي تواجههم في إنجاز التغطيات الإستقصائية والمحايدة، وتأتي مع رفع الزعامات السياسية سقف القيود المفروضة على مصادر المعلومات، عبر إستغلال نفوذهم الأمني والسياسي في إبعاد المراسلين بالقوة عن مواقع النشاط الإعلامي الميداني.

وشدد المرصد على ان العمل الصحافي الميداني وحمل الكاميرا مازال أمراً معقداً للغاية، إذ تحصر السلطات أمر السماح لحركة الصحافيين وتجوالهم بالقيادات العسكرية والأمنية في جميع المدن العراقية (في مناطق إقليم كردستان يتم الامر بحسب مزاج الحزب السياسي المسيطر على محافظة او منطقة ما).

كما يتعرض الصحافيون في غالب الأحيان للمنع من التصوير والتغطية الإعلامية ما لم يحصلوا على موافقات أمنية مسبقة تكون معقدة وكيفية في الغالب، على الرغم من صدور أمر من قبل رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي يقضي بإلغاء الوصاية العسكرية على الفرق الإعلامية.

واوضح أن المعارك الضارية بين عناصر الجيش ومسلحين متطرفين من "داعش"، وفصائل قبلية مسلحة متمردة على الحكومة المركزية في بغداد، وضعت الصحافيين الميدانيين وسط جبهة متعددة، لا يحبذ جميع أطرافها أي نشاط صحافي فيها.&

السلطات العراقية تواصل تقنين المعلومات
وقال المرصد إن السلطات العراقية تواصل تقنين المعلومات عمّا يجري في الميدان، وحاولت حجب المعلومات عن الرأي العام، بشأن الأوضاع في الجزء الغربي والشمالي من البلاد، ما يشكل إنتهاكاً لحق الحصول على المعلومات. وقد أثرت الإستهدافات النوعية على طبيعة المادة الخبرية للإضطرابات الأمنية المتصاعدة، وجاءت على نحو أحادي، بسبب إحتكار المعلومة من قبل أطراف الصراع، في ظل تقييد مقلق لحركة الصحافيين المستقلين.

وعلى غرار السنوات الماضية عمدت السلطات العسكرية التحكم بحركة الصحافيين والفرق الاعلامية، وفي الغالب تهدد هذه القوات مراسلي وكالات الأنباء والقنوات الفضائية والصحف بالإعتقال بسبب السياسات التحريرية لتلك المؤسسات، ومدعاة ذلك الصلاحيات غير المحدودة الممنوحة لعناصر الجيش وأجهزة أمنية أخرى من الحكومة المركزية.

الاحزاب تشكل خطرًا على الحريات الصحافية
ووجد تقرير مرصد الحريات الصحافية الذي وثق الإنتهاكات للفترة ما بين3 &أيار/مايو 2015 و 3 أيار/مايو 2016 أن محافظة نينوى اختفى العمل الصحافي فيها نهائيًا، وكذلك بعض المناطق من محافظات الأنبار وديالى وكركوك، حيث وضع الصحافيون تحت مرمى النيران المباشرة للأطراف المتصارعة ولم يتمكنوا من تغطية الاحداث هناك.

وبينت المؤشرات السنوية أن مخاطر الاحزاب المتنفذة مازالت قائمة، خاصة تلك الأحزاب التي تمتلك أجنحة عسكرية تقوم بمراقبة الصحافيين ووسائل الاعلام بشكل غير مباشر، وتبعث رسائل رعب عبر التصفيات والاختطافات للعاملين في المؤسسات المحلية والاجنبية، وفي أحيان أخرى توجه اليهم تهديدات مباشرة بالموت في حال إنتقدوها أو تطرق أحدهم لملفات فساد ضدهم.

الملاحظ أن بعض الجهات الحزبية والحكومية كانت تمتلك فائضًا ماليًا يتيح لها السعي إلى شراء بعض الذمم في بعض المنابر الاعلامية، لكن الازمة المالية جعلت تلك الجهات تميل الى التهديدات المباشرة والضغط والتهديد للحيلولة من دون قيام المنابر الصحافية لانتقاد فسادها أو الاشتباه بتورطها في ملفات فساد بدلاً من اغراء تلك المنابر مالياً، كما كانت الحال في السابق.

وتشير الإحصاءات التي أجراها المرصد منذ العام 2003، الى مقتل 294 صحافياً عراقياً وأجنبياً من العاملين في المجال الإعلامي، بضمنهم 166 صحافياً و73 فنياً ومساعداً إعلامياً لقوا مصرعهم أثناء عملهم.. فيما يلف الغموض العديد من الاعتداءات التي تعرض لها صحافيون وفنيون لم يأتِ استهدافهم بسبب عملهم، ولم يكشف القضاء ولا الجهات المعنية عن مرتكبي الجرائم التي يتجاوز تصنيفها بكثير أي بلد آخر في العالم.

ووثق تقرير أعدّه مرصد الحريات الصحافية (JFO) ومنظمة "مراسلون بلا حدود"، في 27 تشرين الاول /اكتوبر من هذا العام، 48 حالة اختطاف في صفوف الإعلاميين والصحافيين والعاملين في المؤسسات الإعلامية، حيث أُعدم منهم ما لا يقل عن 13 في مدينة الموصل. وما زال الغموض يلف مصير 10 صحافيين آخرين، يُعتقد أنهم محتجزون في معتقلات "داعش".

