سانتياغو: تكشف تشيلي مساء الأحد أسماء الشخصيات التي تم انتخابها شعبيا لصياغة دستور جديد للبلاد يهدف إلى تحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية وطي صفحة عهد الجنرال بينوشيه، غداة يوم أول من الاقتراع كانت نسبة المشاركة فيه ضئيلة.

ويتوقع إعلان التقديرات الأولية مساء الأحد. لكن لم يصوت السبت سوى نحو ثلاثة ملايين تشيلي، أي حوالى 20,44 بالمئة من 14,9 مليون ناخب دعوا إلى الإدلاء باصواتهم، حسب بيانات سلطة الانتخابات.

ويفترض أن يختار الناخبون 155 عضوا بعدد متساو من النساء والرجال، من أصل 1373 مرشحا. كما خصص 17 مقعدا للشعوب الأصلية العشرة في تشيلي.

وقررت السلطات التشيلية إجراء هذه الانتخابات على مدى يومين لتجنب انتشار فيروس كورونا وبعد تأجيل الاقتراع الذي كان مقررا أساسا في 11 نيسان/إبريل.

وقال الرئيس التشيلي المحافظ سيباستيان بينييرا بعد الإدلاء بصوته في العاصمة "آمل أن يصبح لدينا دستور يجسد روح بلادنا".

وسيحل هذا القانون الأساسي محل الدستور الذي أقر في 1980 في عهد النظام العسكري لأوغستو بينوشيه (1973-1990).

وقال كلاوديو فوينتيس الباحث في كلية العلوم السياسية في جامعة دييغو بورتاليس إن "هذه الانتخابات ستحدد الدستور الذي سيرشدنا خلال السنوات الأربعين أو الخمسين المقبلة". وأضاف أن هذه الانتخابات هي "بالتأكيد" الأهم خلال 31 عاما من الديموقراطية، مشيرا إلى أن "الرهان يتعلق بتشيلي جديدة".

وكانت إعادة كتابة الدستور أحد المطالب المنبثقة عن أكبر انتفاضة اجتماعية شهدتها البلاد في العقود الأخيرة وبدأت في تشرين الأول/أكتوبر 2019 للمطالبة بمجتمع أكثر مساواة.

ينظر إلى هذا التغيير للقانون الأساسي الحالي الذي يحد بشدة من عمل الدولة ويعزز النشاط الخاص في جميع القطاعات بما في ذلك التعليم والصحة وأنظمة التقاعد، على أنه يزيل عقبة أساسية أمام إصلاحات اجتماعية عميقة في بلد يعاني تفاوتا اجتماعيا هو الأكبر بين دول أميركا اللاتينية.

وتفيد استطلاعات للرأي أن أكثر من ستين بالمئة من السكان يرون أن هذا الدستور أرسى نظاما تستفيد منه قلة مختارة.

وقالت الموظفة كارميلا أوركويزا (62 عاما) التي تعيش في العاصمة سانتياغو لوكالة فرانس برس "يبدو الأمر كأننا بدأنا فعلا التخلص من +بينوكيو+ (اللقب الذي يطلقه منتقدو بينوشيه عليه) وظله وإرثه.. كل شيئ".

ورأى مارسيلو ميلا أستاذ العلوم السياسية في جامعة سانتياغو في تصريح لفرانس برس أن "لدى تشيلي فرصة لتحقيق انتقالها (السياسي) الثاني"، موضحا أن "الأمر استغرق ثلاثة عقود بسبب الميل بشدة إلى إبقاء الوضع القائم لنظام الأحزاب" التقليدية.

ويفترض أن تتم صياغة الدستور الجديد خلال تسعة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة فقط لمدة ثلاثة أشهر إضافية. ويفترض أن تتم الموافقة عليه أو رفضه في 2022 في استفتاء التصويت فيه إلزامي.

ويشمل الاقتراع أيضا انتخابات محلية لاختيار رؤساء واعضاء بلديات، وللمرة الأولى حكام مناطق في تشيلي التي تعد من الدول القليلة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي لم يكن لديها سلطات منتخبة للمناطق.

يرى محللون في هذا الاقتراع اختبارا حاسما قبل الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في تشرين الثاني/نوفمبر.

وهذه العملية الانتخابية هي الأولى في العالم لاختيار جمعية تأسيسية على أساس المساواة بين عدد الرجال والنساء.

والتقديرات المتعلقة بالقوى السياسية التي ستشكل الجمعية التأسيسية غير واضحة، لكن الصعوبة التي يواجهها المرشحون المستقلون في التعريف بأنفسهم ستصب على الأرجح في مصلحة الأحزاب التقليدية.

وتنوي المعارضة اليسارية الموزعة في 69 من سبعين لائحة متنافسة، اقتراح نموذج جديد للبلاد، مع ضمان مختلف الحقوق الاجتماعية مثل التعليم أو الصحة أو الإسكان.

أما مرشحو اليمين في السلطة المجتمعون في قائمة واحدة كبيرة متحالفة مع اليمين المتطرف، فيدافعون عن النظام الحالي الذي يرون أنه عزز النمو الاقتصادي للبلاد.