إيلاف من أصيلة: أظهرت الندوة الثالثة "منتدى أصيلة الـ44"حول موضوع "التفكك الجيو سياسي والمناخ والهجرة والأمن الغذائي: الجنوب الجديد وعلاقاته مع أوروبا"، التي نظمت بتعاون مع مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، أن التغيرات المناخية والأمن الغذائي والهجرة، تفرض، اليوم، استكشاف السبل الممكنة للتعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول الجنوب.


جانب من الندوة الثالثة لمنتدى اصيلة

وأظهرت مداخلات الخبراء والباحثين المشاركين، من الجيل الشاب، أن القضايا التي تثيرها الندوة تستدعي مقاربات جديدة وشراكات قائمة على الاحترام المتبادل، بشكل يوفر فرصة تحقيق حكامة عالمية عادلة، متوازنة ومنصفة للجميع.

وقال حمزة مجاهد، المتخصص في العلاقات الدولية بمركز سياسات الجنوب الجديد بالمغرب، إن المستجدات والأزمات الأخيرة التي يشهدها العالم جعلت إفريقيا في قلب النقاش حول التغيرات المناخية، بعد أن كانت وضعتها على الهامش في كل ما يتعلق بتدابير مواجهة هذه التغيرات.

جانب من الندوة

وركز مجاهد حديثه على علاقات أوروبا بالمغرب وإفريقيا، مشيرا إلى أن الحوار بين الجانبين حول التغيرات المناخية فيه كثير من سوء الفهم.
وبسط، في هذ السياق، جملة ملاحظات ، قال فيها إن إفريقيا كانت على الدوام على هامش المخططات الدولية المتعلقة بالمناخ والطاقة.
ورأى مجاهد أن تحولات الأمن الطاقي، مع الحرب الجارية في اوكرانيا وقطع بلدان أوروبا صلتها بالطاقة الروسية، فرض فتح نقاش حول الطاقات المتجددة وغيرها، لتعويض تلك الإمدادات.

وقال مجاهد إن علاقة الاتحاد الأوروبي بإفريقيا،مشيرا الى أن هذه الأخيرة تعيش مشاكل على مستوى تدبير السياسات العمومية. وأعطى مثالا لذلك بالنيجر التي تنتج اليورانيوم، لكنها تعاني على مستوى توفير الكهرباء لأغلبية سكانها.

حمزة مجاهد

ورأى مجاهد أنه بإمكان إفريقيا بلوغ هدف الحصول على مزيد من التمويلات لمواجهة التغيرات المناخية، وكذا مواجهة عدد من الإشكالات الملحة في غياب سياسات عمومية ناجعة وحوكمة جيدة.

وقالت أمال الوصيف، المتخصصة في العلاقات الدولية بمركز سياسات الجنوب الجديد بالمغرب، إن التغيرات المناخية في علاقة بالهجرة وموجاتها مستقبلا، ستكون لها أبعاد متعددة، مع تشديدها على أن الواقع يعبر عن نفسه في كل ما يتعلق بالتغيرات المناخية التي صار لها تأثير على حياة الناس، في وقت تدفع فيه الكثيرين إلى ترك مواطنهم، نحو أخرى، بفعل فترات الجفاف الاستثنائية.

أمل الوصيف

وقالت الوصيف إن الدراسات والأبحاث المنجزة تبين أنه لا يمكن تعميم التأثير المسجل على كل إفريقيا، مادام أن كل سياق يختلف عن الآخر، كما أن المعيش في هذه الجهة من القارة يختلف عن مثيله في منطقة أخرى.

وانتقدت الوصيف المقاربة الأمنية التي تتعاطى بها أوروبا مع مسألة الهجرة،مشيرة إلى أن الإشكال يبقى في طبيعة

مؤهلات المهاجرين وليس في الهجرة، وبالتالي في معايير الهجرة التي تضعها أوروبا، مجسدة في مخططات استقطاب الأدمغة، مقابل غلق الباب أمام من لا يمتلك مؤهلات خاصة.وهو ما يعني أن ما يطرح إشكالا بالنسبة لأوروبا، ليس مصدر الهجرة بل مواصفات ومؤهلات المهاجرين. كما تحدثت عن عدم تماسك الخطاب الأوروبي بخصوص الهجرة، حيث أنها لا تتحدث بنفس الخطاب.

ورأت الوصيف أن الإشكال المتعلق بالتوجه الأمني في ما يتعلق بمسألة الهجرة قد تفاقم أكثر بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، إذ صارت ًالهجرة مرادفا للإرهاب.

وأكدت الوصيف على الحاجة إلى تعاون مثمر وشراكة رابح – رابح بين إفريقيا والاتحاد الأوروبي، قبل أن تتحدث عن غياب طريقة موحدة في التعامل مع الهجرة على المستوى الإفريقي، مستحضرة الجهد الذي يقوم به المغرب، لجعل الهجرة رافعة للتنمية المشتركة وركيزة من ركائز التعاون بين بلدان الجنوب.

من جانبه، تحدث أحمد أوحنيني، الخبير الاقتصادي بمركز سياسات الجنوب الجديد بالرباط، عن تعدد في الظواهر المناخية، سمته إطالة في أمد الجفاف وارتفاع في موجات الحرارة، بشكل أثر على الأمن الغذائي في عدد من بلدان الجنوب.

أحمد أوحنيني

وقدم أوحنيني معطيات حول الأمن الغذائي في العالم، مسجلا التفاوت الحاصل بين المناطق، قبل أن يرسم صورة قاتمة لمسألة الغذاء في إفريقيا، التي قال إن نسبة كبيرة من سكانها تعاني من سوء التغذية، مشيرا إلى أن التغيرات المناخية ليست السبب الرئيسي لإشكالية الأمن الغذائي عالميا،مشيرا إلى تعدد في الأزمات والحروب التي تؤثر في الاقتصاد العالمي، بشكل يؤثر في الأمن الغذائي، وهو ما يعني أن التغيرات المناخية هي عامل مفاقم لحالة الأمن الغذائي.

كما أشار أوحنيني إلى أن الحرب في اوكرانيا كان لها تأثير سلبي بالنسبة للأمن الغذائي، فضلا عن الأزمة الصحية العالمية المرتبطة بكوفيد 19. كما شدد على أن كل هذه العوامل مجتمعة هي ما يؤدي إلى هشاشة الساكنة.

جانب من الحضور ضمنهم نبيل يعقوب الحمر مستشار ملك البحرين ومحمد بن عيسى امين عام منتدى اصيلة

وبخصوص تأثير الأزمة الأوكرانية، أشار أوحنيني إلى تداعياتها على مستوى إمدادات القمح. ورأى أن هذه الأزمة أظهرت هشاشة التجارة العالمية، كما طرحت مشكلا على الدول التي تعتمد على واردات القمح، كما طرحت مشكلا على أوكرانيا التي اعتادت أن توجه إنتاجها للتصدير، وليس لتلبية احتياجاتها المحلية، فقط.