إيلاف من لندن: أعلنت المملكة المتحدة عزمها تقديم خبراتها المتقدّمة عالمياً في علم الوراثة لتحديد مواصفات السلالات الجديدة للفيروس الذي يسبب كوفيد-19 إلى البلدان التي لا تملك الموارد اللازمة.
وقال موقع وزارة الخارجية البريطانية إنه تم وضع خبرات وإمكانات علم الوراثة في المملكة المتحدة في خدمة الجميع في أنحاء العالم لتشخيص السلالات الجديدة المنبثقة عن فيروس سارس-كوف-2 الذي يتسبب بمرض كوفيد-19
وتتولى "منصة تقييم السلالات الجديدة" مساعدة البلدان في التعرّف على ما يطرأ من تغيّرات على الفيروس، وإعطاء إنذارٍ مبكر بشأن أي طفرات جديدة قد تعرّض المملكة المتحدة للخطر

مجموعة السبع
ويأتي القرار البريطاني، كالتزام جديد بتحسين الأمن الصحي العالمي بالتزامن مع تولي المملكة المتحدة رئاسة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى هذا العام
وكان الإعلان عن هذه المبادرة جاء في كلمة ألقاها وزير الصحة في مركز تشاتام هاوس مطلع الأسبوع الحالي. وفي نطاق رئاسة المملكة المتحدة لمجموعة السبع هذا العام، حدد وزير الصحة رؤيته لنظام صحي عالمي أقوى ويتسم بقدر أكبر من التعاون والكفاءة، ليس في مكافحة جائحة كوفيد-19 وحسب، بل كذلك لضمان جاهزية المجتمع الدولي بشكل أفضل للتصدي للتهديدات المستقبلية.

منصة جديدة
وسوف توفر المملكة المتحدة للبلدان الأخرى إمكاناتها في مجال تحليل أي سلالات جديدة من الفيروس من خلال تأسيس “منصة تقييم السلالات الجديدة”، والتي سوف تتولى الإشراف عليها هيئة الصحة العامة في إنجلترا بالتنسيق مع فرق الفحص والتعقب التابعة لهيئة الصحة الوطنية وشركاء أكاديميين، بالإضافة إلى مجموعة العمل المخبري العالمي بشأن سارس- كوف-2 التابعة لمنظمة الصحة العالمية.

ومن شأن ذلك أن يساند خطة رئيس الوزراء ذات النقاط الخمس، التي أعلنها في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي، لحماية البشرية من جائحة أخرى من خلال نهج مشترك للأمن الصحي العالمي.
وسيُعهد في الوقت المناسب “للمعهد الوطني لحماية الصحة” بالمسؤولية عن هذه المنصة، والتي ستشمل مختبرات هيئة الصحة العامة لإنجلترا إمكانات العاملين فيها بالإضافة إلى إمكانات الشركاء الأكاديميين.

تحليل عينات
وسيعمل الجميع مباشرة على تحليل العينات المقدمة من الخارج، أو أنهم سيقدمون مشورة ودعما كخبراء بالتواصل عن بُعد، حين يملك البلد الشريك بعض القدرات اللازمة في هذا المجال ولكنها تحتاج إلى المزيد من المساعدة. ويمكن أن تشمل المساعدة عرضاً بالتدريب والموارد، وكذلك توفير العناصر البشرية والمعدات.
وسيكون بإمكان البلدان طلب الحصول على المساعدة من خلال الاتصال بمنظمة الصحة العالمية إذا لم تكن هناك في الأصل قناة اتصال مباشرة مع المملكة المتحدة.

وسوف يسهم هذا العمل الحيوي في مكافحة انتشار فيروس كورونا من خلال التعرّف على المزيد من سلالات كوفيد-19 في أنحاء العالم كي يظل المجتمع الدولي على اطلاع مسبق بأي طفرات للفيروس.

حديث هانكوك
وقال وزير الصحة البريطاني مات هانكوك: لقد أظهرت هذه الجائحة أن أسس العديد من الخبرات المثيرة التي تجعل الحياة تستحق العيش لا تعتمد على صحتنا نحن فقط، أو حتى صحة جيراننا، بل على صحة الأشخاص الذين لم يسبق لنا أن التقيناهم أيضاً. فعندما يعاني أحدنا، يعاني الجميع منا.

وأضاف: لذلك يجب أن نعمل على تعزيز الأمن الصحي في كل جزء من العالم. ولن تنحصر فائدة هذه المنصة في فهم هذا الفيروس بشكل أفضل وفهم كيفية انتشاره فحسب، بل إنها ستعزز القدرات العالمية في هذا المجال المهم، وذلك لكي نكون جميعنا على أهبة الاستعداد لمواجهة ما يحمله المستقبل لنا.
وقال هانكوك: لقد أجرت المملكة المتحدة توصيفا لأكثر من نصف ما قُدّم إلى قاعدة البيانات العالمية من المتواليات الوراثية لفيروس سارس-كوف-2، وهذه الإمكانات قد ساعدت علماء هيئة الصحة العامة في إنجلترا في التعرّف على السلالة التي اكتُشفت في مقاطعة كِنْت، وبالتالي الاستناد إلى تلك المعرفة في اتخاذ تدابير جديدة للتصدي لانتشار الفيروس.

كلام أوليفر
ومن جهتها، قالت الدكتورة إيزابيل أوليفر، مديرة قسم الأمراض العامة السارية في هيئة الصحة العامة في إنكلترا: نعرف أن الفيروس سيتطور بمرور الوقت، وأن بعض الطفرات يمكن أن تتسبب في انتشار الفيروس بشكل أسرع، أو تسبب مرضا أشد لدى الناس، أو ربما تؤثر على درجة فاعلية عمل اللقاحات. لذا يُعد الاختبار الوراثي أمراً بالغ الأهمية لجهودنا التي نبذلها للسيطرة على الفيروس – إذ يتيح لنا مراقبة كيفية تغيّر الفيروس ومن ثمّ التعامل معه قبل فوات الأوان.

وأضافت: من شأن هذه المبادرة الجديدة أن تنقل الخبرات العلمية المتطورة لهيئة الصحة العامة في إنكلترا إلى البلدان التي لديها معرفة بسيطة، أو ربما ليست لديها معرفة نهائيا، بطريقة توصيف وتحليل المتواليات الوراثية بنفسها لسلالات الفيروس المسبب لمرض كوفيد-19. كما تعطينا المبادرة إنذارا مبكرا بشأن أي طفرات جديدة قد تعرّض المملكة المتحدة للخطر.

الأمن الصحي العالمي
وأكدت أن تحسين الأمن الصحي العالمي سيكون موضوعاً رئيسياً للمملكة المتحدة أثناء رئاستها لمجموعة السبع، حيث نشجع البلدان على العمل متعاونين لمواجهة هذه الجائحة ولضمان جاهزية أقوى للتصدي لأي تهديدات صحية أخرى.

وتابعت الدكتورة إيزابيل أوليفر: كذلك يمكن أن تشكل السلالات الجديدة من فيروس كورونا تهديدات للتقدم الذي تم إحرازه حتى الآن في توفير العلاجات واللقاحات، لذلك من الضروري أن يكون بمقدور المجتمع العالمي الردّ على هذه التهديدات بسرعة وحسم.

وخلصت إلى القول إن خبرة المملكة المتحدة في مجال علم الوراثة ستكون موردا يُسترشد به في الاستجابة العالمية للسيطرة على انتشار الأوبئة وإنقاذ الأرواح.