أكدت الدكتورة عزة سليمان أن الوضع السياسي والاقتصادي له تأثير سلبي وسيئ على المرأة المصرية، فما زالت هناك ملفات شائكة تعاني منها المرأة في ما يتعلق بحقوقها وتعرضها للعديد من الانتهاكات الأسرية والمجتمعية.

إيلاف من القاهرة: قالت عزة سليمان، مديرة مركز قضايا المرأة إحدى منظمات المجتمع المدني المهتمة بحقوق النساء في مصر، "إن حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن حقوق المرأة المصرية مجرد شعارات سياسية ليس لها مردود قوي في الواقع"، مؤكدة وقوف الأزهر الشريف والتيارات السلفية ضد حقوق وحرية المرأة ، في ما يتعلق بتعديلات قانون الأحوال الشخصية، فجميع المبررات التي استند إليها الأزهر عند رفض توثيق الطلاق الشفهي غير مقنعة وعليه التفاعل بقوة تجاه أزمات المرأة والأسرة.

وأوضحت الناشطة الحقوقية ، في حوارها مع "إيلاف" ، أن هناك بعض المناصب السياسية محظورة على الفتاة المصرية لعل أبرزها توليها مناصب قيادية في وزارة العدل أو للمجلس الأعلى للقضاء.

إليكم نص الحوار: 

عقب ثورة 30 يونيو أعطت الدولة اهتمامًا بمشاكل المرأة المصرية فهل بالفعل حدث تحسن كبير في هذا الملف؟

أعتقد أننا لا نستطيع أن نفصل بين وضع المرأة والوضع العام داخل مصر، الذي يمر بفترة صعبة وسيئة جدًا، فإذا تكلمنا عن الوضع القانوني فهناك إشكالية ما زالت مستمرة ومستمدة منذ عهد نظام مبارك، وثورة يناير هزت وأحدثت حراكًا في بعض الأشياء لكن استمرت معنا بالوتيرة نفسها لكن بشكل عالٍ بعض الشيء، وإذا تحدثنا عن العنف الأسري سنجده أصبح عاديًا جدًا ومستمرًا لكن بشكل أعلى ، وكذلك العنف في المجال العام أصبح شديدًا وأصبحت ملامحه واضحة لكل الناس يمكن أهمها فكرة التحرش الجنسي؛ ولذلك تغير قانون العقوبات ، لكن الموضوع يقول لنا هذا ليس كافيًا فله أبعاد أخرى غير القانون يجب أن نشتغل عليها ، فالعنف بشكل عام بدأ في ازدياد ، وكذلك العنف الخاص إلا أن هناك بعض الأشياء التي استطاعت البنت أن تكسرها فمن البنات من بدأن يستقلن بأنفسهن أثناء شهور الدراسة عن بيت أهلها ، ومنهن من يطالبن بوظائف أعلى ، ومنهن من يتعرض للتحرش ويأخذ حقه ولا يسكت على ذلك ، فأصبحت هناك أصوات معارضة منهن ويأخذن حقهن من بعض الأجهزة سواء الوسائل الإعلامية أو غيرها ، وعلى الرغم من ذلك إلا أن هناك بعضًا من النساء يعانون من الحرمان من الميراث فتضطر المرأة إلى الصمت وعدم اللجوء إلى القضاء من باب العار أن تواجه أخاها أو عمها .

أما قانون الأحوال الشخصية فهو المعضلة الكبرى والذي يخص المسلمين والمسيحيين وأنا حريصة على أن ألقي الضوء على المسيحيين لأن هناك أناسًا يعتبرون أن المشكلة عند المسلمين فقط في هذا القانون فبالرغم من وجود بعض التعقيدات والقهر والتمييز فيه إلا أنها ليست بنفس الضخامة الموجودة عند إخواننا المسيحيين رجالًا ونساءً فكلاهما يعانيان ؛ لأن الحكومة جعلت الكنيسة هي الأعلى في التصرف ، ولكنهم من رعايا الدولة ومن واجبها أن تنظم حياتهم وتزيل العقبات التي تقف أمامهم في هذا القانون .

