إيلاف من لندن: حسمت الحكومة العراقية الجمعة موقفها من مشروع الفاو الاستراتيجي المثير للجدل بجنوب البلاد مؤكدة على المضي بتنفيذه بعد ان رفضت طلب الشركة الكورية المنفذة زيادة كلفة انجازها له بمبلغ نصف مليار دولار فيما تستمر المفاوضات بين الطرفين لحل هذا الخلاف.

وقالت وزارة النقل العراقية في بيان صحافي تلقت "ايلاف" نسخة منه انه منذ تسلّم حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مهامها في مايو الماضي فقد اولت مشروع ميناء الفاو الكبير اهمية بالغة وباشرت بالخطوات الفعلية للتنفيذ فتم التفاوض مع شركة "دايوو" الكورية الجنوبية لعدة اسباب منها حصولها على قرار من الحكومة السابقة (برئاسة عادل عبد المهدي) باستثنائها من شروط العقود الحكومية من اجل الاسراع ورفع وتيرة العمل كما ان آليات ومكائن الشركة وملاكاتها الهندسية والفنية موجودة في ارض العمل مما يوفر وقتا وجهدا أسرع.

واضافت أن "دايوو نفذت بنجاح كاسر الامواج الغربي للميناء بناءً على ما تقدم ثم تم التفاوض لمدة ثلاثة اشهر من قبل وزارة النقل ممثلة بوزيرها ناصر الشبلي وكادرها المتقدم مع المدير السابق للشركة وكادرها المتقدم بمشاركة اعضاء من لجنتي الخدمات و النزاهة النيابيتين وتم التوصل لاتفاق مبدئي على تنفيذ خمسة مشاريع ضمن المشروع وان يكون حوض الرسو والقناة الملاحية بعمق 19.8 بمبلغ اجمالي قيمته ملياران و370 مليون دولار وبمدة تنفيذ تمتد الى ثلاث سنوات .

واوضحت أنه "بعد تعيين المدير الجديد لمشروع ميناء الفاو حضر الجانب الكوري المتمثل بشركة دايوو وعلى راسهم معاون مدير الشركة القادم من العاصمة الكورية سيؤول اذ طالبت شركة دايوو برفع سقف مبالغ التنفيذ من مليارين و370 مليون دولار الى مليارين و800 مليون دولار في ما لو ارادت الوزارة الوصول لاعماق 19.8 اي بزيادة تقدر بحوالي نصف مليون دولار عن المبلغ المتفق عليه سابقا.

واكدت الوزارة ان وزيرها رفض هذه المطالب ومنح الشركة مهلة ثلاثة ايام للعدول عن طلبها والالتزام بالاتفاق المبدئي الاول لكنه بعد انتهاء هذه المدة رفضت شركة دايو الالتزام بالاتفاق الاول واصرت على اضافة المبلغ الاضافي وزيادة مدة التنفيذ وهو ما حدا بالوزير الى رفض رفع سقف المطالب هذه للشركة .. واشارت الى ان المفاوضات مازالت مستمرة للوصول الى اتفاق عادل يخدم الشعب العراقي بالحصول على ميناء يليق بموقع العراق الاستراتيجي ويخدم اقتصاده.

ونفت وزارة النقل تقارير تناقلتها بعض وسائل الاعلام عن الغائها التفاوض مع الجانب الكوري وصرف النظر عن تنفيذ المشروع .. واوضحت ان الكاظمي قام امس الخميس بزيارة ميدانية لميناء الفاو للاطلاع على آخر التطورات في هذا المشروع الاستراتيجي من اجل تذليل العقبات والبدء بالعمل الفعلي لانجازه.

وجاء تأكيد وزارة النقل استمرارها بتنفيذ مشروع الفاو بعد تقارير اشارت الى تراجع شركة "دايوو" عن اتفاقها الأولي لتنفيذ الميناء مطالبة بمبالغ إضافية للمضي بانجازه واضافت ان أن "الوزارة فوجئت بمطالب الشركة الكورية بمبالغ إضافية للمضي بحفر عمق مشروع الميناء الى 19.80 متراً.

