إن افتراض أن جميع المسلمات المحجبات مضطهدات هو الجهل بعينه. لا يمكن تمكين المرأة من خلال نزع استقلاليتها وإرادتها الحرة وحقها في الاختيار.

إيلاف من بيروت: تقطعت علاقة فرنسا بالحجاب منذ فترة. وحظر الحجاب لمن هن دون 18 عامًا اليوم جزء من "مشروع قانون الانفصالية" ينبع من حركة متنامية في أوروبا منذ 11 سبتمبر، تستهدف النساء اللواتي يرتدين الحجاب والنقاب.

في فبراير 2004، بدأت الجمعية الوطنية الفرنسية مناقشة مشروع قانون لحظر الرموز الدينية في المدارس، بما في ذلك الحجاب الإسلامي والقلنسوة اليهودية والصلبان المسيحية الكبيرة. قبل ذلك، في سبتمبر 2003، كان العديد من المناطق الألمانية قد منع المعلمات من ارتداء الحجاب.

تراث مسيحي فرنسي

في عام 2011، أصبحت فرنسا الدولة الأولى التي تحظر ارتداء أي نوع من الحجاب أو النقاب في أي مكان عام. كان حظر النقاب هو الأول من نوعه في أوروبا وشكك حقًا في موقف فرنسا من اندماج المسلمين في البلاد. بدأت الأحزاب اليمينية الفرنسية، بما فيهاالجمهوريون بقيادة نيكولا ساركوزي والتجمع الوطني بقيادة مارين لوبان، نقاشًا وطنيًا حول مكانة المسلمين في فرنسا، وأشادت بـ "التراث المسيحي" الفرنسي.

في عام 2014 ، أيدت المحاكم الأوروبية الحظر الفرنسي، وذكرت أن الهدف منه هو الحفاظ على أفكار النزاهة الوطنية. في عام 2016، فرض العديد من المدن البلدية الساحلية حظر ارتداء "البوركيني" على النساء المسلمات.

مهم أن نفهم أن مثل هذه السياسات ليست ظاهرة حديثة. تم فرض التمييز ضد المسلمين خصوصًا النساء بشكل مطرد باسم القانون والنظام والسلامة الوطنية لبعض الوقت. وأحدث حظر مقترح هو مجرد خطوة أخرى لسحب الاستقلالية من النساء المسلمات.

إرث إمبريالي

يعود جزء كبير من هذا أيضًا إلى الإرث الإمبريالي لفرنسا التي احتلت فترة طويلة من القرن العشرين العديد من الأراضي ذات الأغلبية المسلمة في أفريقيا والشرق الأوسط. خلال هذه الحقبة، كان هناك أيضًا دافع لفصل الرموز والممارسات الإسلامية عن المناطق المضطهدة من خلال حظر الحجاب واللغة العربية من المجال العام. استمرت العقلية الاستعمارية في فرنسا، وكانت أصل الإسلاموفوبيا فيها.

في 30 مارس الماضي، صوت مجلس الشيوخ الفرنسي لصالح "قانون الانفصالية". يهدف مشروع القانون إلى فرض المبادئ الجمهورية ومنح الدولة الأدوات اللازمة لمحاربة التطرف الإسلامي. جزء كبير من مشروع القانون هو محاربة تدهور شأن المرأة، وقمع أي ممارسات تنتهك كرامتها. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعرب في وقت سابق عن اعتقاده بأن الحجاب لا يتوافق مع المثل الفرنسية.

تم تبرير حظر النقاب والحجاب كوسيلة بصفته تمكينًا للمرأة. مع ذلك، يرتكز على الخطاب المعادي للإسلام المتأصل بعمق في المجتمع والحكم الفرنسيين. من خلال افتراض أن جميع النساء المسلمات المحجبات يتعرضن للاضطهاد، ينكشف التجاهل والجهل بالمبادئ والقيم الدينية الإسلامية. إنه متجذر في مُثُل السيادة حيث تتعرض نساء الأقليات العرقية دائمًا للقمع وتحتاج إلى الإنقاذ.

يمكن أن يُنظر إلى الحكومة الفرنسية على أنها تساعد نساء الأقليات العرقية، لكن بإخبارهن كيف يجب عليهن التصرف، فإنها تخدم مصالحها الخاصة وتحافظ على "المثل الفرنسية الاستعمارية". لا يمكن تمكين المرأة من خلال نزع استقلاليتها وإرادتها الحرة وحقها في الاختيار.

الجنس أولى؟

لم يدخل مشروع القانون حيز التنفيذ بعد لأن الجمعية الوطنية لم تصوت عليه بعد. لكن إذا تم تمرير هذا القانون، فسيكون سن الموافقة على الجنس أقل من سن الموافقة على ارتداء الحجاب. تتمتع النساء في سن 15 عامًا بالاستقلال الجنسي في فرنسا، لكن لن يكون لهن الحق في اختيار رمز لعقيدتهن الدينية.

يتعارض مشروع القانون مع الشعار الوطني الفرنسي: "حرية، عدالة، أخوة". فهو تستهدف مجتمعًا معينًا فحسب، وهو مجتمع مهمش وموصوم بالفعل، ولا عدالة ولا أخوة في ذلك. ولا يمكن افتراض أن التحرر الجنسي هو الطريق الوحيدة التي يمكن المرأة بها أن تكون حرة.

لا يمكن أن تتحرر المرأة حقًا إلا عندما يكون لها الحق في الموافقة والاختيار لأنفسها في كل ما تفعله، وكل ما ترتديه، من دون أن يضع المجتمع (أو الحكومة) قواعد بشأن ما هو مقبول وما هو مرفوض.


أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "إندبندنت". الأصل منشور على الرابط: https://bit.ly/3x5Ur7R