هل توجد إحصائيات رسمية عن معدلات العنف والجريمة ضد المرأة خلال السنوات القليلة الماضية؟

للأسف لا توجد إحصائيات ثابتة تقيس معدل التقدم أو التراجع في ملف حقوق المرأة ، لذلك لا توجد إحصائيات رسمية عن الجرائم ضد المرأة على سبيل المثال العنف الأسري ، لذلك تعتمد منظمات المجتمع المدني المهتمة بشؤون المرأة على إحصائيات وزارة العدل وحتى هذا الأمر توقف منذ 2012 ، حيث رفضت وزارة الداخلية إعطاء أي بيانات عن المرأة منذ ذلك التاريخ على الرغم أن الدستور كفل لنا هذا، وآخر تقرير للأمن العام بخصوص المرأة كان في عام 1997، ونحن نعتمد الآن على الإحصائيات من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء،في ظل غياب تام لإحصائيات العنف ضد المرأة داخل الأسرة ، ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال المرأة تتعامل مع دراسات خاصة وليست دراسات رسمية من الدولة ، لكن عندما أقول إن العنف الأسري يزيد يكون بناء على مؤشرات مثل معدل القضايا التي أقرأها في الجرائد والمجلات التي تتعلق بالقتل والتحرش وهكذا...

هل حصلت المرأة على بعض حقوقها بعد تحديد 2017 عام المرأة؟ أم تحول الأمر إلى شعار فقط؟

لا يوجد مؤشرات تدل على أن الحكومة تأخذ قضايا المرأة بشكل جدي بدليل عدم وجود شيء جدي ملموس في الوقت الحالي، فلا توجد إستراتيجية واضحة من جانب الحكومة في ملف المرأة، على الرغم من أن مصر في عام 2010 تعهدت في الأمم المتحدة متابعة اتفاقية القضاء على كافة التمييز ضد المرأة وفي عام 2014 تعهدت أيضًا الحكومة المصرية أمام (المجلس الدولي لحقوق الإنسان) على تنفيذ التوصيات الخاصة بتغير قوانين التمييز ضد المرأة، بل وافقت على بعض الأمور المتعلقة بتغيير بعض السياسات وتدريب وتأهيل كل من الأئمة ورجال الدين بشكل عام والسلطة القضائية والمتعاملين مع النساء، ولكن الحكومة تغاضت عن تعهداتها بالنسبة إلى حقوق المرأة ولم تضع خطة واضحة حتي الآن لبحث أزمات ومشاكل المرأة المصرية. 

ولكن الرئيس عبد الفتاح السيسي في جميع خطاباته يختص المرأة المصرية بالتقدير والعرفان هل تحول الأمر لشعارات فقط أم أن الأمر له أبعاد سياسية ؟

حديث السيسي عن حقوق المرأة مجرد شعارات سياسية ليست مطبقة على أرض الواقع ، والمرأة بالطبع تم استخدامها لخدمة أغراض سياسية، وما زال الأمر مستمرًا، وفكرة التركيز على دورها الإيجابي في الانتخابات والاستفتاءات كان بغرض التأكيد على حرص الدولة على حماية حقوق المرأة.

ماذا عن دور المجلس القومي للمرأة باعتباره الجهة الشرعية لحماية حقوق المرأة المصرية؟

ليس له دور ملموس في حماية حقوق المرأة بل تحول لأداة تابعة للدولة ينفذ ما يطلب منها ، وهو مثل جميع الجهات الحكومية التي لا تلعب أي دور ،فلم يقدم المجلس القومي للمرأة استراتيجية واضحة لمعالجة الأزمات المتعددة التي تواجه السيدة المصرية ، كما أن تعاونها مع منظمات المجتمع المدني المهتم بشؤون المرأة محدود للغاية .

هل كان هناك دور ملموس لنائبات مجلس النواب في طرح قضايا المرأة داخل البرلمان؟

بنسبة 60 % هناك تعاون بين النائبات ومجلس قضايا المرأة ، واستجاب البعض منهم في طرح العديد من القوانين المتعلقة بالمرأة مثل تعديل قانون الأحوال الشخصية ، ورؤية الأطفال بالنسبة للمطلقين ، ولكن للأسف البرلمان على مدار دورتين لم يناقش أيًا من تلك القوانين، والبرلمان بشكل عام عليه اعتراضات كبيرة داخل الشارع فهو غير معبر عنه وينفذ ما يطلب منه فقط من جانب الدولة بعيدًا عن حقوق الشعب ومن بينهم بالطبع النساء .