وكان الكاظمي قد اكد امس خلال تفقده للعمل في ميناء الفاو الكبير أن هذا المشروع يعد من أولويات الحكومة على الرغم من التحديات الكبيرة التي يمر بها البلد "الا أننا سنعمل جاهدين للتوقيع مع الشركات الأجنبية لبدء العمل فيه".

الاول خليجياً والعاشر عالمياً
وميناء الفاو الكبير هو ميناء عراقي في شبه جزيرة الفاو جنوب محافظة البصرة تبلغ تكلفة تنفيذه 4.6 مليارات دولار وتبلغ طاقته المقدرة 99 مليون طن سنوياً ليكون واحداً من أكبر الموانئ المطلة على الخليج والعاشر على مستوى العالم.

ومنذ وضع الحجر الأساس لهذا المشروع في5 نيسان ابريل عام 2010 على اساس انجازه خلال ثلاث سنوات اثيرت شكاوى وشكوك اعضاء في البرلمان العراقي من قضايا فساد وتلاعب بمواصفات وكلفة المشروع الذي لم ينفذ منه لحد الان سوى كاسر الامواج في مياه الخليج العربي.

فقد أثارت قضية ميناء الفاو الكبير والتلكؤ في اكماله جدلاً واسعا وتم توجيه اتهامات لنواب ووزراء حكومات متعاقبة بعقد صفقات مع دول مجاورة فرطت بإنشاء الميناء كما شهد المشروع بعض التلكؤ عقب انتحار المدير الفني لشركة دايو الكورية الجنوبية المنفذة له، وذلك بمقر الشركة في البصرة الشهر الماضي لأسباب غامضة.

وكانت النائبة عالية نصيف قد اشارت في وقت سابق الى ان"هناك الكثير من دول المنطقة لا تريد لميناء الفاو ان ينهض".. واتهمت مفاوضين بمحاولة تقليل عمق الميناء إلى 14 مترا بدلا من 24 مترا مما يجعله عاجزا عن استقبال السفن الكبيرة.

والشهر الماضي، اعلن وزير النقل العراقي قرب الاتفاق على الصيغة النهائية لعقد ميناء الفاو الكبير مع الشركة الكورية المنفذة للمشروع.

اغراءات لعرقلة تنفيذ المشروع
وبحسب ما قالته الحكومة العراقية عند وضع حجر الاساس فإن تحالفا تقوده شركة إيطالية كان من المفترض أن يقوم ببناء الميناء الذي قال وزير النقل العراقي حينها عامر عبد الجبار إن "امتيازات عرضت عليه من أجل عرقلة المشروع".

وتشير التصاميم الأصلية للميناء التي تتضمن إنشاء مدينة ومرافق سياحية وبحيرات الى امكانية توفير 14 ألف وظيفة للعراقيين وتسهم بجلب 3 مليارات دولارات سنويا للخزينة العراقية .

وبحسب الاتفاق الاخير مع الشركة الكورية فانه من المؤمل أنجاز المشروع عام 2024 وسينقل البضائع من الصين و اليابان و جنوب شرق آسيا الى أوروبا و بالعكس، كما يضم المشروع أكبر كاسر أمواج في العالم. . وسيبنى حول المشروع فنادق ومولات وبورصه عالمية ومصارف مع احتمال انشاء مطار جوي للتجار.

ويعد المشروع حلقة وصل بين دول الخليج العربي التي تعتبر مستهلكًا رئيسيًا للبضائع الأجنبية، كما يعد حلقة وصل مع تركيا التي تعتبر مستهلكًا رئيسيًا للنفط وفي الوقت نفسه الوقت المصدر الرئيسي للبضائع.