هيئة الإعلام والاتصال تعمل بشكل سيئ
وقال المرصد إن هيئة الإعلام والاتصالات العراقية لاتزال تتعامل بشكل سيئ مع القنوات الفضائية المحلية والاجنبية، وعمدت خلال هذا العام إلى غلق مكاتب قناة "البغدادية" ومكاتب قناة "الجزيرة" في بغداد.

وتضغط الهيئة بشكل مستمر على جميع وسائل الإعلام بما تسميه "اجور الطيف الترددي"، الذي تطالب من خلاله المؤسساتِ الإعلامية بدفع غرامات مترتبة عليها منذ عام 2003، حيث تصل تلك المبالغ الى مليون دولار تقريبًا على المؤسسة الواحدة، وهي واحد من اساليب الضغط التي تستخدمها الهيئة على الفضائيات العراقية في الازمات السياسية.

وفي شأن مواقع الإنترنت الإخبارية، اوضح المصدر أن مؤسسات واجهزة رسمية عسكرية وأمنية تسعى للسيطرة على المعلومات والحدّ من حرية الصحافة، وتسعى من خلال جهود مستديمة إلى فرض قيود على تدفق المعلومات والهيمنة على شبكة الإنترنت بالتعاون مع وزارة الاتصالات والحد من مستوى المعرفة لدى المواطنين وفرض الرقابة والسيطرة على الشبكة الدولية للمعلومات -الإنترنت- في البلاد، في ظل تنازع الاختصاصات بين وزارة الاتصالات وهيئة الاعلام والاتصالات.

وكشف عن حجب السلطات الأمنية بالتعاون مع وزارة الاتصالات العراقية &أكثر من 22 موقعًا إخباريًا، منها موقع قناة "البغدادية" و"البغدادية نيوز" وموقع قناة "العربية نت" وموقع "الجزيرة نت" ومواقع إخبارية أخرى محلية واجنبية.

البرلمان العراقي اخفق في حماية حرية الصحافة
واكد المرصد أن البرلمان العراقي اخفق على مدار 13 عامًا في حماية حرية الصحافة، ولم يلجأ الى تغيير القوانين النافذة التي تهدد حرية الصحافة والتعبير بشكل مباشر، حيث يتضمن قانون العقوبات العراقي (15) مادة تتعلق بتجريم النشر، ووفقًا لتحليلات مرصد الحريات الصحافية (JFO)، فإن القانون المرقم 1969/111، يجرم المخالفات المتعلقة بالصحافة، ويفرض عقوبات صارمة على الصحافيين.

وتنص المواد 81، 82، 83، 84، 201، 202، 210، 211، 215، 225، 226، 227، 403، 433، و434 من قانون العقوبات على فرض غرامات وأحكام بالسجن لفترات طويلة، أو كليهما معاً، على من يدان بطائفة من المخالفات الصحافية.

ويفرض القانون عقوبة الإعدام على بعض المخالفات وعقوبة السجن مدى الحياة أو الإعدام على من يدان بإهانة الرئيس، أو البرلمان، أو الحكومة، كما يفرض عقوبة السجن لمدة سبع سنوات على من يهين المحاكم، أو القوات المسلحة، أو السلطات العامة، أو الوكالات الحكومية.

وفي الكثير من الدعاوى القضائية حرصت محكمة النشر والإعلام على توفير بيئة حسنة لممارسة العمل الصحافي وحرية التعبير، وعملت باجتهادات قانونية وفقًا للمواثيق والاعراف الدولية، بمعزل عن القوانين العراقية النافذة.
&
حالات القتل&
وفي مؤشرات تقرير المرصد العراقي، فإن العراق لا يزال يتصدر مشهد مؤشرات قائمة الإفلات من العقاب التي تصدرها لجنة حماية الصحافيين، اذ بلغت نسبة الإفلات 100%.&

ولم تبدِ السلطات العراقية، على مدار العقد الماضي، الاهتمام المناسب لملاحقة المتهمين بجرائم القتل المتعمد للمراسلين والكتّاب والنشطاء الصحافيين، التي لم يُكشف عن مرتكبيها الى الآن. على الرغم من فتح العديد من التحقيقات ووجود أدلة دامغة لإدانة جهات بعينها، لكن من دون اتخاذ أي إجراءات تذكر، اذ قُيدت غالبية جرائم القتل المباشر للصحافيين ضد مجهول.

ووفقًا لتحليلات المرصد، فإن غالبية جرائم الاستهداف المباشرة للصحافيين والفرق الإعلامية جاءت بسبب طبيعة التغطيات الصحافية ونقل أنباء عن ملفات فساد ضد جهات حكومية نافذة وانتقادات لمجاميع مسلحة مختلفة. كما تظهر المعطيات والدلائل المتوافرة أن معظم الصحافيين الذين استهدفوا في مناطق العراق تعرضوا للاختطاف والتعذيب قبل مقتلهم.
&
&