كرايست تشيرش: بعد عشر سنوات على الزلزال الذي هز كرايست تشيرش، ثاني مدن نيوزيلندا، موقعا ضحايا، يذكر غوردون كالن الشجاعة التي تحلّى بها للفرار من المبنى حيث كان عالقا.

ففي 22 شباط/فبراير 2011، كان كالن في مكتبه الواقع في الطابق الخامس في المبنى حين ضرب زلزال قوته 6,3 درجات المدينة الواقعة في الجزيرة الجنوبية، موقعا 185 قتيلا.

ويذكر المستشار في مجال الاستثمارات "كانت الملفات تتساقط والمكاتب تترنّح، وكان هناك الكثير من الصراخ والصياح".

ويروي الخمسيني لوكالة فرانس برس "لففنا خرطوم مياه الإطفاء حول الكنبة وثبّتناها تحت النافذة ونزلت بقوة ذراعيّ".

وكان كالن من سكان المدينة الذين حالفهم الحظ في ذلك اليوم.

يقول قبل أيام معدودة من الذكرى العاشرة للكارثة التي يستعدّ سكان المدينة الـ400 ألف لإحيائها "مضى وقت طويل، لكن الذكرى لا تزال أليمة للبعض".

وسبق لكرايست تشيرش أن شهدت زلازل، لكن زلزال 22 شباط/فبراير 2011 كان مدمّرا بصورة خاصة، لا سيما أن مركزه كان يقع على عمق ضئيل، على مسافة خمسة كيلومترات من صدع يمر تحت المدينة.

وخلال فترة الغداء، انهارت مبان وتصدّعت طرق وتساقطت واجهات متاجر على المارة.

أما في الضواحي، فباتت مساحات شاسعة كانت تصطف فيها منازل، مجرّد مستنقعات إذ حوّل الزلزال الأرض إلى رمال متحركة.

ووقع معظم الضحايا في مبنى تلفزيون "سي تي في" الذي شيّد في الثمانينات، إذ انهار مثل بيت من ورق على من فيه قبل أن تشتعل فيه النيران.

وقضى 115 شخصا في المبنى، بينهم 65 طالبا أجنبيا، معظمهم من الصين واليابان.

وخلص تحقيق إلى أنه لم يكن يجدر بالأساس منح ترخيص للمبنى بسبب سوء تصميمه.

وكانت المدينة شهدت قبل ذلك زلزالا بقوة 7,1 درجات في أيلول/سبتمبر 2010، زعزع بعض المباني فيها بدون أن يوقع ضحايا.

وأقرت رئيسة بلدية كرايست تشيرش ليان دالزيال بأن ذلك الزلزال الأول جعل السلطات تبدي قدرا من التساهل.

وقالت "كان إشارة إنذار، كان يجدر بنا الأخذ بها أكثر".

وكان بين ضحايا مبنى "سي تي في" ميسون عباس، زوجة معن القيسي الذي يكافح منذ ذلك الحين لإحالة المهندسين الذين وضعوا تصاميم المبنى إلى القضاء، فيما تعتبر الشرطة الأدلة غير كافية.

ويؤكد القيسي "الكل يعلم أنه لم يتم إحقاق العدالة".

وفي السنة التي تلت الزلزال، وقعت هزات ارتدادية، وأطلق بعدها مشروع إعادة إعمار طموح وواسع النطاق، غير أن الآلية كانت طويلة جدا.

وفي هذه الأثناء، اجتاحت الأعشاب البرية الأراضي الخلاء، في تباين مع صورة وسط المدينة المزدهر في السابق.

واصطدمت عملية إعادة الإعمار بعقبات إدارية والخلافات حول التعويضات المترتبة على شركات التأمين.

قال القيسي "بقينا لفترة طويلة نخشى ألا نستعيد مدينتنا، لكننا اليوم أكثر تفاؤلا".

فالمدينة التي ستزورها رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن الإثنين للمشاركة في مراسم في ذكرى الزلزال، مختلفة عما كانت عليه قبل الكارثة.

فبعدما كانت كرايست تشيرش تعتبر في الماضي "جزءا صغيرا من إنكلترا"، تؤكد دازيال أن المدينة لم تعد تلتفت إلى تاريخها بل إلى النهر إيفون الذي يمر بها.

تقول "تبنيناه ليكون قلب المدينة"، متباهية بالحانات والمطاعم التي أقيمت على ضفّتيه.

وبعد الهجوم الذي شنه متطرف من أتباع نظرية تفوق البيض على مسجدي كرايست تشيرش موقعا 51 قتيلا، تواصل تجديد المدينة.

وأوضحت دالزيال أن شبكات التضامن التي تشكلت بعد الزلزال ساعدت المدينة على الالتفاف حول المسلمين فيها.

ولا تزال أعمال الترميم متواصلة في الكاتدرائية الأنغليكانية التي كانت في ما مضى رمز المدينة، بسبب الأضرار التي لحقت بها جراء الزلزال، لكن العديد من المشاريع لم تنفّذ بعد.

وقالت رئيسة البلدية "ما زال يتحتّم علينا عبور مسافة طويلة، لكننا اجتزنا عتبة".