أوساكا: بدأت الجمعة أعمال قمة مجموعة العشرين في أوساكا بدعوة إلى "الانسجام" أطلقتها اليابان تعكس العصر الجديد الذي دخلته البلاد، وبمهادنة لافتة للرئيس الأميركي دونالد ترمب وسط مراوحة الخلافات العميقة بين قادة العالم.

وقال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي "أهلا بكم في أوساكا" مفتتحا نقاشات قمة مجموعة العشرين في المدينة اليابانية الساحلية.

وأضاف "آمل أن نتوصل معا إلى انسجام جيد في أوساكا"، في إشارة إلى عصر "الانسجام الجميل"، شعار الإمبراطور الجديد أكيهيتو.

ووقف آبي محاطا من جهة بالرئيس الصيني شي جينبينغ ومن الأخرى بترمب طرفي الحرب التجارية المستعرة حاليا، وقد دعا آبي إلى "إيجاد قواسم مشتركة بدلا من التركيز على المواجهات".

وربما يكون ترمب قد تلقّف الرسالة. فقد أطلق تصريحات تصالحية وأظهر ودية كبيرة بعد سلسلة هجمات أطلقها مؤخرا.

"لا داعي للعجلة"

فقد أشاد ترمب على سبيل المثال بـ"المصانع الرائعة" التي بناها صانعو السيارات اليابانيون في الولايات المتحدة، بعد أن كان قد انتقد علنا اعتماد اليابان عسكريا على الولايات المتحدة.

وأعرب ترمب عن رغبته بالتوصل إلى "تفاهم" مع الهند التي ينتقد سياستها التجارية. واعتبر ترمب أن "لا داعي للعجلة" بما يتعلق بمسألة حل التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، والتي أثارت مخاوف من نشوب صراع عسكري.

وقبل التقاط الصورة التذكارية التقليدية أجرى ترمب حوارا وديا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الساعي إلى تهدئة الأجواء بين واشنطن وطهران، قبل أن يعقد معه لقاء ثنائيا على هامش القمة أشاد خلاله الرئيس الأميركي بعلاقاته مع نظيره الروسي واصفا إياها بأنها "جيدة جدا".

كذلك تبادل ترمب أطراف الحديث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المؤيد لاستراتيجية تشديد الضغوط الأميركية تجاه ظهران.

كذلك وصف ترمب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بأنها "امرأة رائعة"، وذلك خلال لقاء ثنائي، بعد أن كان قد اتّهم ألمانيا بأنها شريك "مقصر" في الانفاق في حلف شمال الأطلسي.

هدنة أم قطيعة

وسئلت المستشارة الألمانية عن وضعها الصحي بعد أن أصيبت للمرة الثانية في غضون بضعة أيام بنوبة ارتجاف، لكنها رفضت الإجابة.

وتجسّد ميركل التي ستنسحب من الحياة السياسية بعد انتهاء ولايتها، رمزا لإرادة التعاون التي دفعت إلى عقد أول قمة لمجموعة الشعرين على مستوى قادة الدول في عام 2008، في خضم الأزمة المالية العالمية.

إلا ان صعود الحركات الشعبوية أثر سلبا على تطلّعات القمة إلى حوكمة عالمية وبخاصة في ملفي التجارة والمناخ.

وبعيدا عن أي شكل من اشكال التعددية سيلتقي ترمب وشي السبت لبحث مصير الاقتصاد العالمي. والجمعة قال ترمب إنه يتوقّع عقد لقاء "بناء" مع نظيره الصيني السبت.

وتهدد واشنطن بفرض رسوم جمركية على كافة السلع الصينية التي تستوردها الولايات المتحدة وهو ما سيشكل نقطة لا عودة في نزاع تجاري وتكنولوجي بين العملاقين.

وأعلن المسؤول في وزارة الخارجية الصينية أن "الأحادية والحمائية والمضايقات تتزايد ما يشكل تهديدا خطيرا". وعلى الرغم من ذلك يأمل محللون كثر بالتوصل إلى هدنة في أوساكا.

"عفا عليه الزمن"

وستبحث القمة ملفا شائكا آخر هو المناخ. وترفض الولايات المتحدة أي حديث عن الاتفاق المناخي الموقّع في باريس كما يرفض قادة آخرون على غرار الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو أي انتقاد غربي لسياساتهم البيئية.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "من الواضح أنه سيكون من الصعب تحقيق اختراق" في هذا الملف.

كذلك هناك اختلافات عميقة بين قادة دول وحكومات حول شكل التحرّك السياسي في عصر العولمة.

والجمعة انتقد بوتين في مقابلة مع صحيفة فاينانشل تايمز الأفكار التقدمية "الليبرالية" للديموقراطيات الغربية.

وقال بوتين إن التقدميين "لا يمكنهم إملاء ما يريدون على غرار ما فعلوا في العقود الاخيرة"، مشيدا بتشدد ترمب في ملف الهجرة غير النظامية. وقال بوتين إن "هذا الفكر التقدّمي "عفا عليه الزمن".

ورد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك بالقول "ما أعتبر أنه عفا عليه الزمن هو التسلط وعبادة الشخص وحكم القلة، حتى لو أن ذلك قد يبدو أحيانا مجديا".