هل مازالت هناك قيود ومناصب سياسية محظور على المرأة التقرب منها؟

بالطبع هناك قيود ومناصب سياسية محظورة علي المرأة حتى الآن، وعلى رأسها السلك القضائي ، فمحظور تعيين امرأة رئيسة محكمة أو عضو في المجلس الأعلى للقضاء ، وكون تعيينها وزيرة أو محافظة فهذه خطوة تأخرت كثيرًا وليس الأمر منحة من الدولة ، فالدستور ألغى التميز العنصري والتفرقة بين الرجل والمرأة ولكن ما زال الأمر على الورقة فقط.

ماذا عن قضايا التحرش ضد المرأة وهل قامت الدولة بدور جاد لمواجهة هذا الملف؟

تشديد العقوبات على المتحرش كان له آثار إيجابية ملحوظة مؤخرًا ، بجانب أن الفتاة المصرية بدأت في الدفاع عن نفسها دون الانتظار لمساعدة الآخرين ، ولكن المشكلة أن القانون ليس كافيًا ، فعلى سبيل المثال قانون الطفل رفع سن زواج الفتاه "18" عامًا ، ورغم ذلك هناك أسر تزوج بناتها في سن أقل من ذلك بكثير عن طريق الزواج العرفي ،فالدولة عند سن القوانين المتعلقة بالمرأة لا تخلق حوارًا مجتمعيًا لبيان أهميته ، وبالتالي الشعب لا يشعر بتلك القوانين .

هل التيارات السلفية تقف عائقًا أمام تحقيق مطالب المرأة المصرية؟

بالفعل التيارات الدينية المتشددة وعلى رأسها الجماعة السلفية تقف عائقًا أمام ملف حقوق المرأة ، وخاصة في القرى والنجوع الفقيرة ، مستغلين عدم قبول المجتمع في غالب الأحيان ما يتعلق ببعض حقوق المرأة ، ولذلك نقوم بفتح حوار مجتمعي ثقافي ديني لمواجهة تلك التيارات المتشددة.

هل تعديل قانون الأحوال الشخصية والميراث سيحرر المرأة من القيود المجتمعية و الأسرية المفروضة عليها؟ 

قانون الأحوال الشخصية يحتاج للتعديل بحيث يضمن للمرأة حقها في الميراث ،ومعاقبة من يرفض إعطاءها ميراثها ، وهذا الأمر منتشر كثيرًا في الأسر المصرية ، ومن النقاط التي نطالب بتعديلات بها في القانون أن يكون الطلاق في يد المحكمة عن طريق توثيقه وعدم الاعتراف بالطلاق الشفهي ،كذلك المطلقة التي تريد الزواج تفقد حقها في حضانة أطفالها، على أن تكون حضانة الزوج رقم "4" في الترتيب ، كما يتضمن التعديلات المقترحة في حالة الطلاق قيام الزوجين بتقسيم الأموال التي تم جمعها أثناء فترة الزواج مقابل تنازل الزوجة عن حقها في مصاريف المتعة والنفقة .

ولكن الأزهر رفض المطالب بتوثيق الطلاق فهل هناك تضارب بين المؤسسة الدينية ومنظمات المرأة؟

جميع الوثائق التي أطلقها الأزهر حول حرية المرأة تندرج تحت "الشوه" الإعلامي فقط ،فعلى أرض الواقع الأزهر لا يلتفت للتغيرات التي حدثت في المجتمع ، والمؤسسة الدينية ليست وصية على المجتمع المصري ، فيجب عليهم تطوير الفتاوى بما يتلاءم مع تغيرات العصر ،وبالنسبة إلى رفضه توثيق الطلاق الشفهي فمبرراته غير مقنعة على الإطلاق وهناك أعضاء بمجمع البحوث الإسلامية أجازوا توثيق الطلاق ، من خلال دراسة لهم صدرت عام 2006 ، فالأزهر لا يبذل مجهود لمواجهة أزمات المرأة ، نحن نحتاج إلى أبو حنيفة وشافعي جديد، فنحن مع مقاصد الشريعة لكن من قال لزامًا علينا أن نمشي على آراء فقهاء من آلاف السنين .