نيل فيرغسون صاحب سمعة أكاديمية وبحثية ومهنية مميزة، هو اليوم مدير معهد عبد اللطيف جميل لمكافحة الأمراض المزمنة والأوبئة والأزمات الطارئة، رسم نموذجًا رياضيًا لكورونا المستجد، فأصيب به.

إيلاف من دبي: كان سعال نيل فرغسون، عالم الوبائيات في إمبرايل كولدج اللندنية، ومدير معهد عبد اللطيف جميل لمكافحة الأمراض المزمنة والأوبئة والأزمات الطارئة، والمؤثر الذي له الفضل في قلب استراتيجيات الاستجابة لفيروس كورونا المستجد على جانبي الأطلسي، جافًا وكانت حرارته مرتفعة، وهذان أهم أعراض الإصابة بالوباء الذي يجتاح العالم اليوم.

وفي يوم الأربعاء، غرّد قائلًا إنه يشعر بتعب "غريب" بعد انقضاء 7 أيام معزولًا في منزله بالعاصمة البريطانية. خضع لفحص كوفيد-19، فأتت النتيجة إيجابية.. وها هو مصاب بالفيروس الذي كان يحاول اكتشاف أسراره.

مناعة القطيع

كانت أنباء مثيرة للقلق عن رجل خمسيني، هو أحد أوائل الخبراء العالميين الذين حذروا في بداية هذا العام من أن تفشي كورونا المستجد في ووهان الصينية ربما يكون أسوأ مما أشارت إليه الأرقام آنذاك. منذ ذلك الحين، كان له ولفريقه تأثير دراماتيكي، خصوصًا في المملكة المتحدة قدم المشورة للحكومة البريطانية بشأن تفشي هذا الوباء منذ أسابيع.

كانت بريطانيا أبطأ من الدول الأوروبية الأخرى في اتخاذ قرار إغلاق المدارس وحظر المباريات الرياضية، إلى جانب خطوات جذرية أخرى لمنع انتقال العدوى. بدلاً من ذلك، فقد اتخذت لندن مسارًا أقل تشويشًا اجتماعيًا لمحاولة إبطاء انتشار الفيروس لكن ليس وقفه، على أمل أن يؤدي ذلك إلى بناء "مناعة القطيع" وتجنب المزيد من تفشي الوباء في المستقبل.

استراتيجية التخفيف

لكن عادت السلطات البريطانية عن "استراتيجية التخفيف" هذه فجأة في هذا الأسبوع، بعد أن "نمذجة" تمت في دراسة شارك فيرغسون في تأليفها، يمكنها أن تؤدي إلى وفاة 250.000 شخص في المملكة المتحدة وما يصل إلى 1.2 مليون في الولايات المتحدة. وخلصت الدراسة إلى أن "القمع هو الاستراتيجيا الوحيدة القابلة للتطبيق في الوقت الحالي".

عندما نشرت هذه الدراسة الاثنين، بدأ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يطلب من المواطنين تجنب الأماكن المزدحمة والسفر غير الضروري. واستشهد مسؤولو البيت الأبيض بالدراسة البريطانية في اليوم نفسه، وكشفوا فورًا عن إجراءات مماثلة.

لا شك في أن السمعة الطيبة التي يتمتع بها فيرغسون ساهمت في أخذ هذه الدراسة على محمل الجد.

ولد فيرغسون في مقاطعة ليك الخلابة في إنكلترا، وترعرع في وسط ويلز. كان والده عالمًا نفسيًا تربويًا ووالدته أمينة مكتبة أصبحت كاهنًا أنجليكانيًا.

نقطة تحول

بحلول أواخر ثمانينيات القرن الماضي، كان تلميذًا في جامعة أكسفورد، وبدا أنه سيصبح فيزيائيًا. حصل على درجة في الفيزياء ثم نال الدكتوراه باحثًا في نظرية الكم للجاذبية. وعلى الرغم من براعته في الفيزياء النظرية، قرر أن يطبق مهاراته في النمذجة على مشكلات العالم الحقيقية، بالدخول في علم الأحياء الرياضي.

زامل فيرغسون أحد كبار العلماء في هذا المجال؛ هو روي أندرسون الذي أخذ فريقًا من خبراء الأمراض السارية من أكسفورد إلى إمبريال كوليدج في أواخر عام 2000.

وفي غضون أشهر، تم استدعاؤهم لمساعدة المسؤولين البريطانيين في قمع تفش لمرض اليد والقدم والفم (foot-and-mouth disease)، فكان ذلك نقطة تحول في مسيرة فيرغسون، إذ كانت المرة الأولى التي يعمل فيها على نمذجة وباء في أثناء تفشيه، ثم يتدخل للقضاء عليه.

حوادث شاحبة

تقديرًا لدوره هذا، حصل فيرغسون على وسام الإمبراطورية البريطانية في عام 2002. وبقي في إمبريال كولدج حيث يرأس الآن عدة مجموعات بحثية، بما فيها معهد جميل للأمراض و تحليلات الطوارئ. هو مستشار منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي والحكومات المتنوعة، وكان مواجهة معظم تفشي أمراض القرن الحادي والعشرين، من سارس وإنفلونزا الخنازير إلى إيبولا وزيكا.

لكن، تبدو هذه الحوادث كلها شاحبة مقارنةً بجائحة كورونا الحالية، الجائحة التي وصفها فيرغسون بأنها "أخطر تهديد للصحة العامة في فيروس يصيب الجهاز التنفسي منذ إنفلونزا 1918 الإسبانية التي أودت بحياة ما لا يقل عن 50 مليونًا في العالم، الذي يعتمد اليوم على نماذج الكمبيوتر التي طورها فيرغسون وفريقه كما لم يحدث من قبل.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "فاينانشيال تايمز". الأصل منشور على الرابط:

https://www.ft.com/content/7e56cf84-6a9e-11ea-a3c9-1fe6fedcca75