أكد فاروق الباز، عالم الفضاء والجيولوجيا في وكالة ناسا، رئيس مركز الاستشعار عن بُعد في جامعة بوسطن، عضو اللجنة الاستشارية لوكالة الإمارات للفضاء، أن مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ “مسبار الأمل” تحظى بأهمية علمية كبيرة عالمياً، كونها أول مركبة فضائية سترسم صورة واضحة وشاملة عن طبقات الغلاف الجوي للمريخ، فيما ستقدم معلومات يتم كشفها للمرة الأولى عنه.

ولفت الباز في حوار مع صحيفة البيان إلى أن الإمارات بمشروعاتها المتنوعة في قطاع الفضاء، تقف بمساواة الدول الكبرى التي لها مجهودات كبيرة في هذا القطاع.

قال إن "الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كان قائداً راقياً وأبهر رواد فضاء رحلة أبولو باهتمامه الكبير بالفضاء، فيما كان حريصاً على توفير التعليم لأبنائه وخصوصاً الفتيات"، موجهاً الشكر إلى الشيخ “محمد بن راشد آل مكتوم” نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لرؤيته الثاقبة بإشراك الكوادر الوطنية في هذه المشروعات، وأكد أن “مسبار الأمل” يستأنف أمجاد العرب، ويحق لشعب الإمارات أن يفخر بما حققه أبناؤه.

تابع إن المجتمع العلمي لديه بعض المعلومات عن المريخ، وهي أنه كانت على سطحه بحار تشبه إلى حد كبير المحيطات في الأرض، فضلاً عن ذلك فإن سطحه يشبه صحراء البلاد العربية التي تكثر فيها الكثبان الرملية.

ذكر أنه وبعد نجاح مهمة مسبار الأمل، نستطيع القول "نعم في مقدورنا نحن العرب اللحاق بالركب العلمي العالمي، وأن نعود إلى ماضينا الثري بتعزيز الريادة في مختلف العلوم، وأهميتها لمختلف القضايا والاحتياجات الإنسانية، خصوصاً أن أجدادنا كانوا يهتمون بعلوم الكون المختلفة، وبمسارات كواكب المجموعة الشمسية وصفاتها، ولذلك فإن الفرصة أصبحت متاحة حالياً لإعادة هذه الأمجاد، وهو ما ستقوم به مهمة مسبار الأمل".

أفاد الباز بأن الإمارات تؤمن بأهمية التعاون الدولي كونه وسيلة لمواجهة التحديات العالمية وفتح آفاق جديدة أمام البشرية، ولذلك تسعى الى تحقيق آمال العرب بسواعد شبابها"، معتبراً أن "مسبار الأمل يعتبر منارة لكل الشعوب العربية، ويؤسس لمسار التقدم وتعزيز الثقة بالنفس، فيما يأتي المشروع ترسيخاً لمكانة الإمارات العالمية، من خلال مواصلة جهودها المستمرة لتحقيق الريادة في مختلف المجالات والقطاعات ومنها قطاع الفضاء، ولذلك يدعم مسبار الأمل الدولة كونها شريكاً استراتيجياً عالمي في هذا المجال، بما لديها من تاريخ حافل بالتنمية والابتكار والتعاون الدولي".

شرح أن "مسبار الأمل يترجم رسالة قيادة الإمارات للمواطنين وللأشقاء في العالم العربي والعالم، بأن الإيمان بالشباب والاستثمار في تطوير قدراتهم وإمكاناتهم هو الرهان الرابح لأي دولة، ولذلك نجد أن الإمارات تتجه بقوة لتأهيل كوادرها الوطنية خصوصاً الشباب منهم بمختلف الأدوات العلمية والتقنية"، مؤكداً أن "هذا التوجه يستدعي مع توفير التعليم الجيد المتطور، تشجيع الأجيال الجديدة على دراسة التخصصات العلمية الجديدة، ومن ثم العمل في تخصصاتها بمختلف المشروعات التي تعمل عليها الدولة".

تحدث العالم العربي عن الدعم والرؤية المستقبلية، التي يعمل بها قادة الإمارات في مختلف خططهم لاستشراف المستقبل، ومن قبلهم الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي حالفه الحظ للقائه 3 مرات، حيث كانت المرة الأولى في عام 1974، وذلك بعد انتهاء مشروع “أبولو” لاستكشاف القمر، حيث قام بزيارة دول الخليج العربي للمحاضرة عن النتائج العلمية لرحلات أبولو إلى القمر، لافتاً إلى أنه “يتذكر حينما سأله الشيخ زايد في هذه المرة هل ستحاضر للشباب؟ فأجابه، نعم بالمدرسة الثانوية للبنين، فرد عليه الراحل مضيفاً: والبنات؟"، مبيناً أنه "من خلال إجابة الشيخ زايد، تعرف إلى فكر هذا القائد الراقي".

تابع: “إن اللقاء الثاني مع الراحل له كان في العام 1975، وكان برفقته رائد الفضاء جيمس اروين، الذي سار على سطح القمر في رحلة أبولو 15"، مشيراً إلى انبهارهم الكبير باهتمام الشيخ زايد للتعرف إلى تفاصيل الرحلة إلى القمر، وسؤاله عن كيف كان يعيش الرواد وطريقة أكلهم وتنفسهم، وما إلى ذلك من تفاصيل، قليلون من فكروا فيها غير الراحل، وأنه بعد انتهاء أسئلته عن هذه التفاصيل، قام بإهدائه صورة فريدة للأرض من مدار الرحلة تظهر وكأنها هلال في سماء القمر الداكنة”.

وواصل: "إن اللقاء الثالث بينهما كان في عام 1976، وشاركه في هذه الزيارة 3 من الرواد الأميركيين لرحلة أبوللو سيوز الأمريكيةـ الروسية المشتركة"، وأن "الشيخ زايد أسعده حينها كثيراً أنهم أهدوه مجسماً لمكوك الفضاء، الذي كانت تعده ناسا لكل رحلاتها المستقبلية عندئذ، حيث شرحوا للراحل كيفية عمله".

قال إن "الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يحمل رؤية مستقبلية لكل المشروعات الوطنية، ومن بينها قطاع الفضاء، الذي حظي باهتمام كبير منه ودعمه غير المتناهي لشباب الوطن، بهدف تأهيلهم وتدريبهم وإكسابهم الخبرات الكبيرة التي يحصلون عليها من خلال برامج النقل المعرفة المتواصلة مع الدول المتقدمة في كل القطاعات عالمياً"، لافتاً إلى أن "الإمارات تسعى بقوة الى مشاركة العالم في تقدمها وتطورها، وهو ما ينعكس من خلال هذا المجهود الكبير الواضح والرؤية الثاقبة، التي يسير عليها قادة الإمارات لاستشراف المستقبل وعلومه وإعادة الأمجاد العربية السابقة".

شرح الباز أن "وجود مركز محمد بن راشد للفضاء هو عمل مميز وقدير جداً، خصوصاً أنه يلقى دعماً كبيراً من نائب رئيس الدولة، حيث ساعد على إنشاء جيل جديد من الشباب المؤهل بشكل متميز، واستطاع أن ينجز ويقدم مشروعات مهمة ولافتة عالمياً، مثل الأقمار الصناعية، التي أصبحت تصنع بأيد إماراتية خصوصاً أنها وفرت قسطاً هائلاً من المعلومات عن أرض الإمارات، لدرجة أننا نأمل العمل على تحديد آثار الإنسان القديم في المنطقة، من خلال المعلومات والبيانات، التي توفرها هذه الصور العالية الدقة".

وقال إن "قادة الامارات وحكومتها أولت دعماً كبيراً لوكالة الإمارات للفضاء الذي ينتسب إلى عضوية اللجنة الاستشارية فيها، مبيناً أنها مؤسسة مرموقة لها مقام متميز عالمياً، وتقودها مجموعة ممتازة من أفضل العناصر من شباب وشابات الإمارات، وأن أحد أهم انجازاتها مهمة طموح زايد، وانطلاق رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري كأول رائد فضاء عربي إلى محطة الفضاء الدولية"، لافتاً إلى أن "وكالة الإمارات للفضاء تأمل في إرسال أول فتاة عربية إلى الفضاء مستقبلاً".